سياسة
كيف يمكن أن يؤثر تغير المناخ على تفاقم أزمة النزوح العالمي؟ سؤال يجيب عليه تقرير حديث صدر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يسلط الضوء فيه على تزايد تأثير الظواهر المناخية الحادة مثل الجفاف والفيضانات وارتفاع درجات الحرارة على ارتفاع أعداد النازحين حول العالم.
فيليبو غراندي، المفوض السامي لشؤون اللاجئين، يشير إلى أن الأشخاص النازحين هم الآن على "الخطوط الأمامية" لأزمة تغير المناخ، إذ يتعرضون لمزيد من المخاطر بسبب الأحداث المناخية . ويضيف غراندي، "ارتفاع درجات الحرارة وأحداث الطقس المتكررة والتهديدات المستمرة تشكل طوارئ إنسانية مقلقة".
بحسب التقرير، يعيش 75% من النازحين حاليا في بلدان تعاني من مخاطر مناخية حادة. ومن المتوقع أن تستمر هذه الأعداد في الارتفاع مع تزايد شدة وسرعة التغير المناخي. وفي يونيو الماضي، قدرت المفوضية أن عدد النازحين وصل إلى رقم قياسي يبلغ 120 مليون شخص، معظمهم من النازحين الداخليين الذين فروا من أماكن الحروب والصراعات.
جاء في التقرير أن الأزمات المناخية كما في السودان والصومال وبورما تتفاعل مع النزاعات في تلك البلدان، مما يزيد من خطورة الأوضاع على الأشخاص المعرضين للخطر، ويدفعهم إلى ظروف أكثر هشاشة وخطورة. وقد دفعت الكوارث المرتبطة بالمناخ 220 مليون شخص للنزوح داخل بلدانهم خلال العقد الماضي وحده، ما يعادل 60 ألف حالة نزوح يوميا.
في هذا السياق، يقول أندرو هاربر، المستشار الخاص للمفوضية المعني بتغير المناخ، "نشهد نزوحا متزايدا ومواردنا غير كافية لتقديم الدعم اللازم للمجتمعات المستضيفة والنازحين"، مشيرا إلى وضع "أشبه بالجحيم يزداد سوءا" يوما بعد يوم.
بحلول عام 2040، يتوقع التقرير أن يرتفع عدد البلدان المعرّضة لمخاطر مناخية حادة من 3 إلى 65، مما يعني أن المزيد من الأشخاص سيجدون أنفسهم مجبرين على النزوح من مناطقهم. أما بحلول عام 2050، فقد تتضاعف أيام الحرارة العالية التي تشكل خطرا على سكان مخيمات اللاجئين، مما يزيد من المخاطر الصحية ويهدد الإنتاج الزراعي والثروة الحيوانية.
تتواجد معظم مخيمات اللاجئين في بلدان ذات دخل منخفض، وغالبا ما تقع في مناطق تعاني من الفيضانات أو الجفاف ولا تملك البنية التحتية اللازمة لمواجهة هذه التداعيات المناخية.
دعت المفوضية السامية صانعي السياسات المجتمعين في مؤتمر المناخ "كوب29" في باكو إلى تخصيص تمويل أكبر لدعم النازحين والمجتمعات المستضيفة. وتشير التقارير إلى أن الدول الأكثر هشاشة تحصل حاليا على نحو دولارين للفرد سنويا لدعم التأقلم مع التغير المناخي، مقارنة بـ161 دولارا للفرد في البلدان الأكثر ثراء.
يحذّر هاربر من أن غياب الاستثمارات اللازمة في تعزيز التأقلم مع التغير المناخي وتوفير السلام في هذه المجتمعات سيجعل من المستحيل تقريبا منع مزيد من حالات النزوح نحو البلدان الأقل تأثرا بالمناخ.
يرى هاربر، أنه "ما لم نستثمر في التأقلم وفي إحلال السلام، فسنجد أن أعداد النازحين ستواصل الارتفاع، لأن الناس لن يجدوا خياراً سوى الهروب بحثا عن الأمان".
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة