سياسة
.
تكشف خيارات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب للمسؤولين في ولايته الجديدة التي تبدأ يناير المُقبل، عن ملامح السنوات الأربع المُقبلة التي ستكون عليها الولايات المتحدة.
ويعمل ترامب على قدم وساق من أجل اختيار أعضاء حكومته الجديدة من وزراء ومسؤولين، لكن أغلب الذين اختارهم حتى الآن من المتشددين حيال بعض القضايا والملفات المهمة للغاية.
ترامب اختار المتشددين فقط لتنفيذ خطته في ولايته الأخيرة، إذ لن يتمكن من خوض الانتخابات في 2028 لفوزه بها بالفعل مرتين، وهذا قد يجعله غير مكترث للحسابات والأصوات التي سيخسرها إذا أقدم على بعض القرارات التي تغضب الشعب الأميركي.
ونجح ترامب في أن يختار لكل ملف، "عدو الملف نفسه" لإدارته، فمن هم "المتشددون الستة" الذين اختارهم الرئيس المُقبل للولايات المتحدة حتى الآن، وما هي أدوارهم؟
قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن ترامب سيعين سيناتور ولاية فلوريدا، ماركو روبيو، لمنصب وزير الخارجية، وفقا لما أكده 3 أشخاص مطلعين على خطط المُرشح الجمهوري الفائز بالانتخابات الرئاسية.
واشتهر روبيو بمواقفه المتشددة تماما في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وخاصة ضد الصين وإيران وفنزويلا، لتكثر التساؤلات حول موقفه الرسمي عندما يصبح الدبلوماسي الأعلى منصبا ومكانة في البلاد.
وانتخب روبيو لعضوية مجلس الشيوخ عام 2010، وبسبب مواقفه الصارمة حصل على لقب "صقر السياسة الخارجية"، بعدما اتخذ بالفعل مواقف صارمة ضد الصين وإيران وفنزويلا وكذلك كوبا.
ووجد روبيو نفسه على خلافات مع الكثير من الجمهوريين حول السياسة الخارجية للولايات المتحدة، لكنه اتفق وتلاقى مع ترامب مؤخرا في الكثير من الأمور وخاصة فيما يتعلق بروسيا وأوكرانيا.
وهاجم سيناتور ولاية فلوريدا إدارة الرئيس الحالي جو بايدن، وقال إنها تمول "الجمود" في أوكرانيا، مشيرا إلى ضرورة إعمال المنطق السليم في هذه الحرب.
وقال ماركو إن الصراع وصل إلى طريق مسدود بين روسيا وأوكرانيا، وأشار إلى أن الوقت قد حان بالفعل للتوصل إلى نتيجة وإنهاء هذا النزاع المسلح.
وكان وزير خارجية ترامب المستقبلي متشددا ضد روسيا أيضا في الماضي، لكنه من المتوقع أن يتراجع خطوات للخلف من أجل الضغط على أوكرانيا للتوصل إلى تسوية مع موسكو تماشيا مع سياسة ترامب.
مطالبات ماركو للإدارة الأميركية كانت ضرورة العمل "بعدوانية أكثر" ضد الصين، وتبنى بالفعل مواقف شهيرة ضد بكين، ودعا إلى سياسة صناعية تهدف إلى مساعدة أميركا على التنافس بشكل أفضل مع الاقتصاد الصيني.
سيناتور فلوريدا كان من رعاة مشروع قانون منع استيراد السلع الصينية في الكونغرس، واتهم بكين باستغلال العمالة من أقلية الإيغور في المصانع بشكل قسري، وهو القانون الذي وقع عليه بايدن لاحقا.
وفي عام 2019 كان له الدور الأبرز في إقناع ترامب عندما كان رئيسا للولايات المتحدة، بتبني سياسة عقوبات قاسية ضد فنزويلا، ورغم معاناة الفنزويليين من العقوبات، فشلت مساعي ماركو في الإطاحة بالرئيس اليساري نيكولاس مادورو.
لكن ماذا عن موقف روبيو من إسرائيل؟
لقد حمّل سيناتور فلوريدا حماس المسؤولية بنسبة 100% عما حدث منذ بدء الحرب الحالية، ودعّم تل أبيب بصورة كاملة للقيام بعملياتها العسكرية في غزة.
قدمت النائبة الجمهورية إليز ستيفانيك دعما كبيرا لترامب خلال فترة حملته الانتخابية، وكانت من أشرس المدافعين عنه عندما تعرض للمحاكمة مرتين من قبل، لتنال الجائزة في النهاية.
وذكرت شبكة "سي إن إن" أن ترامب عرض منصب سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة على ستيفانيك، لكن إليز لم تُعلق بعد.
ومثلت ستيفانيك منطقة شمال نيويورك في مجلس النواب، وهي عضوة في قيادة الحزب الجمهوري في المجلس، ومن أبرز المؤيدين والداعمين لترامب.
لكن ستيفانيك البالغة 40 عاما، اشتهرت كذلك بمواقفها المتشددة للغاية ضد الفلسطينيين، ودعمها المُطلق لإسرائيل، وكان لها دور بارز في جلسات الاستماع في الكونغرس التي أدت إلى استقالة العديد من رؤساء الجامعات بسبب تعاملهم مع الاضطرابات في الحرم الجامعي في أعقاب الحرب الإسرائيلية على غزة.
ونصبت إليز نفسها مدافعة شرسة عن إسرائيل، وأصدرت بيانا عبر موقعها الرسمي في سبتمبر الماضي، اتهمت خلاله الأمم المتحدة بمعاداة السامية بسبب قراراتها ضد إسرائيل.
وقالت ستيفانيك إن "الأمم المتحدة تكافئ الإرهابيين المدعومين من إيران، وتعادي السامية بشكل كامل، بمعاقبة إسرائيل على الدفاع عن نفسها".
ولتنفيذ وعوده الانتخابية بإنهاء أزمة المهاجرين غير الشرعيين، استعان ترامب بأحد أكثر المتشددين في الولايات المتحدة على الإطلاق ضد المهاجرين، توم هومان، المدير السابق لإنفاذ قوانين الهجرة، ليشغل منصب "قيصر الحدود" في أميركا.
وأعلن ترامب عبر منصة "تروث سوشيال" تعيين هومان في منصبه الجديد ليكون مسؤولا عن الحدود الشمالية والجنوبية والبحرية شرقا وغربا.
وفي مقابلة مع شبكة "سي بي إس" قال هومان في شهر أكتوبر الماضي إن لديه طريقة لتنفيذ عمليات ترحيل جماعي للمهاجرين غير الشرعيين من الولايات المتحدة، تمكنه من ترحيل العائلات معا.
وعمل هومان في مؤسسة هيريتيج المحافظة، وكان أحد المساهمين في "مشروع 2025" اليميني المحافظ، كما عمل رئيسا ومديرا تنفيذيا لمؤسسة "حدود 911"، وهي مجموعة غير ربحية تحذر من التهديد المفترض الذي يشكله المهاجرون غير المسجلين.
ويتبنى هومان سياسة "عدم التسامح" ضد المهاجرين غير النظاميين، التي تنتهجها إدارة ترامب، ولا يأبه كثيرا بمصير المهاجرين بعد الخروج من الولايات المتحدة، أو مدى تأثر البلاد اقتصاديا بهذه الخطوة.
قيصر الحدود قال في وقت سابق إنه سيعمل بأكبر قوة لديه على أوسع عملية ترحيل للمهاجرين غير الشرعيين في تاريخ الولايات المتحدة، قبل أن يفوز بمنصب ترامب الجديد.
قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن ترامب طلب من النائب مايك والتز الذي يُعد من قدامى المحاربين في القوات الخاصة الأميركية، أن يكون مستشاره للأمن القومي في البيت الأبيض.
واشتهر والتز بالتشدد في التعامل مع الصين، ما سينعكس على عمله كمستشار للأمن القومي، خاصة أنه سيتولى منصبه الجديد وسط صراعات اقتصادية مع بكين.
وسيكون أمام والتز العديد من الملفات التي عليه أن يحسمها مع ترامب، وأبرزها الحرب بين روسيا وأوكرانيا، والتصعيد المستمر في منطقة الشرق الأوسط.
وكان والتز من أبرز المؤيدين لترامب خلال حملته الانتخابية في ولاية فلوريدا، كما أنه ينتمي إلى سياسة "عدم التسامح" ضد المهاجرين غير الشرعيين، ويتخذ مواقف متشددة ضدهم.
ويتشكك النائب والتز كذلك في ضرورة الدعم الأميركي المُقدم إلى أوكرانيا في حربها مع روسيا، إذ كتب في مقال رأي لموقع "فوكس نيوز" العام الماضي: "عصر الشيك الأبيض الذي منحه الكونغرس لأوكرانيا قد انتهى"، مطالبا بوقف المساعدات لكييف.
واتخذ والتز موقفا صارما ضد الناتو، مؤكدا أن أميركا لا يمكن أن تتحمل بمفردها أعباء إيقاف روسيا، خاصة أن أوروبا عليها أن تدعم بشكل أكبر، قبل أن تدخل في صراع مع روسيا.
وينضم والتز خلال عمله بالكونغرس ضمن فريق عمل مجلس النواب المعني بالملف الصيني، الذي ينسق بشأن كيفية تنافس الولايات المتحدة مع بكين على جميع المستويات.
وعمل مستشار الأمن القومي المحتمل في إدارة ترامب الجديدة، لمدة 27 عاما في الجيش الأميركي والحرس الوطني، وتقاعد خلال ولايته الثانية في الكونغرس، بعد حصوله على رتبة ملازم، وكان ضمن القوات الخاصة "النخبة"، وعمل في جميع أنحاء العالم كضابط عمليات خاصة، وخاض العديد من الجولات القتالية في أفغانستان والشرق الأوسط وأفريقيا، وحصل على نجمتين للشجاعة.
وشغل والتز عدة مناصب في البيت الأبيض، من بينها مدير سياسة الدفاع لوزيري الدفاع دونالد رامسفيلد وروبرت جيتس، وعملت زوجته جوليا نيشيوات التي كانت زميلته في القتال، في العديد من الإدارات الرئاسية السابقة، كمستشارة للأمن الداخلي خلال ولاية ترامب الأولى.
كشفت شبكة "سي إن إن" عن اقتراب إعلان ترامب تعيين ستيفن ميلر مستشاره الأعلى لشؤون الهجرة، ليتولى منصب نائب رئيس موظفي البيت الأبيض للشؤون السياسية.
وعمل ميلر من قبل مستشارا أول مع ترامب، وكان يكتب خطاباته السياسية خلال فترة إدارته الأولى من 2016 إلى 2020، وهو من أبرز المؤيدين لسياسة عدم التسامح ضد الهجرة.
ويتشدد ميلر في مسألة الهجرة، ويسعى لوضع المزيد من التقييد للحد من انتشار ظاهرة المهاجرين غير النظاميين في الولايات المتحدة، وسيكون بإمكانه توصيل رغباته وخططه ضد المهاجرين عندما يصبح أحد أكبر المسؤولين في ولاية ترامب الجديدة.
ويُعتبر ميلر المهندس الرئيسي لخطة ترامب من أجل ترحيل ملايين المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة إلى خارج البلاد بشكل جماعي لأول مرة في التاريخ.
وقال ميلر بالفعل إن إدارة ترامب ستعمل على زيادة عمليات الترحيل إلى 10 أضعاف ما هي عليه الآن، لتصل إلى مليون شخص سنويا، وفي مقابلة مع "فوكس نيوز" الأسبوع الماضي، قال ستيفن إنه متحمس لبدء عمليات الترحيل الجماعي في أقرب وقت.
ويبدو أن ميلر لن ينتظر كثيرا لتنفيذ خطته المتشددة ضد المهاجرين، إذ قال إنها ستبدأ مباشرة في يوم تنصيب ترامب رئيسا للولايات المتحدة في يناير.
مواقف ميلر ضد المهاجرين شملت دعوات خلال فترة ترامب الأولى بفصل الأطفال في مرافق احتجاز المهاجرين، وحظر السفر الذي يستهدف الأشخاص من البلدان ذات الأغلبية المسلمة.
وفي مقابلة العام الماضي مع صحيفة "نيويورك تايمز" قال ميلر إن ترامب سيجعل الجيش الأميركي يبني مراكز احتجاز لإيواء المهاجرين الذين يُعتقلون قبل ترحيلهم، وأشار إلى أن المعسكرات الجديدة ستكون في أماكن مفتوحة بولاية تكساس قرب الحدود.
يستعد ترامب للإعلان عن تولي حاكمة ولاية داكوتا الجنوبية كريستي نويم منصب وزيرة الأمن الداخلي في الولايات المتحدة خلال ولايته الجديدة بحسب شبكة "سي إن إن".
وعُرفت كذلك كريستي كشخصية متشددة وصارمة، إذ قالت في كتاب لها من قبل إنها اضطرت ذات مرة إلى قتل كلبها بسبب افتعال الفوضى وعدم تنفيذ تعليمات الصيد.
وروت كريستي في كتابها الذي نشرت "ذا غارديان" أجزاء منه، قصة قتلها لكلبها، حيث بدأت بفشله في عملية الصيد وإثارة الفوضى، ثم قتل دجاجات أسرة محلية توقفت للحديث معهم، وكلفها ذلك دفع الثمن لهم.
واضطرت حاكمة داكوتا كما قالت في كتابها إلى اصطحاب الكلب عند حفرة، وتوجيه طلقات نارية عليه لقتله تماما، وقالت إن هذا كان خيارها الوحيد بعد أن أصبح يتصرف كقاتل مُدرب.
ويأتي اختيار ترامب لقاتلة كلبها، من أجل تنفيذ سياسته الصارمة ضد المهاجرين ولتكمل "مثلث الرعب" مع توم هومان وستيفن ميلر أشهر المتشددين في مجال الهجرة.
ويسعى ترامب لأن يضع في وزارة الداخلية شخصا مواليا له، لينفذ أجندته المحلية ضد المهاجرين غير الشرعيين دون تذمر أو اعتراضات، مهما بلغ الأمر.
وستكون مهمة حاكمة داكوتا الإشراف على وزارة مترامية الأطراف في كل أنحاء الولايات المتحدة، بداية من الجمارك وحماية الحدود وإنفاذ قوانين الهجرة، وكذلك وكالة إدارة الطوارئ الفيدرالية والخدمة السرية الأميركية.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة