كيف تغيّر الغارات الإسرائيلية هوية ضاحية بيروت؟

بعد مقتل زعيم حزب الله، حسن نصرالله، في غارة إسرائيلية ضخمة على حارة حريك، سادت حالة من عدم الثقة بين سكان الضاحية، خاصة بعدما اضطر الكثير من السكان ترك منازلهم على عجل والفرار بحياتهم.

بعض الشباب من أبناء المنطقة شكلوا شيئا أشبه باللجان الشعبية لتفقد الأمن في الضاحية من على درجاتهم النارية التي يمكنها النفاد بين حطام المنازل المهدمة، أو مترجلين.

مهمة اللجان الشعبية هي التأكد من أن سكان المنطقة عادوا لتفقد منازلهم وأخذ احتياجاتهم بالفعل، حيث أن يمكن للصوص الازدهار في مثل هذه الأوقات، التي تُركت خلالها منازل عدة دون قاطنيها، وفي غياب الأمن.

واضطر محمد البالغ ٣٢ عاما للعودة إلى الضاحية لأخذ ملابسه من منزله، إذ أنه لن يستطيع شراء ملابس أخرى جديدة بعد نزوحه في ظل الظروف الراهنة، وبسبب استمرار ارتفاع الأسعار.

ويقول محمد الذي تحفظ على ذكر اسمه الكامل: "طلب مني بعض الشباب ألا أتأخر كثيرا لأن المسيرات تحلق فوقنا باستمرار ويمكنها أن تقصف في أي لحظة".

وحاول محمد التقاط بعض الملابس من منزله ثم ترك المنطقة والضاحية بالكامل واللحاق بأسرته في منطقة أكثر أمانا بالعاصمة بيروت، بينما بقيت اللجان الشعبية تتفقد المارة.

ترى منى فواز مدير البحوث في مختبر المدن ببيروت التابع للحكومة الأميركية أن إسرائيل تدمر كل سبل الحياة في الضاحية حتى تمنع عودة النازحين إلى بيوتهم مرة أخرى.

وتضيف فوزا: "الطائرات الإسرائيلية تتعمد استهداف كل ما يسمح للحياة باستمرار من خدمات، وليس فقط البنية التحتية لحزب الله، وعلى نطاق جغرافي أوسع مما كانت عليه حرب ٢٠٠٦".

ودمرت إسرائيل الطرق العامة، وفجرت أنابيب المياه وشبكات الصرف الصحي وقطعت الأسلاك الكهربائية ومراكز خطوط الهاتف الأرضي والإنترنت والمحمول، والكثير من مثل هذه الأشياء الضرورية للحياة.

وقالت أستاذة الدراسات والسياسات المدنية في حديث لوكالة "فرانس برس" إن حرب ٢٠٠٦ خلّفت ١٣٣٢ مبنى متضررا بصورة جسيمة، وسوى ٢٨١ بالأرض، ما أسفر عن نزوح ١٠٠ ألف شخص، مضيفة :"ما يحدث الآن تخطى ما حدث في ٢٠٠٦".

وابتلعت الغارات الإسرائيلية التي قتلت نصرالله أبنية بأكملها في منطقة حارة حريك، وتصدعت الأبنية المجاورة بشكل لا يخول سكانها العودة إليها، فضلا عن دمار البنية التحتية والطرق.

وعلى وقع الغارات الإسرائيلية نزح غالبية سكان الضاحية المقدر عددهم بين ٦٠٠ ألف إلى ٨٠٠ ألف إلى مناطق أخرى، باستثناء جنوب البلاد وشرقها نظرا لاستهداف المنطقتين من المقاتلات الإسرائيلية الحربية.

واضطر النازحين للعيش في مراكز إيواء مؤقته أو في شقق مستأجرة لمن استطاع منهم أن يدفع كُلفة الإيجار، واتجه البعض إلى منازل وشقق جيرانهم للعيش فيها.

يقول حسن البالغ ٣٧ عاما الذي نزح بعيدا عن ضاحية بيروت، إنه يخاف من العودة حتى بعد انتهاء الحرب، نظرا للرعب المتمثل في خسارة كل شيء، مضيفا: "كم خسرنا من أصدقاء على غرار ٢٠٠٦".

ويضيف حسن: "كان لدينا الكثير من الأصدقاء وألعاب الأطفال، رائحة الخبز كانت سمة مميزة نشمها كل يوم، ويتبادل الجيران التحية في سلام، لكن ذهب كل شيء".

وأبدى حسن حزنه بسبب الدمار الذي لحق بالمدارس والمحال والأبنية والمتاجر التي كان يعتمد عليها كعلامة بارزة لوصف مكان مسكنه.