أديان

كارلو أكوتيس.. قديس الألفية الذي جمع بين الإيمان والتكنولوجيا

نشر
blinx
تحت سماء الفاتيكان الصافية تحوّلت ساحة القديس بطرس، الأحد، إلى لوحة نابضة بالحياة، امتلأت بوجوه شابة ترفع صور فتى بملامح مألوفة، يرتدي سروال جينز وحذاءً رياضياً، كأنه واحد منهم.
لم يكن ذلك الفتى سوى كارلو أكوتيس، المراهق الإيطالي الذي رحل مبكراً بسرطان الدم عام 2006، ليُعلن الأحد قديساً على يد البابا ليو الرابع عشر، في خطوة جعلته أول قديس من جيل الألفية.
وبحسب شبكة سي إن إن، تجاوز هذا الإعلان كونه طقساً كنسياً تقليدياً، ليحمل رسالة أوسع موجّهة إلى شباب اليوم الباحثين عن نموذج ديني يعكس واقعهم في زمن الإنترنت.

كارلو أكوتيس.. قديس الألفية الذي وحد بين الإيمان والتكنولوجيا (أ.ب)

من هو كارلو أكوتيس؟

وُلد كارلو في لندن عام 1991 لأسرة إيطالية ميسورة، حيث كان والده يعمل في القطاع المصرفي قبل أن ينتقل إلى ميلانو ليصبح رئيساً لشركة تأمين إيطالية، وفق ما ذكرت شبكة سي إن إن.
عاش طفولة طبيعية، أحب الرياضة، وتميّز بخفة دم جعلته يصنع أفلاماً طريفة لقططه وكلابه مقلداً أصواتها. لكنه أظهر منذ الصغر تعلقاً عميقاً بالإيمان رغم أن أسرته لم تكن متدينة. كان ينفق مصروفه لمساعدة المشردين في ميلانو، ويدافع عن زملائه الذين يتعرضون للتنمر أو يعيشون أزمات عائلية.
استخدم مهاراته في الحاسوب لينشر تعاليم دينية بين أقرانه، ناشراً الديانة المسيحية بينهم، وموثقا روايات عن معجزات بارزة في التراث الكنسي.

كارلو أكوتيس.. قديس الألفية الذي وحد بين الإيمان والتكنولوجيا (أ.ب)

بأسلوبه البسيط والقريب من جيله، ارتدى كارلو دوماً الجينز وحذاء نايك الرياضي، ما جعله مختلفاً عن صورة القديسين التقليدية، لكنه أقرب إلى قلوب الشباب الذين يرون فيه قدوة عصرية، بحسب صحيفة الغارديان.

لماذا تم إعلانه قديساً؟

كانت مسيرة كارلو أكوتيس نحو إعلان قداسته سريعة على نحو لافت، إذ إن إجراءات الاعتراف بالقديسين عادةً ما تمتد لقرون وتستلزم "إثبات وقوع معجزتين على الأقل"، بحسب تعاليم الكنيسة. غير أن كارلو جرى تطويبه عام 2020 بعد أن نُسبت إليه روايات عن شفاء بعض الأشخاص بأمراض مختلفة استناداً إلى التماس بركته، وفق وكالة أسوشييتد برس، من دون أن تجد تلك الحالات تفسيراً علمياً واضحاً.

كارلو أكوتيس.. قديس الألفية الذي وحد بين الإيمان والتكنولوجيا (أ.ب)

ورغم بعض الانتقادات التي ترى أن قضيته استُخدمت للترويج لفكر لاهوتي محافظ، إلا أن الكنيسة الكاثوليكية قدّمت من خلاله نموذجاً لاهوتياً جديداً يربط الإيمان بالتكنولوجيا ويجذب الأجيال الشابة، بحسب تحليل نشرته الغارديان.

ما الذي يعنيه للشباب المسيحيين؟

كان احتفال قداسة الشاب لحظة فارقة للكنيسة في زمن يعاني فيه الإيمان التقليدي من فتور بين الشباب، خصوصاً في الغرب.
غير أن استطلاعات وتجارب حديثة أظهرت اهتماماً متزايداً بالكاثوليكية بين أبناء جيل "زد" في الولايات المتحدة وأوروبا، وفق ما ذكر تقرير لشبكة سي إن إن.
رأت والدته، أنطونيا سالزانو، أن رسالة ابنها موجهة للشباب لاستخدام الإنترنت في الخير. وقد نقلت عنه قوله الشهير: "كل واحدٍ منا مميّز، هناك دعوة ورسالة".

كارلو أكوتيس.. قديس الألفية الذي وحد بين الإيمان والتكنولوجيا (أ.ب)

كما أكد رئيس أساقفة أسيزي، دومينيكو سورينتينو، أن أعداد الزوار الذين يقصدون قبره في تزايد كبير، حيث زاره نحو مليون شخص في عام واحد، وهو ما يعكس تأثيره الروحي العالمي، وفق ما نشرته سي إن إن.
بالنسبة إلى الكثيرين من الشباب، يمثل كارلو أكوتيس دليلاً على أن القداسة لم تعد مقصورة على الرهبان أو رجال الدين، بل يمكن أن تكون جزءاً من حياة طالب يلعب ألعاب الفيديو، يشارك على الإنترنت، ويعيش قضايا عصره. وبذلك، باتت قصته بمثابة جسر يربط الإيمان الكاثوليكي بعصر التكنولوجيا.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة