مصالحات واتفاقيات غاز.. كيف يستعد الكبار لـ"موجة ترامب"؟

قبل وصول ترامب للحكم، عملت الصين بخطى حثيثة لتعزيز تحالفاتها وإصلاح علاقاتها مع منافسيها والاستمرار في الجلوس على مائدة الحوار مع الاتحاد الأوروبي في ظل فرض الاتحاد تعريفات جمركية على سيارات بكين الكهربائية.

فأصلحت الصين الآتي:

• أنهت الصين مواجهة عسكرية استمرت 4 سنوات مع الهند على حدودهما المتنازع عليها.
• حلت أزمة استمرت عامين مع اليابان بشأن تصريف المياه المشعة من محطة فوكوشيما النووية في أغسطس.
• زار رئيس الوزراء لي تشيانغ أستراليا، وهي أول زيارة من نوعها منذ سبع سنوات في يونيو.
• حضر الرئيس الصيني ورئيس وزرائه قمتين منفصلتين لمجموعة بريكس، التي تمثل الآن 35% من الاقتصاد العالمي، ومنظمة شنغهاي للتعاون التي تضم 10 دول.

واستطاعت الصين خلال فترة ترامب الأولى الحصول على حرية أكبر من العمل في أفريقيا وأميركا اللاتينية وجنوب شرق آسيا مع عدم اهتمام واشنطن في هذه الفترة بهذه المناطق بحسب إريك أولاندر، رئيس تحرير مشروع الصين-الجنوب العالمي لرويترز.

أما التكنولوجيا، التي تعد أحد أركان المعركة التجارية بين ترامب والصين، فقد خططت لها الصين منذ سنوات، ففي الفترة الأولى حظرت واشنطن صادرات التكنولوجيا ليحث شي جين بينغ على الاعتماد على الذات في العلوم والتكنولوجيا، لتبدأ تطورا كبيرا في الذكاء الاصطناعي والفضاء ومجالات أخرى حاسمة.

وحينما بدأت الصين هذا التطور قبل ٨ سنوات، كانت بكين لا تملك سوى 4 مشاريع شراء حكومية بقيمة تزيد عن 1.4 مليون دولار، لتحل محل الأجهزة والبرمجيات الأجنبية ببدائل محلية، لتصل هذا العام إلى 169 مشروعا بحسب رويترز.

لكن رغم ذلك تواجه الصين وشركاتها المتخصصة في صناعة الشرائح تضييقا، إذ لا يمكنها تزويد العملاء العالميين ولا الوصول إلى أحدث الشرائح، بحسب وينستون ما، المدير التنفيذي السابق لصندوق الاستثمار الصيني (CIC) في حديثه لرويترز.

وعد ترامب خلال حملته الانتخابية بفرض رسوم على الواردات القادمة من الاتحاد الأوروبي للتصدي للفوائض التجارية القادمة منه.

ومن أجل ذلك، بدأ الاتحاد الأوروبي تحركات لعقد صفقة مع ترامب، فأعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، اقتراحها على الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، تزويد الاتحاد الأوروبي بالغاز الأميركي المسال ليحل محل الغاز الروسي.

وأكدت رئيسة المفوضية عندما سُئلت عن الكيفية التي تنوي فيها إدارة العلاقة التجارية مع دونالد ترامب الذي أجرت معه أول اتصال هاتفي الخميس: "لدينا مصالح مشتركة، ومن ثم يجب الدخول في مفاوضات".

وأضافت "المصالح المشتركة هي، على سبيل المثال، هذا أحد المواضيع التي تطرقنا إليها، ولن أقول ناقشناها، موضوع الغاز الطبيعي المسال بأكمله".

وأوردت فون دير لاين أن أوروبا لا تزال تتلقى "الكثير من الغاز الطبيعي المسال عبر روسيا"، مضيفة "لماذا لا نستبدله بالغاز الطبيعي المسال الأميركي، وهو أرخص بالنسبة إلينا ويخفض أسعار الطاقة لدينا"، بحسب فرانس برس.

وزاد الاتحاد الأوروبي مشترياته من الغاز الطبيعي المسال الأميركي بشكل كبير منذ حرب أوكرانيا في فبراير 2022، لكنه فشل في قطع رابط الطاقة مع موسكو بشكل كامل.

وانخفضت حصة الغاز الروسي إلى الاتحاد الأوروبي من أكثر من 40% في عام 2021 إلى نحو 8% في عام 2023. وبالنسبة للغاز عبر خطوط الأنابيب والغاز الطبيعي المسال مجتمعين، شكلت روسيا أقل من 15% من إجمالي واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز، بحسب الموقع الرسمي للاتحاد.

ومع تهديد ترامب للناتو بالتخلي عن الدول التي لا تسهم بإنفاق ٢٪ من الناتج القومي على الدفاع من الضمان الأمني الأميركي، بحسب مجلة بوليتيكو.

ويشير معهد إيفو الاقتصادي الألماني إلى أن الدول الأوروبية يتعين عليها إنفاق أكثر من 2% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع لتصبح قادرة على الدفاع عن نفسها من دون مظلة الحماية الأميركية.

وأعرب فلوريان دورن الباحث في المعهد الذي يقع مقره في مدينة ميونيخ جنوبي ألمانيا، عن اعتقاده بأن حاجة الدول الأوروبية لتعويض ما فاتها في مجال الدفاع، هائلة، وأضاف: "بما أن ألمانيا فشلت باستمرار على مدار العقود الـ3 الأخيرة في تحقيق هدف الـ2% الذي حدده حلف الناتو، فإن هناك حاليا فجوة تبلغ نحو 230 مليار يورو في الاستثمارات الدفاعية اللازمة"، بحسب أسوشيتد برس.

في أكتوبر 2024، وبصورة استباقية لوصول ترامب للبيت الأبيض من جديد، توصلت كوريا الجنوبية والولايات المتحدة إلى اتفاقية حول تكاليف الدفاع لمدة 5 سنوات، ستزيد بموجبها سيول نفقاتها الدفاعية بنسبة 8.3% لتصل إلى 1.19 مليار دولار أميركي في عام 2026، تزيد سنويا بما يتماشى مع ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك، بحسب وكالة يونهاب.

لكن هذه الزيادة لم تعجب ترامب، إذ أشار إلى أن الحليف الآسيوي يجب أن يدفع 10 مليارات دولار، واصفا كوريا الجنوبية بأنها "آلة نقود"، بحسب حديثه لوكالة بلومبرغ.

وفي هذا الصدد، قد يستخدم ترامب "اتفاقية التدابير الخاصة"، كذريعة لتقليص التدريبات العسكرية بين سيول وواشنطن أو مشاركة كوريا الجنوبية بحصة أكبر في النفقات الدفاعية لنشر الأصول الاستراتيجية الأميركية في كوريا الجنوبية، بحسب بارك وون غون، الأستاذ في جامعة إيهوا، الذي يشير في تصريحات لوكالة يونهاب إلى أن ترامب ربما يعيد ضبط دور الجيش الأميركي في كوريا الجنوبية.

لكن في الوقت نفسه، يقول بارك إن ترامب لن يتراجع عن اتفاق منتجع كامب ديفيد بين سلفه جو بايدن ونظيره الكوري الجنوبي يون سوك يول ورئيس الوزراء الياباني حينها فوميو كيشيدا، في أغسطس 2023.