بينما يقترب الرئيس الأميركي جو بايدن من مغادرة منصبه، يواصل تبني العديد من السياسات التي تغطي قضايا مختلفة، بما في ذلك الأمن الوطني، والتغير المناخي، والإصلاحات الاجتماعية، والرعاية الصحية. وتأتي هذه الخطوات في إطار سعي إدارته لتعزيز إرثها السياسي وتحقيق أهدافها قبل تسليم السلطة، إلى جانب وضع عقبات قد تواجهها الإدارة الجمهورية القادمة.
هذه الممارسات ليست غريبة على المشهد السياسي الأميركي، فقد دأب رؤساء الولايات المتحدة على اتخاذ قرارات كبيرة وحاسمة خلال الفترة الانتقالية، المعروفة أيضا بمرحلة "البطة العرجاء"، خاصة عندما تكون الإدارة القادمة من الحزب المعارض.
وتُعرف هذه الظاهرة بـ"قرارات اللحظة الأخيرة"، التي غالبًا ما تُثير انتقادات حادة بين الأكاديميين والسياسيين ووسائل الإعلام. يُنظر إلى هذه القرارات على أنها وسيلة لتجنب المساءلة، أو طريقة لفرض أجندات غير مكتملة تترك عبئًا على الإدارات القادمة. فما هي السياسات التي يتبناها بايدن في الأيام الأخيرة من ولايته؟ وهل تبنى ترامب نفس النهج في نهاية ولايته الرئاسية الأولى؟ وكيف تفسر هذه القرارات المتأخرة؟
اعرف أكثر
في أيامه الأخيرة في المنصب، اتخذ الرئيس جو بايدن سلسلة من السياسات الداخلية البارزة، وقد سلطت مجلة تايم الأميركية الضوء على بعضها، ومنها:
حظر الاستحواذ على شركات أميركية: منع استحواذ شركة "نيبون ستيل" اليابانية على شركة "يو إس ستيل"، في خطوة تهدف لتعزيز الصناعة المحلية وحماية الأمن الوطني.
زيادة المنافع الاجتماعية: توقيع قانون لزيادة مزايا الضمان الاجتماعي، وهو ما سيؤثر إيجابيًا في ملايين الأميركيين من موظفي القطاع العام والمتقاعدين.
حظر التنقيب البحري: أصدر أمرًا تنفيذيًا يحظر التنقيب عن النفط والغاز في 2.529 تريليون متر مربع تقريبًا من المياه الساحلية الأميركية، كجزء من أجندته لحماية البيئة.
تحسين الائتمان المالي: تبنى قاعدة جديدة لإزالة الديون الطبية من تقارير الائتمان، مما يعزز فرص الملايين في الحصول على قروض.
العفو عن هانتر بايدن: في ديسمبر 2024، أصدر الرئيس بايدن عفوًا شاملًا عن ابنه هانتر بايدن، الذي كان يواجه اتهامات فيدرالية تتعلق بالأسلحة والتهرب الضريبي. أثار هذا العفو جدلاً واسعًا وانتقادات من كلا الحزبين، حيث اعتُبر تضاربًا في المصالح واستغلالًا للسلطة التنفيذية لحماية أفراد العائلة.
على غرار بايدن، اتخذ دونالد ترامب سلسلة من القرارات خلال نهاية ولايته الأولى، ومنها:
تخفيف القيود البيئية: تخفيف العقوبات على قتل الطيور، تقليص معايير الكفاءة الطاقية، وتقليص الاعتماد على الدراسات العلمية في السياسات البيئية.
سياسات الهجرة: تقييد تصاريح العمل للمهاجرين غير النظاميين وتحديد مدة إقامة الطلاب الأجانب، إضافة إلى اتفاقيات لإعادة طالبي اللجوء إلى دول أخرى.
الرعاية الصحية: اقتراح مراجعة اللوائح القديمة كل 10 سنوات وربط أسعار أدوية "ميديكير" بالأسعار الدولية.
شبكة الأمان الاجتماعي: تشديد أهلية قسائم الطعام، مما يهدد حرمان ملايين الأشخاص من المساعدات الغذائية.
العفو عن حلفاء سياسيين: في الأسابيع الأخيرة من ولايته، أصدر الرئيس ترامب عفوًا عن عدد من حلفائه، بمن في ذلك مساعده ستيف بانون ومستشاره السابق للأمن القومي مايكل فلين، الذي أُدين بالكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي.
اتخاذ قرارات سياسية خلال مرحلة "البطة العرجاء" يعكس عدة أهداف وأسباب، حددها جاك بيرمان في تقرير أجراه لصالح المؤتمر الإداري للولايات المتحدة في:
تجنب المساءلة: تُستخدم "قرارات اللحظة الأخيرة" لتمرير سياسات قد تثير الجدل دون تعرضها للنقد الفوري.
استكمال المهام: بعض السياسات تكون قيد الإعداد منذ فترات طويلة ولا يمكن تأجيلها دون الإضرار بالوكالات أو البرامج المعنية.
فرض الأجندات المستقبلية: تُمكن الإدارات المغادرة من ضمان استمرار بعض جوانب سياساتها خلال الفترات الرئاسية المقبلة، حتى وإن اختلفت التوجهات السياسية للإدارة الجديدة.
هذه الممارسات كثيرًا ما توصف بأنها غير مرغوب فيها سياسيًا نظرًا لما تفرضه من عبء على الإدارات القادمة، ولتأثيرها المحتمل في جودة السياسات وشرعيتها. ومع ذلك، يمكن أن تكون ضرورية في بعض الحالات لضمان استمرارية العمل الحكومي.
يشير تقرير نشرته جامعة جورج واشنطن إلى أن اللوائح التي تُصدر في الأيام أو الأسابيع الأخيرة عادة ما تواجه مراجعة واحتمال الإلغاء من قبل الإدارة القادمة، لاسيما إذا كانت تنتمي إلى حزب مختلف. ويتم تطبيق ذلك عبر قانون مراجعة الكونغرس أو عبر تغييرات تنظيمية من الوكالات الفيدرالية الجديدة.