سياسة
بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد، بدأت المعارضة المسلحة في دمشق سلسلة من المشاورات الأمنية والعسكرية بهدف إعادة تشكيل وزارة الدفاع السورية.
تأتي هذه الخطوة في إطار توحيد جميع الفصائل المسلحة تحت مظلة وطنية واحدة، ما يشكل تحدياً كبيراً لحُكام سوريا الجدد.
على غرار التجربة العراقية التي أعقبت حل الجيش العراقي في 2003، تبدو عملية إعادة بناء الجيش السوري أكثر تعقيداً وحساسية.
ووفقاً لما صرح به الخبير العسكري الدكتور مهند العزاوي لمنصة بلينكس، فإن إعادة بناء جيش كفء وقوي في سوريا المستقبلية لن تكون أمراً سهلاً بسبب التهميش الذي تعرض له جيشها النظامي سابقاً.
وأشار إلى تأثير التشكيلات الموازية، مثل القوات الروسية والحرس الثوري الإيراني والمليشيات التابعة له، على ضعف الجيش وفقدانه القدرة على إدارة الأزمات.
يرى الدكتور العزاوي أن الجيش السوري الحر قد يكون جزءاً من الحل المستقبلي؛ إذ يضم ضباطاً ذوي خبرة وكفاءة، إلا أنهم كانوا بعيدين عن المشهد السياسي منذ سنوات.
التحدي الأساسي، وفقاً له، يتمثل في كيفية دمج هذه القوى ضمن جيش وطني موحد مع الحفاظ على المهنية والانضباط العسكري، بعيداً عن التأثيرات السياسية التي أثرت سلباً في أداء الجيش السوري التقليدي.
دمج الفصائل المسلحة المتنوعة في هيكلية جيش موحد، أمر يواجه عقبات كبيرة. أوضح العزاوي أن الفصائل المسلحة تعمل وفق مبادئ سياسية في الغالب، مما يزيد من صعوبة تأهيلها للاندماج ضمن جيش احترافي.
وأشار إلى أن غياب الانضباط العسكري يظل العائق الأكبر أمام تشكيل جيش نظامي من الفصائل، قادر على حماية البلاد وضمان الاستقرار.
كما أن التوترات بين الفصائل المختلفة، سواء المدعومة دولياً أو تلك ذات الأجندات المحلية، تعقّد من إمكانية التوافق على صياغة جيش وطني. ومع ذلك، يظل الدمج ضرورة ملحة لضمان تقليص التنافس بين القوى المتعددة وضمان استقرار سوريا ما بعد الأسد.
يرى العزاوي أن مستقبل الجيش السوري يعتمد على رؤية القيادة الجديدة ومدى قدرتها على التعامل مع الوضع الحالي. وأكد ضرورة وجود إرادة سياسية قوية ورؤية واضحة لتأسيس قوات مسلحة موحدة. ومع ذلك، فإن تعدد الفصائل المسلحة في سوريا يثير تساؤلات حول إمكانية تحقيق الاستقرار العسكري والسياسي في آن واحد.
على صعيد آخر، يلعب أحمد الشرع المعروف بأبومحمد الجولاني، قائد هيئة تحرير الشام، دوراً محورياً في المشهد العسكري الراهن. ورغم الأنباء عن هيمنته على القرارات العسكرية، فإن تركيز السلطة العسكرية بيد فصيل واحد قد يؤدي إلى تحديات سياسية وأمنية إذا لم يتم إصلاح شامل للمؤسسات الأمنية والعسكرية، بحسب العزاوي.
إعادة بناء الجيش السوري لن تكون مجرد مهمة تقنية أو تنظيمية، بل هي تحدٍ استراتيجي يتطلب رؤية متكاملة؛ فمستقبل سوريا يعتمد بشكل كبير على قدرة الحكام الجدد على تجاوز الخلافات، ودمج القوى العسكرية تحت راية وطنية واحدة قادرة على مواجهة التحديات القادمة وضمان الأمن والاستقرار، بحسب العزاوي.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة