ما قصة ضريح "الشنتو" الذي يثير غضب الصين؟

رغم أن ضريح ياسوكوني، الذي يعني دولة السلام، يضم أسماء قرابة ٢.٥ مليون شخص قتلوا خلال الحروب التي خاضتها اليابان منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر فإن ١٤ شخصا هم محل الجدل.

هؤلاء الأشخاص الأربعة عشر يصنفون على أنهم من مجرمي حرب من الفئة (A) خلال الحرب العالمية الثانية أدينو من قبل الحلفاء فيما عرف بمحاكمات طوكيو.

والفئة (A) من مجرمي الحرب في هذه المحاكمات هم من ارتكبوا جرائم ضد السلام أي التخطيط أو الإعداد أو البدء أو شن حرب عدوانية، بحسب موقع وزارة الخارجية الأميركية.

وخلال الحقبة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية كانت زيارة الضريح من قبل المسؤولين اليابانيين محل انتقاد من كوريا الجنوبية والصين اللذين شهدا احتلال طوكيو لهما خلال النصف الأول من القرن العشرين.

وخلال الفترة التي أعقبت الحرب العالمية زار الإمبراطور هيروهيتو، الذي قاتل اليابانيون من أجله، الضريح ٨ مرات حتى عام ١٩٧٥ لكنه توقف بسبب استيائه من قادة الحرب المدانين المكرمين.

ولم يزر ابنه أكيهيتو، الذي أصبح إمبراطورا في عام 1989 وتنازل عن العرش في عام 2019، الضريح قط، كما لم يفعل الإمبراطور الحالي ناروهيتو، بحسب رويترز.

أما رؤساء الوزراء، فقد زار بعضهم الضريح بحجة أنها غير رسمية، لكن كانت زيارة ياسوهيرو ناكاسوني عام 1985 رسمية، وكذلك هناك زيارات جونشيرو كيوزومي وزيارة واحدة لشينزو آبي إذ أثارت زيارته غضب الجيران فاكتفى لاحقا بإرسال القرابين.

وفي حالة فوميو كيشيدا، فإنه أرسل قرابين وتكريمات 9 مرات منذ توليه السلطة بحسب صحيفة هانكيوريه الكورية الجنوبية.

يتبع ما يقرب من 50% من السكان في اليابان عقيدة "الشنتو"، ووفقا لتقرير الحريات الدينية لوزارة الخارجية الأميركية عام 2022 فإن عدد أتباعها في البلاد يصل إلى 87.9 مليون شخص (48.5٪ من السكان).

ويؤخذ في الاعتبار انتماء العديد من المواطنين إلى ديانات متعددة، على سبيل المثال، من الشائع أن يشارك أتباع البوذية في الاحتفالات والمناسبات الدينية للأديان الأخرى، مثل الشنتو، والعكس صحيح، بحسب التقرير ذاته.

وتقوم الشنتو، التي تعد العبادة التقليدية في اليابان، على أن أرواح الموتى تبقى إلى الأبد وتحرس ذريتهم. وحتى اليوم، يعتبر الأشخاص الذين يحملون هذه المعتقدات التقليدية والإيمان الشنتوي أسلافهم "آلهة حارسة"، وتاليا موضوعات للعبادة.

فروح الميت في الشنتو تتحول إلى الأبدية مثل روح الكامي "الإله".

وفي حالة ضريح ياسوكوني، فإن اليابانيين يعبدون أرواح أولئك الذين قدموا مساهمات كبيرة لمجتمعاتهم الإقليمية والوطنية، فيحيي أسماء هؤلاء الذين ماتوا لحماية بلادهم، وبالتالي يصبحون موضوع العبادة في الضريح الذي لا يضم جثثهم أو عظامهم، بحسب الموقع الرسمي للضريح.

مع دخول القرن السادس، كان هناك قبول عام في اليابان أن الإمبراطور ينحدر من الكامي (في هذا السياق الآلهة)، وكان على اتصال بهم.

لكن ذلك لم يجعله هذا إلها بنفسه، بل فرض عليه التزاما بأداء طقوس وتقوى معينة من أجل ضمان رعاية الكامي لليابان بشكل صحيح وضمان ازدهارها، بحسب BBC.

وأصبحت المكانة الإلهية للإمبراطور افتراضا عاما أثناء الحرب العالمية الثانية، ولكن كعنصر حيوي في الفهم الوطني الياباني لأنفسهم كأمة وليس كواقع لاهوتي.

ولذلك، حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، كانت الشنتوية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالدولة، فتقدم الحكومة والأسرة الإمبراطورية تقدم القرابين للكامي كل عام، وكانت تُرفع الصلوات من أجل سلامة الدولة والشعب، بحسب بريتانيكا.

وكانت طقوس شؤون العبادة التي يقدمها الإمبراطور منذ الأيام القديمة لا تشمل فقط مراسم للكامي ولكن أيضا الأمور العادية للدولة.

وعندما تخلى الإمبراطور عن "ألوهيته" بناء على أوامر الولايات المتحدة، في المرسوم الإمبراطوري الصادر في الأول من يناير عام 1946، فإنه في الواقع لم يتخل عن أي شيء كان لديه من قبل، لكنه أعاد ببساطة تأكيد مجموعة تقليدية سابقة من المعتقدات حول العائلة الإمبراطورية، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية.