مهندس زراعي، فقائد جناح عسكري، فلواء، فوزير لدفاع سوريا، هذا هو ما يمكن أن يُحكى عن مرهف أبوقصرة الذي عرف خلال قيادته للجناح العسكري لهيئة تحرير الشام باسم "أبوحسن الحموي" نسبة إلى محافظة حماة مسقط رأسه إذ ينحدر من مدينة حلفايا.
أبوحسن يواجه مهمة صعبة تمثل التحدي الأكبر أمام السلطة الجديدة في سوريا، وهي إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية وحل الفصائل ودمجها فضلا عن حصر السلاح الذي انتشر في البلاد خلال أكثر من عقد من الحرب.
لكن في سنوات ما قبل السلطة، كان أبوقصرة قد عين لقيادة الجناح العسكري إرضاء لبعض الكتل داخل الهيئة فضلا عن كونه لا يتمتع بصفات قيادية، بحسب ما تشير وسائل إعلام محسوبة على الفصائل المسلحة.
ليس هذا فحسب، إذ كان رهن التحقيق في نهاية عام 2023 قبل الإفراج عنه بتهمة "العمالة"، كما أقيل من قيادة الجناح العسكري في يونيو ٢٠٢٤ أي قبل أشهر قليلة من العملية التي أطاحت بنظام الأسد دون أن يعرف ما هو المنصب الذي تولاه داخل الهيئة.. فمن هو أبوقصرة؟
اعرف أكثر
ينحدر أبوقصرة من مدينة حلفايا في محافظة حماة التي جاء منها اسمه أبوحسن الحموي، وهي المدينة التي أشارت وسائل إعلام محلية إلى أن قادة جيش حماة داخل هيئة تحرير الشام جاءوا منها.
هؤلاء كان لهم سطوة داخل الهيئة، لا سيما أبويوسف حلفايا الذي كان مسؤولا عن منطقته في الهيئة قبل عزله، وكان أبومحمد الجولاني يحاول تقليم أظافرهم دون الدخول معهم في صدام، وعين مرهف أبوقصرة (أبوالحسن 600) مسؤولا للجناح العسكري للهيئة ترضية لتكتل حلفايا، بحسب وسائل إعلام محسوبة على الفصائل المسلحة.
وأشارت مصادر لهذه الوسائل إلى أن اختياره كان مدروسا لأنه "لا يتمتع بأي صفات قيادية كآخرين مثل أبويوسف، ولا يملك القدرة والجرأة على اتخاذ قرار بمفرده".
وفي نهاية عام 2023، كان مرهف رهن التحقيق داخل الهيئة بسبب ورود اسمه في محاضر تتعلق بقضية "العملاء" الذين تواصلوا مع جهات أجنبية؛ لكن أفرج عنه بعد ذلك بأسبوعين.
وقبل شهور قليلة من تحركات الهيئة التي أسقطت نظام الأسد، كانت الخلافات على أشدها بين القيادات، بعد احتجاجات داخل المناطق التي كانت واقعة تحت سيطرتهم في هذا الوقت، تم تنحيته عن القيادة في يونيو 2024 مع بقائه داخل الهيئة بحسب وسائل الإعلام ذاتها.
في ظهوره الأول، اختار أبوقصرة أن يتحدث إلى صحيفة الغارديان البريطانية عن كيفية التخطيط للعمليات العسكرية التي أطاحت بنظام بشار الأسد، إذ قال إنه بدأ قبل عام.
وأشار إلى الحملة التي شنها نظام الأسد عام ٢٠١٩ وحصرت الفصائل المسلحة في إدلب جعلتهم يعيدون التفكير في الأمر وفي أهمية توحيد الفصائل، وبدأت الهيئة العملية، وأجبرت الرافضين لها على الانصياع لها مع تطوير القدرات العسكرية من خلال مجموعة من الطائرات بدون طيار، وتنسيق العمل مع فصائل أخرى في الجنوب.
وقال إن التخطيط للعملية التي كانت تهدف للإطاحة بالأسد من السلطة، بدأ قبل عام، لكن المجموعة كانت قد بدأت التحضير لذلك منذ سنوات.
في اليوم نفسه وما قيل إنه أول حوار له، ظهر أبوقصرة مع صحيفة الإيكونومست ليؤكد في قول مشابه أنه يجب الآن دمج هذه المليشيات في الدولة: "جميع الوحدات العسكرية ستنتقل بشكل طبيعي إلى وزارة الدفاع، لتشكيل جيش موحد".
يواجه أبوقصرة الذي رقي إلى رتبة لواء تحديات عدة أهمها حصر السلاح الذي أصبح متفشيا في سوريا بصورة كبيرة بحسب المركز المصري للدراسات الاستراتيجية، ومن بينها كذلك:
وجود ترسانة تسليحية ضخمة لدى الفصائل على رأسها "إدارة العمليات العسكرية"، و"فجر الحرية" اللتان ينضوي تحتهما عدد كبير من الفصائل.
تنامي القدرات التسليحية للأكراد.
تفشي السلاح بيد المواطنين والعصابات الإجرامية.
انتشار السلاح بيد الأقليات الدينية.
ويشير المركز إلى أن إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية السورية، وجمع السلاح هما أكبر تحديين أمام القيادة الجديدة في سوريا.
وأعلنت السلطات السورية الجديدة في 24 ديسمبر 2024، التوصل إلى اتفاق مع "جميع الفصائل المسلحة" يهدف إلى حلها واندماجها تحت مظلة وزارة الدفاع.
غير أن هذا الاتفاق لا يشمل قوات سوريا الديمقراطية التي يهيمن عليها الأكراد وتدعمها الولايات المتحدة وتسيطر على مناطق واسعة في شمال شرق البلاد، بحسب فرانس برس.