من نوبل "زويل المصري" إلى "مُنجي التونسي".. "الكمومية" أسهل مما نتخيل

أليكسي إكيموف رسم الخط الأول في هذا المجال عام ١٩٨١ حينما راقب تأثيرات الضوء المعتمدة على الحجم، في الزجاج الملون المشبع بجزيئات كلوريد النحاس، ليلحقه لويس بروس الذي رسم الخط الثاني بالوصول إلى كيفية صنع نقاط كمومية في محلول، بينما كان يبحث في جسيمات شبه موصلة لاستخدامها في تطبيقات الطاقة الشمسية.

واستكمل منجي باوندي المثلث قبل 30 عاما برسم خط باكتشافه طريقة لصنع نقاط كمومية بأحجام محددة عبر حقن المادة الكيميائية في مذيب ساخن حتى يتشبع لتتكون البلورات فجأة، وحينما يترك المذيب الساخن يتباطأ نمو البلورات لتصبح النقاط الكمومية كلها بنفس الحجم والجودة.

يحكي كريستوفر موراي، الكيميائي بجامعة بنسلفانيا في فيلادلفيا، وكان طالب دكتوراه ويعمل مع باوندي في الورقة البحثية المتوجة لهذا الاكتشاف، فيقول لمجلة نيتشر إن إنتاج النقاط الكمومية أصبح عملية كيميائية واضحة إلى حد ما، ما يسمح بمزيد من التطبيقات العملية التي يمكن أن تساعد المهندسين على تطوير أجهزة كشف وأجهزة استشعار بصرية منخفضة التكلفة.

وفقا لورقة بحثية مقدمة العام الماضي ومنشورة على المكتبة الوطنية الأميركي للطب، فإن للنقاط الكمومية العديد من التطبيقات الطبية الحيوية مثل توصيل الأدوية، والتصوير الحي، والتشخيص الطبي، بالإضافة إلى تطبيقات أخرى خارج الطب مثل الخلايا الشمسية.

على جانب آخر، فلا تزال النقاط الكمومية مجالا واعدا في البحث من أجل مواجهة السرطان، وبحسب ورقة بحثية أخرى، فإن تقنية النانو المعتمدة على النقاط الكمومية مفيدة في بناء منصة تصوير طبي حيوي لدراسة سلوك السرطان.

رغم ذلك، فلا تزال النقاط الكمومية لا تستخدم بقوة داخل العيادات.

تعتبر النقاط الكمومية جسيمات نانوية، ولكن ليس العكس، فقط بعض المواد (مثل أشباه الموصلات) بحسب المجتمع الملكي البريطاني للكيمياء.

بحسب الورقة المقدمة من لجنة نوبل للكيمياء، فإن اكتشاف النقاط الكمومية خطوة مهمة في تطور علم النانو، وقد ألهم العديد من الكيميائيين للانخراط في هذا المجال متعدد التخصصات والذي يدور حول دراسة الظواهر التي تحدث عندما يتم تنظيم المواد أو تصميمها على نطاق أقل من حوالي 100 نانومتر.

ومن علوم النانو أصبح هناك تكنولوجيا النانو التي تستخدم أدوات فيزياء أشباه الموصلات، والكيمياء العضوية وغير العضوية، والبيولوجيا الجزيئية، والتكنولوجيا الحيوية، وتتراوح تطبيقاتها بين الإلكترونيات الحديثة إلى الحفز الصناعي، ومن الطب الدقيق إلى تكنولوجيا الكم.

قبل حوالي ربع قرن حصل العالم المصري الأصل أحمد زويل على جائزة نوبل للكيمياء من خلال ما قدمه من أبحاث تمكن من متابعة التفاعلات الكيميائية بالتفصيل عبر تطوير تكنولوجيا الليزر لإنتاج ومضات من الضوء لا يتجاوز طولها بضعة "فيمتو ثانية" ليتمكن من تصوير هذه التفاعلات بالحركة البطيئة، ورؤية ما يحدث بالفعل عندما تنكسر الروابط الكيميائية وتنشأ روابط جديدة.

وبعد سنوات استطاع منجي ذو الأصول التونسية بالتوصل إلى النقاط الكمومية التي كانت أيضا محل بحث للعالم المصري حتى وفاته عام ٢٠١٦.

بحسب "ماركتس آند ماركتس" الاستشارية في مجال الإيرادات والأعمال فإن حجم سوق النقاط الكمومية بلغ ٤ مليارات دولار عام ٢٠٢١، ويتوقع أن يصل إلى ٨.٦ مليارات دولار بحلول العام ٢٠٢٦.

وتعد أشهر الشركات العاملة في هذا المجال في الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية.