سياسة

تغييرات البرهان العسكرية.. صراع نفوذ أم ضعف؟

نشر
blinx
أثارت القرارات الأخيرة التي أصدرها قائد الجيش في السودان، عبد الفتاح البرهان، بشأن الترقيات والإحالات إلى التقاعد، جدلاً واسعًا داخل الأوساط السياسية والعسكرية السودانية.
هذه الخطوات التي رافقتها أنباء عن محاولة انقلاب فاشلة وصدام متصاعد مع حلفائه الإسلاميين، طرحت إشكالية حول طبيعتها: هل تمثل محاولة لإحكام السيطرة وصراع نفوذ داخلي، أم أنها تعكس ضعفًا وتصدعًا في البنية العسكرية؟
في حديث لبلينكس، أكّد المحلل السياسي السوداني، الجميل الفاضل، أنّ "الجيش في السودان ظلّ طوال أكثر من ٣٠ عامًا غرفة التحكم والسيطرة على البلاد"، وأن الإسلاميين "أدخلوا عناصرهم إلى الجيش والأمن والشرطة منذ دفعة حماة الدين".
وأشار إلى أنّ هذه الشبكة التنظيمية "أحكمت قبضتها بشكل خاص على سلاح الجو والمدرعات والاستخبارات".
وأضاف الفاضل أنّ هذه المنظومة، التي تقدر بنصف مليون مقاتل، لا تزال خارج انضباط الجيش رغم قرارات البرهان، معتبرًا أن الإحالات الأخيرة "انتقائية" وتستهدف ضباطًا يشكلون تهديدًا للقيادة الحالية أكثر مما تسعى لتفكيك النفوذ الإسلامي.

قرارات مفصلية ومحاولة انقلاب

لم تمرّ سوى أيام على الإحالات والترقيات حتى أعلنت وسائل إعلام محلية عن إحباط محاولة انقلاب قادها ضباط معاشيون وجناح من حزب المؤتمر الوطني المنحل، مستغلين حالة التوتر الناتجة عن القرارات العسكرية الأخيرة.
فقد اعتُقل رئيس الحزب أحمد هارون بتهم التورط في المخطط، إلى جانب اللواء عبد الباقي بكراوي.
كما شملت القرارات المثيرة للجدل اللواء نصر الدين عبد الفتاح، قائد سلاح المدرعات السابق، الذي كان يُنظر إليه كـ"الخليفة المنتظر للبرهان" بحكم إشرافه على العمليات العسكرية ودوره في السيطرة على الخرطوم.

صدام علني مع الإسلاميين

فجّرت الإطاحة باللواء نصر الدين غضب التيار الإسلامي، الذي اعتبرها ضربة مباشرة لنفوذه داخل الجيش.
ترافق ذلك مع اتهامات وجهها قياديون إخوانيون للبرهان بأنه "ضعيف الشخصية" و"يستأثر بالسلطة"، وسط تحذيرات من قرب صدام مباشر بين الطرفين.
وحسب الفاضل فإن "الإخوان اتُهموا بإنشاء وحدات موازية لكلّ من الجيش والأمن والشرطة، عُرفت بالدفاع الشعبي وكتائب الدبابين، فضلًا عن كتائب ظلّ أخرى، إلى جانب لواء البراء بن مالك".
وأكد أنّ "كلّ هذه الكتائب ستظلّ خارج انضباط الجيش، رغم القرار الأخير" الذي اعتبره "مجرّد محاولة جديدة لذرّ الرماد في العيون".
كما قال إنّ "الإسلاميين بارعون في لعبة الانحناء للعواصف. ومن هذا المنطلق، تبدو الإحالات الأخيرة للتقاعد انتقائية إلى حدّ بعيد، جرت وفق تقديرات ومصالح القيادة الحالية للجيش، التي ترى في بعض الضباط خطرًا تنافسيًا مباشرًا عليها".

قرارات مثيرة للجدل داخل الجيش

القرارات العسكرية لم تقتصر على الإحالات، بل شملت تغييرات هيكلية واسعة.
فقد أصدر البرهان قرارًا بإخضاع جميع القوات المساندة العاملة مع الجيش لأحكام قانون القوات المسلحة، لتصبح تحت إمرة القادة العسكريين في مختلف المناطق.
كما أبقى على رئيس هيئة الأركان محمد عثمان الحسين، وعيّن نوابًا جددًا لرؤساء الأركان للإمداد والتدريب والإدارة والعمليات، وأجرى تغييرات في سلاح الجو والدفاع الجوي والاستخبارات.
ورغم أن هذه التعديلات بدت "روتينية" من الناحية الشكلية، إلا أن توقيتها وحجمها، والثقل العسكري للضباط المُحالين إلى التقاعد، جعلها ترتبط في نظر كثيرين بالصراع على النفوذ.

"تحالفات مشبوهة" ومخاوف دولية

خارج حدود السودان، حذرت تقارير دولية من تعمّق تحالف البرهان مع طهران والتنظيمات الإسلامية.
وذكرت مجلة "ذا ناشيونال إنترست" أن البرهان يُنظر إليه كشريك لإيران والإخوان، بما يهدد بتحويل السودان إلى منصة جديدة لطموحات طهران الإقليمية على البحر الأحمر، الممر التجاري الحيوي عالميًا.
كما أشارت المجلة إلى أن استمرار البرهان في السلطة يعني ترسيخ نفوذ إيران في أفريقيا، وزيادة خطر عسكرة البحر الأحمر، وفتح الباب أمام حروب لا تنتهي.
ودعت إلى نقل السلطة إلى حكومة مدنية مستقلة عن التنظيمات المتطرفة، باعتبارها السبيل الوحيد لإنقاذ السودان من الانزلاق نحو صراع أوسع.
ويذكر أنه بالفعل أوردت رويترز أن التغييرات تأتي بعد أسبوع من لقاء البرهان مع كبير المستشارين الأميركيين للشؤون الأفريقية، مسعد بولس، في سويسرا، حيث تمت مناقشة قضايا من بينها الانتقال إلى الحكم المدني، بحسب مصادر حكومية.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة