خطة ترامب وردّ حماس.. أين التقاطعات وأين الخلافات؟
بين قبولٍ مشروط من حماس ودعوةٍ من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لوقف القصف، وجّهت إسرائيل جيشها نحو مرحلة "الدفاع فقط" في غزة، إيذانًا ببدء تنفيذ أولى مراحل خطة ترامب.
ففيما أعلنت حماس استعدادها للإفراج عن الرهائن والدخول في مفاوضات، تمسّكت برفض نزع السلاح الكامل والاحتفاظ بـ"الأنظمة الدفاعية"، وفق ما أفادت رويترز ووول ستريت جورنال.
أما ترامب، الذي وصف الخطة بأنّها "الفرصة الأخيرة للسلام"، فقد اعتبر ردّ الحركة مؤشراً إلى "استعدادها لسلام دائم"، واضعاً الكرة في ملعب إسرائيل التي أعلنت جاهزيتها الفورية للتنفيذ.
ما مصير وقف الحرب وانسحاب إسرائيل والتبادل؟
بحسب تقرير رويترز، قبلت حماس بعض البنود الرئيسية من خطة ترامب، مثل وقف الحرب، انسحاب إسرائيل، وتبادل الرهائن والسجناء، مع رفضها تهجير الفلسطينيين والترحيب بالمساعدات وإعادة الإعمار عبر الأمم المتحدة.
لكنّ الحركة رفضت الطرح الأميركي بشأن إدارة غزة تحت إشراف هيئة انتقالية دولية برئاسة ترامب وتوني بلير، وأعلنت أنّ إدارة القطاع يجب أن تُسلَّم إلى هيئة فلسطينية من التكنوقراط "بناءً على التوافق الوطني والدعم العربي والإسلامي".
كما لم تشر حماس إلى موافقتها على نزع السلاح، وهو مطلب أساسي في الخطة الأميركية التي تنصّ على أن تتخلى الحركة عن دورها في الحكم وأن تُجرد غزة من السلاح.
وتنصّ خطة ترامب على وقف فوري لإطلاق النار، انسحاب تدريجي للجيش الإسرائيلي، وتبادل جميع الرهائن مقابل الإفراج عن نحو ألفي سجين فلسطيني، بمن فيهم النساء والأطفال.
في المقابل، أكّدت حماس أنّ الإفراج عن الرهائن سيتمّ "وفق الصيغة الميدانية"، من دون تحديد جدول زمني واضح، وهو ما وصفه مسؤولون إسرائيليون بأنّه غموض متعمّد.
خلاف بين الجناحين السياسي والعسكري.. هل تلتزم حماس؟
كشفت وول ستريت جورنال أنّ حماس ما زالت تعاني من انقسام حادّ حول شروط خطة ترامب.
فبينما يميل قادة الحركة السياسيون المقيمون في قطر إلى قبول الاتفاق، يعارض قادة الجناح العسكري في غزة فكرة نزع السلاح أو تسليم جميع الرهائن دفعة واحدة.
ونقل التقرير عن وسطاء أنّ خليل الحية وآخرين من القادة السياسيين يدعمون التسوية رغم تحفظاتهم، لكن تأثيرهم محدود داخل القطاع.
أمّا عزّ الدين الحدّاد، الذي يتولى قيادة حماس في غزة بعد مقتل السنوار، فعبّر عن استعداد لتسليم الصواريخ والأسلحة الهجومية فقط، مع الاحتفاظ بـ"الأسلحة الدفاعية".
ويرى الوسطاء أنّ هذه الانقسامات جعلت ردّ الحركة أقرب إلى "نعم، لكن"، أي قبولٍ جزئي مشروط، بينما اعتبر ترامب أنّه ردّ إيجابي يفتح الباب أمام "سلام دائم".
التحول الإسرائيلي بعد ردّ ترامب.. ماذا يحصل؟
مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن "الاستعداد للتنفيذ الفوري" للمرحلة الأولى من خطة ترامب، المتمثلة في تحرير جميع الرهائن.
وأضاف البيان أنّ إسرائيل "ستواصل العمل بتعاون كامل مع الرئيس وفريقه لإنهاء الحرب وفقاً للمبادئ التي حددتها إسرائيل والتي تتوافق مع رؤية ترامب".
وبحسب القناة 12 الإسرائيلية، أمر المستوى السياسي الجيش بالانتقال إلى وضع دفاعي ووقف العملية الهادفة إلى احتلال مدينة غزة.
وأكد الجيش الإسرائيلي أنّ "سلامة قواته أولوية قصوى"، وأنّ كلّ القدرات ستُخصّص للقيادة الجنوبية لأغراض دفاعية.
ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن مسؤول قوله إنّ نتنياهو تفاجأ بردّ ترامب، إذ كان يعتبر ردّ حماس "رفضاً"، فيما رأى الفريق الفني المعني بالرهائن أنّ الردّ "إيجابي ويفتح مساراً للتوصل إلى صفقة".
القتال يتراجع.. لكن الشكوك باقية
ذكرت يديعوت أحرونوت أنّ الجيش الإسرائيلي أوقف عملياته الهجومية في غزة بناءً على توجيهات نتنياهو عقب دعوة ترامب لوقف القصف، وانتقل إلى وضع دفاعي استعداداً لتنفيذ الخطة.
وتوقفت المعارك فعلياً بين الجمعة والسبت، وتجمّدت المناورة البرية داخل مدينة غزة. وأكد الجيش الإسرائيلي أنّ جميع قياداته عقدت اجتماعاً طارئاً "في ضوء التطورات الأخيرة"، مشدداً على "الحساسية العملياتية للوضع الراهن".
لكنّ تقارير ميدانية أشارت إلى استمرار بعض القصف على مناطق متفرقة، بينها شارع الثلاثيني وحي الرمال، رغم أوامر التهدئة.
في المقابل، دعا ترامب في منشور عبر "تروث سوشيال" إسرائيل إلى "وقف القصف فوراً حتى يمكن إخراج الرهائن بأمان"، مؤكداً أنّه "يعمل على التفاصيل النهائية للسلام الذي طال انتظاره في الشرق الأوسط".