هل اقترب ترامب من "نوبل للسلام"؟
في تطور دراماتيكي مفاجئ وصفه بـ"الحدث التاريخي وغير المسبوق"، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب توقيع إسرائيل وحركة حماس على اتفاق بشأن تنفيذ المرحلة الأولى من خطته بشأن غزة، مع الإعلان عن قدومه إلى منطقة الشرق الأوسط وزيارة مصر لحضور مراسم التوقيع على الاتفاق، ما يعزز فرص إنهاء الحرب التي استمرت عامين كاملين، وتتزايد معها احتمالات فوز الرئيس الأميركي بجائرة نوبل للسلام.
والإعلان، الذي نشره ترامب عبر حسابه بمنصة تروث سوشال ليل الأربعاء-الخميس، جاء قبل 24 ساعة من الإعلان عن اسم الفائز بتلك الجائزة التي تحدث الرئيس الأميركي في أكثر من مناسبة عن أحقيته بها، مشيرا إلى دوره في "إنهاء ٨ حروب" منذ عودته إلى البيت الأبيض مطلع هذا العام.
وتُمنح جائزة نوبل للسلام الجمعة عند الساعة 12.00 بتوقيت غرينتش في أوسلو. لكن يبقى السؤال ما الاسم الذي ستختاره لجنة نوبل النروجية؟
برأي مراقبين، فإن الرئيس الأميركي لن يحصل على الجائزة، على الأقل ليس هذه السنة، ولو أنه يدعي استحقاقه لها لمساهمته في حل ٨ نزاعات.
ويقول الأستاذ الجامعي السويدي بيتر فالنستين المتخصص في الشؤون الدولية لوكالة فرانس برس "لا، لن يكون ترامب هذا العام" مضيفا "لكن ربما العام المقبل؟ بحلول ذلك الوقت، ستكون الغيوم انقشعت بشأن مبادراته المختلفة، خصوصا بشأن أزمة غزة".
وفي مقال تحليلي لأندرو روث في "الغارديان" البريطانية الخميس، يقول الكاتب "لقد شهدنا هذا من قبل: كانت إدارة ترامب في عجلة من أمرها للتفاوض على إنهاء حرب غزة حتى قبل تنصيبه".
ومع ذلك، يقر روث أن إعلان الأربعاء لحظة حاسمة: رئيس أميركي مُتحزب ومتقلب علنًا، ومع ذلك استغل تقلباته لإرباك حلفائه وأعدائه، كل ذلك لرغبةٍ في أن يكون أول رئيس أميركي يُمنح جائزة نوبل للسلام منذ باراك أوباما.
وصباح اليوم الخميس، أشاد الرئيس الإسرائيلي إسحق هيرتسوغ بدور الرئيس ترامب في التوسط للتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحركة حماس لإنهاء الحرب في غزة، قائلا إنه يستحق جائزة نوبل للسلام لجهوده.
وكتب هيرتسوغ على منصة إكس اليوم الخميس: "لا شك أنه يستحق جائزة نوبل للسلام مقابل ذلك"، واصفا الاتفاق بأنه "فرصة للتصالح والتعافي وفتح أفق جديد من الأمل لمنطقتنا".
يرى خبراء أن ادعاء الرئيس الأميركي بأنه "صانع سلام" ينطوي على مبالغة كبيرة، مبدين قلقا إزاء تداعيات سياسته القائمة على مبدأ "أميركا أولا".
توضح مديرة معهد أبحاث السلام في أوسلو (PRIO) نينا غرايغر أنه "أبعد من محاولاته للوساطة في غزة، نشهد سياسات تتعارض مع النوايا والمبادئ المنصوص عليها في وصية نوبل"، وهي التعاون الدولي والأخوّة بين الشعوب ونزع السلاح.
قائمة طويلة بين ترامب ونوبل للسلام
قائمة طويلة من المآخذ على ترامب قد تحول دون منحه الجائزة العريقة.
فمن الانسحاب من المنظمات الدولية والمعاهدات المتعددة الأطراف إلى الحرب التجارية على بلدان العالم، بما يشمل "الأصدقاء والحلفاء القدامى"، مرورا بخططه حيال غرينلاند في الدنمارك ونشر قوات من الجيش في المدن الأميركية، وليس انتهاء بالمساس بالحرية الأكاديمية وحرية التعبير، ملفات كثيرة تحول دون منحه الجائزة.
يقول يورغن واتن فريدنس رئيس لجنة جائزة نوبل للسلام المكونة من خمسة أعضاء، "ننظر إلى الصورة الكاملة"، مضيفا "ما يهم إجمالا هو المنظمة أو الفرد من منظور شامل. لكن ما نركز عليه قبل كل شيء هو ما أنجزوه فعليا في خدمة السلام".
هذا العام، رُشِّح 338 فردا ومنظمة لجائزة نوبل، مع الإشارة إلى أن قائمة أسماء المرشحين تبقى سرية لخمسين عاما. عشرات الآلاف من الأشخاص، بينهم برلمانيون ووزراء من كل البلدان وفائزون سابقون بالجائزة وبعض أساتذة الجامعات وأعضاء لجنة نوبل، مؤهلون لتقديم أسماء يرشحونها للفوز بالجائزة.
عام 2024، مُنحت جائزة نوبل إلى "نيهون هيدانكيو"، وهي مجموعة ناجين من الهجوم بالقنبلة الذرية على هيروشيما وناغازاكي، تقديرا لنضالهم ضد الأسلحة النووية.
في ظل غياب مرشح يُنظر إليه على أنه الأوفر حظا، يجرى التداول في أوسلو بأسماء عدة: شبكة "غرف الطوارئ" السودانية (ERR)، أو الروسية يوليا نافالنايا أرملة زعيم المعارضة أليكسي نافالني، أو مكتب المؤسسات الديموقراطية وحقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا (ODIHR).
ويقول مدير الأبحاث في المعهد النروجي للشؤون الدولية هالفارد ليرا إنه في السنوات الأخيرة "عادت لجنة جائزة نوبل للسلام للتركيز على قضايا مصغرة أكثر، أقرب إلى الأفكار الكلاسيكية للسلام، مع الحفاظ على ارتباطها بحقوق الإنسان والديموقراطية وحرية الصحافة والمرأة".
ويتابع ليرا "حدسي يُشير إلى أننا نميل هذا العام على الأرجح إلى فائز أقل إثارة للجدل".
الجائزة لمؤسسة لا تتماشى مع تطلعات ترامب؟
وقد تُعيد لجنة نوبل تأكيد التزامها بنظام عالمي لا يتماشى مع تطلعات دونالد ترامب، من خلال مكافأة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش و/أو وكالة تابعة للأمم المتحدة مثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أو وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وقد تختار اللجنة أيضا منح الجائزة إلى جهات معنية بالعدالة الدولية، مثل محكمة العدل الدولية أو المحكمة الجنائية الدولية، أو لهيئات ناشطة في مجال حرية الصحافة مثل لجنة حماية الصحافيين CPJ و"مراسلون بلا حدود"... أو ربما تعمد مثلما تفعل في كثير من الأحيان إلى منح الجائزة لجهة غير متوقعة، من خارج الأسماء المتداولة.