سياسة
.
من تعيين مذيع في فوكس نيوز وزيرا للدفاع لتعيين متشددين ضد الصين ومتشككين في مساعدة أوكرانيا في الحرب مع روسيا يجمعهم كلهم الولاء، تثور الانتقادات والتساؤلات حول من يختارهم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في ما يعتبره قادة في الجيش الأميركي "كابوسا".
في جانب متصل، يرى محللون أن ترامب يسعى من خلال هذه التعيينات إلى تغيير السياسة الخارجية الأميركية بصورة جذرية، من عامل للاستقرار العالمي منذ نهاية الحرب الباردة، إلى أجندة "أميركا أولا" التي تسحب واشنطن من دورها الذي يحظى بتوافق الجمهوريين والديمقراطيين على السواء.. فماذا يفعل ترامب في الخارج؟
في الإطار العام، تبتعد مقاربة ترامب بشكل كبير عن إجماع ما بعد الحرب الباردة، الذي كان يرى في الولايات المتحدة عاملا للاستقرار العالمي إذ تستخدم قوتها لتعزيز الديمقراطية وضمان الأمن حتى لو تطلب الأمر تضحيات مالية وعسكرية.
يضاف إلى ذلك عدم القدرة على التنبؤ بما يفعله وعدم الالتزام بالقواعد والأعراف التقليدية، ما يؤدي إلى إثارة موجة من التغيرات الجذرية في مناطق رئيسية، وهو ما قد يعيد تشكيل النظام العالمي كما نعرفه، بحسب روبرت هاملتون رئيس قسم أبحاث أوراسيا في معهد أبحاث السياسة الخارجية، ودان بيري رئيس تحرير وكالة أسوشيتد برس السابق في أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط في مقالهما على ذا هيل.
وخلال حملته الانتخابية عبّر ترامب مرارا عن استعداده لتنفيذ أجندته "أميركا أولا"، من خلال إنهاء الوجود الأميركي في الخارج وتخفيض أو تغيير العلاقات في المعاهدات التي يراها منحازة ضد مصالح واشنطن، وهو ما يعد خروجا عن النظرة العالمية التي كانت تتمتع بتوافق حزبي، بحسب كبير محللي الأمن القومي الأميركي في سي إن إن جيم سويتو.
ويمكن معرفة هذه الأجندة من خلال معهد أميركا أولا للسياسات الذي يوضح عبر موقعه النهج الذي ستكون عليه السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة، أو الركيزة السادسة في الأجندة، ويمكن تلخيصها في الآتي:
وقد اختار ترامب جون راتكليف رئيسا لوكالة المخابرات المركزية الأميركية، والذي يشغل منصب الرئيس المشارك لمركز الأمن الأميركي التابع للمعهد.
عين ترامب عددا من الأسماء المثيرة للجدل في إدارته كالآتي:
مذيع في فوكس نيوز ومدافع صريح عن ترامب، لكن تنقصه عقود من الخبرة الاستراتيجية لقيادة الجيش الأقوى في العالم، رغم تمتعه بسجل قتالي متميز.
متشدد في التعامل مع الصين ويتشكك في ضرورة الدعم الأميركي المُقدم إلى أوكرانيا في حربها مع روسيا ولديه موقف صارم ضد الناتو في ما يخص تقاسم أعباء إيقاف روسيا مع أوروبا.
معروف بمواقفه المتشددة ضد الصين وإيران، وتفرض عليه بكين عقوبات.
مدير الاستخبارات الوطنية المؤقت السابق، وواجه اتهامات سابقة بتسييس المخابرات لتعزيز فرص ترامب السياسية، وأحد قيادات مركز أميركا أولا للسياسات.
حاكمة ولاية داكوتا الجنوبية، ليس لديها خلفية مباشرة في مجال الحفاظ على أمان البلاد ككل، أو مكافحة الإرهاب، أو الأمن السيبراني، أو تطبيق قوانين الجمارك والحدود، لكنها مؤيدة قوية لترامب ومن أبرز الشخصيات في حركة "جعل أميركا عظيمة مرة أخرى" أو MAGA، بحسب CNN.
مرشح رئاسي سابق، مذيع في فوكس نيوز وحاكم ولاية أركنساس، والذي لا يعترف باسم الضفة الغربية، وهو ما وجه ضربة فورية للآمال المتلاشية في حل الدولتين.
شكل اختيار بيت هيغسيث وزيرا للدفاع صدمة بالنسبة للعسكريين الكبار السابقين والحاليين ممن عملوا في ولاية ترامب الأولى ومع بايدن أيضا.
ووصف أحدهم لمحلل شبكة سي إن إن، جيم سيوتو القرار أنه "سخيف" فيما وصفه آخر أنه "كابوس فعلا"، وفي هذا الصدد يشير سيوتو إلى أن انتقادات هؤلاء القادة تنبع من رؤيتهم أن ترامب، من خلال هذا التعيين وغيره من التعيينات العليا في مجال الأمن القومي، يقوم بتشكيل فريق لتنفيذ تغييرات ضخمة ودائمة في سياسة الولايات المتحدة الخارجية.
قال أحد الجنرالات المتقاعدين برتبة 4 نجوم إن التعيينات في إدارة البنتاغون أو العمليات الخاصة بفريق الأمن القومي لا تحوي أي خبرة خاصة، معربا عن أمله أن الأفكار الجديدة قد تحسن الأمور التي أصبحت قديمة جدا.
وأشار الجنرال إلى أن العامل المشترك بين هذه التعيينات هو الولاء، وأضاف "قد نجد أنفسنا مع عقل واحد يتحكم في العديد من الأيدي. ولم أؤمن قط أن عقلا واحدا، أي عقل، يمكنه القيام بذلك بشكل أفضل من تنوع الآراء".
ويدرس ترامب مشروع أمر تنفيذي لإنشاء "مجلس محاربين" من ضباط عسكريين متقاعدين يملك سلطة مراجعة ضباط الجيش من الرتب العليا، خاصة الجنرالات، والتوصية بإقالة أي ضابط يُعتبر غير كفء للقيادة بحسب ما ذكرت وول ستريت جورنال. وحال موافقته فإنه سيعطي إشعارا لجميع ضباط القيادة العسكرية العليا بأن إدارته تنوي إجراء تغييرات جذرية في صفوف القادة العسكريين الذين لا يتمتعون بصفات القيادة المطلوبة.
وقد أثار ترامب خلال حملته الانتخابية، مسألة طرد من يصفهم بـ"الجنرالات التقدميين"، وعلى رأسهم الرئيس الحالي لهيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي سي.كيو براون، إضافة إلى التخوف من استخدام الجيش في عمليات طرد المهاجرين.
ويرجح أن تستمر الاستراتيجية الدفاعية في التركيز على الصين، لكن كيفية انتهاء حربي الشرق الأوسط وأوكرانيا سيكون لها آثار على واشنطن، إضافة لتعهد ترامب باستخدام الجيش في عمليات الترحيل الجماعي قد لا يصرف الانتباه عن التهديدات الخطيرة في الخارج فحسب، بل يمكن أن يكون له تأثير مدمر على الجيش الأميركي وعلاقته مع الجمهور، بحسب ما ترى مارا كارلين مساعد وزير الدفاع السابق والزميلة بمعهد بروكنغز.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة