هل تخطط للسفر إلى الولايات المتحدة؟ فكر مرتين
عندما كان أليكسندر، الباحث الآسيوي في العلوم في جامعة أميركية مرموقة، يجهز للذهاب في رحلة عمل إلى بلد ما، بالكاد كان يفكر بما سيحمله معه في حقيبته من أغراض شخصية.
أما الآن، بعد عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وتشديد إجراءات التفتيش على الحدود، بات يستشير محاميه الخاص في كل كبيرة وصغيرة قبل أن يبدأ في حزم أمتعته والتوجه إلى المطار.
تحضيرا لسفره إلى البرازيل للقاء النقابات العمالية والأكاديميين المهتمين بتغير المناخ، نصحه محاميه بمسح شامل لجميع بياناته وملفاته من جهاز الكمبيوتر الخاص به بعد تخزينها على السحابة، كما أوصاه باستعمال هاتف مؤقت وترك هاتفه الذكي في المنزل. يقول أليكسندر لصحيفة
فاينانشال تايمز: " نُصحت بعدم الاحتفاظ بأي بيانات على أجهزتي".
دخلت إجراءات تشديد التفتيش على الحدود حيز التنفيذ عقب إصدار الرئيس ترامب، مباشرة بعد حفل تنصيبه في 20 يناير 2025، أمراً تنفيذياً يقضي بتطبيق قوانين الهجرة الأميركية بصرامة لمنع دخول وإقامة الأجانب. وقد دفعت هذه الخطوة العديد من الشركات إلى إعادة تقييم مخاطر سفر موظفيها من وإلى الولايات المتحدة، في ظل احتمال تعرضهم لطلبات من مفتشي الهجرة بالوصول إلى بريدهم الإلكتروني وجهات الاتصال والرسائل والمحتوى المنشور على حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي.
على عكس ألكسندر الذي حصل على بعض النصائح قبل السفر، عاش باحث فرنسي سيناريو التفتيش على الحدود في 9 مارس 2025 فور وصوله إلى المطار لحضور أحد المؤتمرات بهيوستن، ولاية تكساس. خضع الباحث في علوم الفضاء، الذي كان من المفترض أن يمثل المعهد الوطني للبحث العلمي الفرنسي، لتفتيش عشوائي شمل هاتفه الذكي وجهاز الكمبيوتر الشخصي.
وأبلغته السلطات في المطار بأنها عثرت على رسائل تعبر عن آرائه الشخصية تجاه تعامل إدارة ترامب العدائي مع سياسة البحث العلمي، وأضافت أن هذه الآراء تعد تهديدا يصنف ضمن خانة الإرهاب، لتصادر معداته المهنية والشخصية ويتم إعادته إلى فرنسا في اليوم التالي، ما أدانه وزير التعليم العالي والبحث العلمي الفرنسي، فيليب بابتيست، مشددا على أهمية حرية الرأي والحرية الأكاديمية.
ضباط الحدود: " أعثر لي على الرجل، وسنجد له الجريمة"
تحذر الجامعات الأميركية، مثل دوك وكولومبيا، موظفيها وطلابها الأجانب من السفر خارج الولايات المتحدة خشية الخضوع لتفتيش عشوائي يبدأ بعرقلة عملية الدخول وينتهي بالترحيل النهائي.
وذهبت بعض الجامعات إلى حد إخبار موظفيها بأنهم لن يتلقوا دعما قانونيا في حال مواجهتهم لمشاكل على الحدود.
بالنسبة لألكسندر، تحدى هذا التحذير باستئجار مستشار قانوني خاص به، والذي حذره بدوره قائلا إن ضباط الحدود يتصرفون حاليا بعقلية: "أعثر لي على الرجل، وسنجد له الجريمة"، وفقا لصحيفة فاينانشال تايمز.
على عكس الجامعات التي لا تشجع على السفر، اضطرت المفوضية الأوروبية لاتخاذ إجراءات بديلة تضم إصدار هواتف مؤقتة وأجهزة كمبيوتر محمولة بسيطة لبعض الموظفين المتجهين إلى الولايات المتحدة لتجنب خطر التجسس، وفقا لصحيفة
لوكسمبورج تايمز.
وأكدت صحيفة فايننشال تايمز أن المفوضين وكبار المسؤولين الذين سافروا لحضور اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي الشهر الماضي تلقوا هذه التوجيهات الجديدة.
الأوروبيون يتفادون زيارة الولايات المتحدة
يشير تقرير نشرته مجلة
فوربس إلى أن عدد الزوار الأوروبيين للولايات المتحدة انخفض بـ 17% في شهر مارس، مقارنة بنفس الفترة من عام 2024.
ويأتي هذا التراجع في خضم تحذير حكومات الدول الأوروبية مواطنيها من السفر للولايات المتحدة لتفادي احتمال التوقيف من طرف السلطات الهجرة الأميركية.
وعلى عكس هذا التراجع على المستوى الأوروبي، رصد المكتب الوطني للسفر والسياحة أن المنطقة الوحيدة التي أرسلت عدداً أكبر من السياح إلى الولايات المتحدة مقارنة بالعام الماضي هي الشرق الأوسط، بارتفاع بنسبة 21%.
كيف تحمي نفسك عند عبور الحدود الأميركية
مع تزايد حالات رفض دخول مسافرين إلى الولايات المتحدة بسبب محتوى موجود على أجهزتهم، من الضروري على المسافرين اتخاذ احتياطات لحماية بياناتهم، خصوصاً إذا كانوا يحملون تأشيرات أو بطاقات إقامة، غرين كارد. فسلطات الجمارك وحماية الحدود الأميركية تملك صلاحية تفتيش أجهزتهم، والدستور الأميركي يوفّر حماية أقل في نقاط العبور مثل المطارات.
في ما يلي بعض النصائح قدمتها صحيفة
الغارديان:
- يُنصح بتحديد الموقف مسبقاً بشأن الموافقة على تفتيش الجهاز. رفض التعاون قد يؤدي إلى مصادرة الجهاز أو تأخير الدخول، لكنه قد يُفهم أحياناً كإشارة إلى عدم وجود تهديد، ما قد يساعد على المرور دون تدقيق إضافي.
- يُستحسن إيقاف تشغيل الجهاز بشكل كامل قبل الوصول إلى نقطة التفتيش، وتعطيل ميزات فتح القفل عبر الوجه أو البصمة، لتقليل فرص الوصول إلى البيانات دون إذن صريح.
- لا يُنصح بمسح محتوى الهاتف بالكامل، لأن ذلك قد يثير الشكوك. من الأفضل حذف المحتوى الحساس فقط، مع التأكد من إفراغ قسم "المحذوف مؤخراً"، Recently Deleted.
- يُفضّل تفعيل التشفير الكامل للجهاز، والتأكد من استخدام كلمة مرور قوية ومعقّدة، تتكون من 9 إلى 12 حرفاً عشوائياً أو عبارة طويلة من كلمات متعددة. في معظم الهواتف الحديثة، يكون التشفير مفعّلاً تلقائياً، لكن يُستحسن التحقق من الإعدادات.
- من المفيد نقل الملفات الحساسة إلى التخزين السحابي مثل iCloud أو Google Drive، ثم حذفها من الجهاز. إذ تشير السياسات الحالية إلى أن الضباط لا يحق لهم تفتيش محتوى السحابة طالما أن الجهاز غير متصل بالإنترنت.
- وأخيراً، عند استخدام جهاز تابع لجهة عمل، من الضروري التنسيق المسبق مع الإدارة للتأكد من وجود بروتوكولات حماية واضحة. فالاستعداد المسبق يظل دائماً خط الدفاع الأول لحماية الخصوصية عند الحدود.