"سوري.. عراقي؟".. جدل "عبدي" يعيد أزمة التجنيس للشارع العراقي
ضجة كبيرة في العراق أحدثها الكشف عن حصول قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي على الجنسية العراقية، إضافة إلى شخصيات سورية وإيرانية.
ما كشفته وسائل الإعلام المحلية أن وزارة الداخلية طالبت محافظة السليمانية (إحدى محافظات إقليم كردستان العراق)، إجراء تحقيق حول كيفية منح جواز سفر لـ"محمد خليل حسين"، وهو الاسم العراقي لعبدي، استنادا على "وثائق غير أصولية" قدمها للحصول على الجواز، بالإضافة إلى تجنيس شخص إيراني يدعى أري جلال أحمد، من نفس المديرية تحت اسم اسكندر أسو، وهو معارض مسلح ينتمي لحزب العمال الكردستاني، ما أثار استنكارا في الشارع العراقي، وسط حديث عن منح 10 آلاف جنسية لسوريين وإيرانيين.. فما حقيقة ذلك؟
الصحافية لمياء رسول، وهي من الفريق الذي كشف عن قضية عبدي، قالت في تصريحات صحافية إن "جواز مظلوم عبدي هو واحد من 10 آلاف جواز تم منحهم لسورين وإيرانيين في شمال العراق لأسباب سياسية وديمغرافية تم الوصول إليها وتسريب وثائقها"، موضحة أن "جواز عبدي منح له في العام 2018 دون حضوره، وعلى أساس وثائق غير نظامية من محافظة كركوك".
رسول قالت إن التجنيس المخالف للضوابط، أصبح أمرا شائعا بعد العام 2003، منوهة إلى أنها وخلال تحقيقات عملت عليها، كشفت "آلاف الجوازات التي منحت لأشخاص في أربيل ودهوك وخانقين ومحافظات أخرى".
من جهة أخرى، يرى مراقبون أن التجنيس هو أحد الأوراق السياسية التي يتم استخدامها من قبل القوى الرئيسية في البلاد.
الباحث في الشأن السياسي، يعرب العلي، يقول لبلينكس إن عمليات تجنيس الأكراد السوريين والإيرانيين معروفة في إقليم كردستان لأغراض ديمغرافية "تتعلق بسعيهم لزيادة الأعداد"، وفق قوله، مضيفا أن القوى المقربة من إيران، تسعى بالمقابل لتجنيس الباكستانيين والإيرانيين لحاجتها إليهم في تدعيم وجودها، مستشهدا بحادثة إعلان باكستان اختفاء 50 ألف باكستاني بعد ذهابهم إلى العراق لأغراض الزيارة الدينية دون عودتهم.
بالمقابل، يرى الحقوقي علي السلمان، أن حوادث التجنيس تبقى فردية، مستشهدا بأن القانون العراقي حازم في هذا الأمر، وأن الداخلية العراقية تعتمد إجراءات صارمة ودقيقة، وأضاف في تصريحات خاصة: "لكن الأمر لا يخلو من حالات التأثير السياسي"، وفق قوله.
إقرار رسمي بإبطال جواز عبدي
بعد الضجة التي أثيرت حول حصول عبدي على الجواز العراقي، اعترف وزير الداخلية العراقي، عبد الأمير الشمري، في لقاء تلفزيوني بحصول عبدي على الجواز العراقي، مؤكدا أنه قد "تم إبطاله".
الوزير أوضح أن وزارته "هي من اكتشفت هذا الأمر قبل عامين وأنها شكلت مجلس تحقيق بشأنه أنتهى بإبطال الجواز الممنوح إلى عبدي، وكذلك إيداع الضابط الذي منحه الجواز، السجن" .
وحول حصول آلاف السوريين والإيرانيين على الجوازات العراقية بشكل غير نظامي، نفت وزارة الداخلية العراقية في بيان تورط دوائر الأحوال المدنية التابعة لها، بتجنيس آلاف الأجانب بجوازات ومستمسكات عراقية مزورة.
وأوضح البيان وجود حالتين فقط في عام 2022، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المقصر حينها.
وزارة الداخلية العراقية أبدت دهشتها من إدعاءات عمليات التجنيس على نطاق واسع، موضحة أن مديرية الأحوال المدنية والجوازات والإقامة تعمل بأنظمة إلكترونية متطورة غير قابلة لأي عملية تزوير، كما أكدت على وجود التدقيق قبل إصدار أي بطاقة وطنية، كونها أساس لأي مستمسك مثل الجواز الذي يمر بعدة مراحل قبل منحه لأي شخص، بحسب البيان.
الحديث عن قضايا التجنيس وكشفها للرأي العام مثلما حصل في قضية عبدي ليست الأولى، فقد ضج الرأي العام في مرات سابقة بحوادث مشابهة تكشف حصول عمليات تجنيس بوثائق مزورة، أو خارج الضوابط، لأسباب طائفية وقومية وديمغرافية.
- في العام 2021 أعلنت هيئة النزاهة أنّها تمكنت من ضبط 1360 معاملة قيود مدنية مزوّرة من أصل 4333 قيداً مزوراً تم على أساسها منح الجنسية العراقية لأشخاص أجانب.
وأشارت الهيئة حينها إلى ضبط موظفة وأربعة متهمين لحيازتهم بعض الأوراق والأختام المزورة. ورغم عدم إعلان الهيئة عن جنسية الأشخاص الأجانب الذين كانوا في طريقهم للحصول على الجنسية العراقية، إلا أن ناشطين ومدونين بينوا أنهم إيرانيون.
كما اعتادت الجهات الحكومية بإطلاق مصطلح "الأجانب" عند الحديث عن الإيرانيين في أي قضية أو عملية إلقاء قبض، وأن الهدف هو محاولة ديمغرافية لتغيير واقع محافظة ديالى المعروفة بأنها ذات تنوع طائفي وقومي، أي شيعي وسني وكردي، وشهدت صراعات طائفية وقومية كثيرة خلال العقدين الماضيين، في محاولة سيطرة أحد الأطراف على باقي المكونات.
- العام الماضي، ضجت مواقع التواصل بصور متداولة لمنح الجنسية العراقية لرجل دين باكستاني، ما أثار غضبا شعبيا، ومخاوف من حدوث عمليات تغيير ديموغرافي، مع الاتهامات بتجنيس الباكستانيين وجنسيات أخرى لأسباب طائفية، لكن وزارة الداخلية أصدرت بيانا نفت فيه منح الجنسية العراقية خلافا للضوابط.