أمن
.
في مدينة أسيبوفيتشي الواقعة على بعد 50 ميلا فقط من العاصمة البيلاروسية مينسك، بدأت حركة محمومة تظهر في أحد معسكرات الجيش المهجورة أظهرتها الأقمار الصناعية لتكون معسكرا محتملا لمقاتلي فاغنر بحسب معهد دراسات الحرب ISW لتبدأ فاغنر مرحلة جديدة في عملياتها.
مكالمة مطولة الشهر الماضي تجاذب فيها رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو وزعيم مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين أطراف الحديث لإنهاء تمرد مسلح بدأته المجموعة في مدينة روستوف جنوبي روسيا لتتجه صوب العاصمة موسكو لينتهي كل شئ خلال أقل 24 ساعة.
أسيبوفيتشي قد لا تكون المقر الوحيد لفاغنر في بيلاروسيا حيث تحتوي البلاد على قواعد تدريب تستضيف 30 ألف جندي روسي منذ بداية العام 2022 وكان العديد منها على الحدود مع أوكرانيا في ولايتي غوميل وبريست.
في المقر الزجاجي الفاخر لمجموعة فاغنر في سانت بطرسبرغ، كان عملاء الأمن الفيدرالي يجوبون المكاتب بحثًا عن أدلة ضد بريغوجين، كما صادرت أجهزة كمبيوتر وخوادم في مجموعة باتريوت ميديا التابعة له، والتي تشير وول ستريت جورنال أنها ضخت ملايين الرسائل المؤيدة للكرملين على وسائل التواصل الاجتماعي، وتدخلت في الانتخابات الأميركية عام 2016.
المجموعة التي تقاتل في أوكرانيا وعدد من الدول الأفريقية اتفق قائدها ولوكاشينكو على الذهاب ومقاتليه إلى بيلاروسيا مع إسقاط التهم الموجهة ضده من قبل القضاء الروسي وكذلك المقاتلين الذين شاركوا في التمرد والمقدر عددهم بحسب بريغوجين بـ25 ألف مقاتل ليكون التساؤل ماذا ستفعل فاغنر في الدولة الحليفة لموسكو حيث يتوقع انتشار 8 آلاف مقاتل بحسب نائب رئيس الوزراء البولندي ياروسلاف كاتشينسكي؟
رغم عدم معرفة مكانه فقد أعلن رئيس بيلاروسيا وصول قائد فاغنر لبلاده يوم الثلاثاء الماضي، وعن دعوته لفاغنر لتدريب جيشه والاستفادة من خبراته بحسب CNN، لتشير معهد دراسات الحرب إلى احتمالية استغلال لوكاشينكو لفاغنر كورقة مناورة لتحقيق التوازن ضد حملة الكرملين لابتلاع بلاده ضمن دولة متحدة مع روسيا.
فيما يحاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السيطرة على شركة كونكورد التابعة لبريغوجين التي أسهمت بحسب وول ستريت جورنال في حشد النفوذ الدولي وتحصيل الإيرادات، فإن بريغوجين بعض ممتلكاته إلى الموظفين في الأسابيع التي سبقت التمرد ليزيد الأمور تعقيدا.
من منفاها ظهرت زعيمة المعارضة البيلاروسية سفيتلانا تسيخانوسكايا في حديث صحفي لموقع سيمافور لتتحدث عن خطوات لوكاشينكو المعروف لدى الغرب بـ "آخر دكتاتور في أوروبا" حيث وصفت فاغنر بـ"البلطجية" وأن ما سيعلمونه هو كيفية الاغتصاب والقتل، مشيرة إلى أن وساطة لوكاشينكو مدفوعة بالتخوف من سقوطه بعد سقوط الكرملين.
حذر جاسيك سيوييرا، رئيس المكتب الوطني للأمن في بولندا من استخدام فاغنر مهاجرين من أفريقيا وأماكن أخرى تعمل فيها المجموعة لزعزعة استقرار أوروبا الوسطى والشرقية، مشيرا إلى أن هذا الأمر يرتبط بوجود المجموعة في أفريقيا والمغرب العربي والساحل والشرق الأوسط وخطر تصعيد الهجرة القسرية والهجوم على حدود بلاده إضافة إلى حدود لاتفيا وليتوانيا بحسب تصريحاته لصحيفة فاينانشيال تايمز.
ويشير قنسطانطين إيجرت محلل الشؤون الروسية في DW إلى أن لوكاشينكو حث آلاف المهاجرين من الشرق الأوسط ما بين عامي 2020 و 2021على الوصول إلى لاتفيا وليتوانيا وأن الحدود مفتوحة لهم، ولذلك ما يحدث الآن يمثل تحديا للاتحاد الأوروبي وحلف الناتو.
وبحسب relief web المعني بالشؤون الإنسانية فإن ما لا يقل عن 24 شخصا فقدوا حياتهم في محاولات عبور الحدود من بيلاروسيا إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2021 وأوائل عام 2022.
وبحسب حرس حدود بولندا تم تسجيل 977 محاولة لعبور الحدود في أبريل 2022 وما يقرب من 4280 منذ بداية عام 2022. هذا أقل بكثير من نوفمبر من عام 2021، عندما تجمع ما بين 3000 و 4000 مهاجر على طول الحدود.
تطرح الموظفة السابقة في الاستخبارات العسكرية الأميركية ريبيكا كوفلر سيناريو مختلف عما طرح من قبل حيث وصفت في مقالتها بنيوز ويك ما حدث أنه عملية "علم كاذب" "False flag تستهدف عدة نقاط هي:
مؤسس فاغنر يفغيني بريغوجين يعرف على أنه أحد المقربين من الرئيس الروسي فلاديمير حيث يلقب بالطباخ نظرًا لتقديمه خدمات الطعام والشراب إلى الكرملين، وقد أسسها إلى جانب ضابط الجيش الروسي السابق ديمتري أوكتين الذي برز دوره خلال حرب الشيشان مطلع القرن الحادي والعشرين.
ظهرت فاغنر لأول مرة في الساحة الدولية خلال عملية ضم شبه الجزيرة القرم إلى روسيا عام 2014 ليتتابع ظهورها في عدة دول عربية وإفريقية، رغم ذلك فإنها لم تسجل كشركة لها مقر في مدينة سان بطرسبرج الروسية سوى عام 2022 حيث بلغ عدد مقاتليها 50 ألف شخص بحسب وزارة الدفاع البريطانية.
أما على مستوى القارة الأفريقية فإن نفوذ فاغنر يتزايد في منطقة جنوب الصحراء في مالي وبوركينا فاسو وموزمبيق ومدغسقر حيث يدعمون النخب الحاكمة، ووفقًا للجيش الأمريكي فإن أعداد مقاتلي المجموعة يتراوح ما بين 3000 إلى 5000 مقاتل حيث يتنقلون من منطقة نزاع إلى أخرى، وفي جمهورية إفريقيا الوسطى يوجد أعمق نفوذ للشركة حيث يعملون حراس شخصيين للرئيس فوستان آرشانج تواديرا بحسب واشنطن بوست.
وبحسب مارات جابيدولين أحد المقاتلين السابقين في فاغنر فإنه كان يحصل على 80 ألف روبل (حوالي 1320 دولار) خلال فترة التدريب. ثم خلال الحرب، 180 ألف روبل في الشهر (2860 دولار تقريبًا) أما إذا شارك في القتال فيزيد المبلغ إلى حوالي 240 ألف روبل (حوالي 4000 دولار تقريبًا) شهريا.
وتشير صحيفة وول ستريت جورنال إلى أن لدى فاغنر أكثر من 100 شركة فيما أشار الرئيس الروسي بوتين إلى أن الشؤون المالية لشركة كونكورد القابضة إلى جانب فاغنر تلقت ما يقرب من ملياري دولار من العقود العسكرية بين مايو 2022 ونفس الشهر من العام الجاري. وأن مجموع عقودهما يبلغ مجموعها 1703 مليار روبل ، أو ما يقرب من 20 مليار دولار.
المعارضة في بيلاروسيا
خاض لوكاشينكو الانتخابات في عام 2020 للبقاء لفترة سادسة في الحكم واعتقل حينها زعيم المعارضة سيرجي تيكانوفسكي ومنعه من خوض الانتخابات الرئاسية في ذلك العام، لكن زوجته سفياتلانا تسيخانوسكايا قررت تحدي لوكاشينكو وقد واجهته في الانتخابات التي جاءت نتائجها الرسمية حصول الرئيس البيلاروسي على 80% من الأصوات فيما حصلت زعيمة المعارضة على 10% من الأصوات.
تقول تسيخانوسكايا إنها حصلت على ما بين 60% إلى 70% من الأصوات، ولتندلع عقب ذلك احتجاجات اعتقل فيها آلاف بحسب BBC فيما رحلت تسياخنوسكايا إلى أوروبا فيما حكم عليها بالسجن غيابيا بحسب USA Today.
وتقود تسيخانوسكايا ما يعرف بالحكومة الانتقالية الموحدة، وتحث المجتمع الدولي على التوقف عن إشراك إدارة لوكاشينكو والاعتراف بحكومتها الانتقالية الموحدة.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة