من التأجيل إلى التعجيل.. هوكشتاين يطير إلى "هدنة لبنان"

يكشف مصدر حكوميّ رسمي لبناني لبلينكس أن المسودة الأميركية بشأن وقف إطلاق النار تتضمّن 15 بندا وذلك خلافا لما قيل إنها تتضمن 13.

المصدر يوضح أن التسريبات التي تم الحديث عنها "عامة" في حين أن تفاصيل البنود "سرية" ولم يطلع عليها أحد سوى 3 جهات وهم بري وميقاتي وحزب الله، بينما تم تسريب بعض من فحواها.

مصادر بلينكس تفيد أن مسؤول الإعلام في حزب الله، محمد عفيف، الذي اغتالته إسرائيل، الأحد، بغارة جوية بمنطقة رأس النبع في بيروت، هو الذي كان يتولى نقل الرسائل إلى حزب الله بشأن التفاوض، وحتى الآن لم يتم اختيار مرجعية جديدة لتولي المسؤولية التي كان يؤديها عفيف.

وفي تصريح لبلينكس، يقول وزير الثقافة اللبناني محمد وسام المُرتضى الذي يمثل حركة أمل التي يرأسها بري، إنّ الموقف الرسمي واضح بشأن ما قدمه الأميركيون وأساس ذلك وقف تبادل إطلاق النار، والذهاب نحو تطبيق القرار 1701 الصادر عام 2006 والذي أنهى حرب لبنان وإسرائيل آنذاك.

من ناحية أخرى، يكشف مصدرٌ نيابي مقرّب من بري لبلينكس أن "البنود الأساسية ضمن المسودة تتبنى بشكل كامل تطبيق القرار 1701" الذي يشير إلى 3 أمور ثابتة وهي انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية ونشر وتعزيز وجود الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل في جنوب لبنان، وعدم وجود جماعات مسلحة في منطقة جنوب نهر الليطاني باستثناء الجيش اللبناني واليونيفيل.

المصدر يكشف أن الالتزام بالقرار 1701 ليس خلافيا بل هو أمر يُصر عليه الجانب اللبناني كما أن الأميركي يدعو إليه، مشيرا إلى أنّ إسرائيل كانت تطالب بحرية العمل ضد لبنان في حال رصدها أي انتهاك للقرار 1701، وهذا الأمر مرفوض تماما. ويضيف "في الأساس، فإن هذا البند غير مُدرج على الإطلاق ضمن المسودة الأميركية، وكل ما يُقال عكس ذلك هو كلام إعلامي".

بدوره، يقول المرتضى لبلينكس إنّ أي بند يمس بالسيادة اللبنانية مرفوض تماما، مشيرا إلى أن لبنان لن يسمح بإعطاء إسرائيل أي شرعية للتدخل وشن هجمات عليه.

إلى ذلك، يوضح الكاتب السياسي عارف العبد لبلينكس أن الكلام عن بند يمنح إسرائيل حرية الحركة في لبنان هو "محضُ شائعات"، مشيرا إلى أنه ليس بمقدور لبنان تقديم هذا الامتياز لإسرائيل لأن الأمر سيكون بمثابة استسلام وإذعان.

ويوم الإثنين، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن "إسرائيل تطالب بالحفاظ على حقها في شن عمليات عسكرية"، مبررا هذا الأمر بأنه وسيلة "لوقف أي محاولات لتعزيز قدرات حزب الله".

ما يثير التفاؤل حاليا هو قبول لبنان بمبدأ التزام المسودة الأميركية بالقرار 1701، لكن المرتضى يقول إن الجدل يتمحور في الوقت الراهن حول بند يرتبط بـ"لجنة المراقبة" التي ستتولى الإشراف على القرار الدولي.

حتى الآن، فإن لبنان وافق على أن تتضمن هذه اللجنة ممثلين عن الولايات المتحدة وفرنسا، لكن حزب الله رفض مشاركة ألمانيا وبريطانيا فيها.

من ناحيته، يقول الكاتب والمحلل السياسي اللبناني إبراهيم بيرم لبلينكس إن الحزب لا يريد مشاركة الألمان والبريطانيين لأن لديه مشكلة معهم ترتبط بمسائل استخباراتية وعسكرية.

أما المرتضى فيقول إن الكلام عن أن هذه اللجنة ستتولى مراقبة المرافق الحيوية التابعة للدولة اللبنانية من مطار ومرافئ وحدود برية مع سوريا هو "محض كلام".

كذلك، يكشف بيرم أن المسودة الأميركية والطروحات الأخيرة لم تتضمن أي بند ينصّ على "سحب سلاح حزب الله"، مشيرا إلى أن هذه المسألة ستُلقي بظلالها على الداخل اللبناني لاحقا، وقد تكون بمثابة "قنبلة موقوتة" أرادت إسرائيل تركها إلى فترة ما بعد الحرب باعتبار المسألة المرتبطة بها "جدلية جدا".

يوضح بيرم أنه ليس بمقدور الحزب رفض المسودة الحالية بل عليه التجاوب معها، مشيرا إلى أن التطور الأبرز هذه المرة على صعيد المفاوضات هو أن هناك طروحات مكتوبة وليس نظرية كما كان يحصل سابقا، مضيفا "الورقة الأميركية الحالية هي أفضل ورقة تُقدّم حتى الآن، ويجب أن يتمسك لبنان بها".

على صعيد آخر، يقول العبد إن "حزب الله" خسر الكثير خلال الحرب الحالية، مشيرا إلى أن الأساس الذي يُحكى عنه هو تطبيق القرار 1701 في حين أن الحزب تحايل طيلة السنوات الماضية على هذا القرار والدليل هو البنى التحتية التي أسسها عند الحدود في جنوب لبنان.

يشير العبد إلى أن النقطة المتعلقة بإبعاد حزب الله عن الحدود مع إسرائيل قد تحققت، موضحا أن الحزب أيضا خسر مصداقيته حول السردية التي قدمها بشأن تشكيله قوة ردع. ويعتقد "ما تبين على أرض الواقع هو عكس ذلك، وما لدى حزب الله لم يحمي لبنان من الدمار، في حين أن إسرائيل ما زالت تنتهك أجواء لبنان، والأساس هو ضمان ألا يبقى هذا الأمر بعد الحرب لأنه عندها ستكون الخسارة مدوية أكثر، بينما الحزب فقد الكثير".

أمام كل ما يجري ووسط الطروحات الموجودة، يقول بيرم لبلينكس إن التفاوض يحتاج إلى جهد ووقت، مشيرا إلى أنه لا يمكن أيضا إغفال الحرب الميدانية والمعارك القائمة بين حزب الله وإسرائيل في جنوب لبنان ومدى تأثيرها على التفاوض.

أما المرتضى، فيحذر من "مناورة إسرائيلية" محتملة قد يكون هدفها الانقضاض على لبنان أكثر وتحميله فشل وقف الحرب إن "رفض المبادرة الأميركية"، مشيرا إلى أن "الموقف اللبناني متجاوب وقد قطع الطريق أمام إسرائيل لاستغلال أي أمر لصالحه، لكن الأمر الأساس يبقى مرهونا بما ستقوله تل أبيب بشأن وجهة نظر لبنان حول مقترح وقف إطلاق النار".

ويختم المرتضى "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مأزوم في الداخل الإسرائيلي كما أن الحرب تشكل أوكسجينا له كون المحاكمات تنتظره فور انتهائها.. فهل سيُقدم حقا على إنهاء وقف إطلاق النار؟".