سياسة

اتفاق غزة بلا إيران.. هل خسرت "زعيمة المحور" ورقة النفوذ؟

نشر
blinx
في خضمّ التحوّلات السياسية التي رافقت إعلان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، برزت إيران هذه المرّة في موقع الغائب عن مشهد دبلوماسي تقوده واشنطن والقوى الإقليمية، إذ أعلن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان أنّ بلاده لن تشارك في قمة شرم الشيخ المخصصة للاتفاق، مبرراً ذلك بأن طهران "لا يمكن أن تشارك أو تتحاور مع من هاجم الشعب الإيراني ولا يزال يهدده ويفرض عليه العقوبات"، وفقا لما نقلته وكالة وانا الإيرانية.
وجاء هذا التصريح بعد أن وجّهت مصر، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، دعوة رسمية إلى إيران لحضور القمة التي شارك فيها أكثر من 20 دولة من بينها الهند واليابان وإسبانيا والبحرين والكويت. وعقدت القمة برئاسة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الأميركي دونالد ترمب بهدف بلورة مرحلة سياسية جديدة في الشرق الأوسط.
ووقّع ترامب مع قادة كلّ من مصر وتركيا وقطر في شرم الشيخ الإثنين وثيقة اتفاق غزة الذي توسّط فيه وأثمر وقفا لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس وتبادلهما سائر الرهائن الأحياء المحتجزين في القطاع بمعتقلين وسجناء فلسطينيين، واصفا ما تحقّق بأنه "يوم عظيم للشرق الأوسط".
وقد أكد الوزير الإيراني أن بلاده ترحب بأي مبادرة لإنهاء "الإبادة في غزة" لكنها ترفض الانخراط مع أطراف تعتبرها معادية لإيران.

المحور الإيراني تفكّك؟

لم يعد ما كان يُعرف بـ"محور الإيراني" الذي استخدمته طهران لعقود كورقة نفوذ إقليمية موجوداً فعلياً على الأرض، وفق تحليل نشره موقع آي نيوز البريطاني.
فبعد سنوات من دعم حركات مسلحة كحزب الله وحماس والحوثيين، جاءت الضربات الإسرائيلية والأميركية خلال العامين الماضيين لتفكّك البنية العملياتية لهذه الشبكات، إذ سقط النظام السوري الحليف القديم لطهران، وضعفت قدرات حزب الله إلى حد كبير بعد سلسلة اغتيالات إسرائيلية لقياداته، وتراجعت فعالية الحوثيين نتيجة استهداف بنيتهم القيادية بالصواريخ بعيدة المدى.
ورغم محاولات طهران الإيحاء بقدرتها على التأثير، فإن الوقائع على الأرض تشير إلى تقلّص نفوذها الإقليمي بشكل دراماتيكي، حيث تحوّل هذا المحور من ورقة ضغط إلى عبء سياسي وأمني.

السابع من أكتوبر لحظة عزلة حادة

يرى موقع إيران واير أنّ هجوم 7 أكتوبر الذي شنته حماس على إسرائيل، لم يكن فقط بداية حرب جديدة في غزة، بل محطة عززت عزلة إيران بشكل غير مسبوق.
فالتقارير الاستخباراتية الغربية التي تحدّثت عن دور فيلق القدس في تدريب وتسليح حماس جعلت طهران تُرى على الساحة الدولية كشريك استراتيجي لهجوم مصنف إرهابياً في الغرب.
ترك هذا التصنيف إيران وحيدة في مواجهة تبعات الحرب سياسياً واقتصادياً. كما رافق ذلك تصاعد الضغط الداخلي مع تفاقم الأزمة الاقتصادية، حيث شهدت العملة الإيرانية انهياراً تاريخياً وتراجعاً حاداً في القوة الشرائية للمواطنين.

قمة شرم الشيخ ومعنى الغياب

يشير تحليل نشرته قناة إيران إنترناشيونال إلى أن توجيه دعوة لإيران للمشاركة في قمة شرم الشيخ كان في جوهره اختباراً استراتيجياً حول ما إذا ما كان يمكن لطهران أن تقبل الدخول في مسار إقليمي جديد يهدف إلى إنشاء علاقات مع إسرائيل بشكل غير مباشر مقابل تخفيف الضغوط والعقوبات.
لكن رفض الحضور اعتبر إشارة إلى تمسّك النظام بخطاب العداء التقليدي، ما يضعه عملياً خارج التحالفات الجديدة التي تقودها واشنطن في المنطقة.
هذا الغياب عكس أيضاً إدراكاً داخل إيران بأن أي مشاركة ستُقرأ كتحول جذري في العقيدة السياسية لطهران، ما سيحدث شرخاً داخلياً في بنيتها الأيديولوجية.

حدود العقوبات وإيران تحاول المناورة

ورغم هذه العزلة، تُظهر طهران أنّ العقوبات التي تراكمت لعقود لم تعد سيفاً قادراً على كسرها. وفق تحليل نشرته صحيفة طهران تايمز، فقد ساهمت العقوبات في دفع إيران نحو بناء اقتصاد مقاوم وتوسيع علاقاتها مع الشرق، خصوصاً الصين وروسيا ودول الجنوب العالمي. كما طورت شبكات مالية وتجارية بديلة، وعززت قدراتها العسكرية الدفاعية بشكل جعل التهديد العسكري أقل فعالية.
في القطاع الاقتصادي، تمكنت إيران من الحفاظ على صادراتها النفطية عبر قنوات غير تقليدية. في المجال التكنولوجي، طورت برامج محلية في الطائرات المسيرة والصناعات الدفاعية. في المجال السياسي، عززت حضورها في تحالفات مثل بريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون. وفي مجال الطاقة، واصلت لعب دور مؤثر في معادلات سوق النفط العالمية من خلال موقعها الجغرافي عند مضيق هرمز.
هذه الاستراتيجيات لا تلغي واقع العزلة السياسية الراهنة لكنها تُظهر قدرة طهران على امتصاص جزء كبير من الضغوط، ما يجعل العقوبات وحدها غير كافية لفرض تغيير في سلوكها.

طهران ترد على "يد ترامب الممدودة"

ورأت إيران الثلاثاء أن نداء الرئيس الأميركي لإحلال السلام في الشرق الأوسط يتعارض مع تصرفات الولايات المتحدة.
وكان ترامب رأى الاثنين في خطاب أمام البرلمان الإسرائيلي أن من مصلحة المنطقة أن تتخلى إيران "عن الإرهابيين و أن تتوقف عن تهديد جيرانها وعن تمويل أذرعها المسلحة، وأن تعترف بحق إسرائيل بالوجود"، مؤكدا أن بلاده "مستعدة للسلام" معها.
وردت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان بالقول إن "الرغبة في السلام والحوار التي أعرب عنها الرئيس الأميركي تتعارض مع التصرفات العدوانية والإجرامية للولايات المتحدة تجاه الشعب الإيراني".

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة