أمن
.
إلى بيت أقربائها في حي خروبة في مدينة جنين لجأت أم بكر لحلوح برفقة زوجها وأولادها من وسط مخيم جنين، بعد أن أخبرهم الهلال الأحمر الفلسطيني بنية الطيران الإسرائيلي قصف منطقتهم. وما أن انفض غبار المعركة التي راح ضحيتها ١٣ شابا فلسطينيا وأصيب فيها أكثر من ١٥٠ مواطن جنيني، حتى عادت أم بكر في ظهر يوم ٦ يوليو إلى منزلها الذي اتشح بسواد الحريق الذي نتج عن القصف الإسرائيلي للمنزل.
ولأن بيوت المخيم متلاصقة، لم يقتصر الحريق على البيت الذي تعيل فيه أم بكر أولادها، بل صعدت ألسنة اللهب إلى الطابق الثاني الذي يسكن فيه أخ زوجها، وفي الوقت نفسه وبسبب شدة النيران وصل الحريق إلى الطابق الثالث الذي يسكن فيه أخ زوجها الآخر. وخلال تجولها في بيتها وقفت أم بكر أمام أجهزة كهربائية تعود لابنها العريس الجديد الذي كان من المقرر أن يحتفل بزفافه في ١٧ يوليو (بعد أسبوعين تقريبا). غسالة وثلاجة ومايكروويف وأغراض أخرى يطلق عليها الفلسطينيون "جهاز العرس" كلها احترقت في بيت أم بكر، التي ظلت طوال حديثها مع بلينكس تقول: "بهمش، الحمد لله، فدا بلادنا ووطنا والمخيم".
وترى أم بكر أن الجيش الإسرائيلي عجز عن تحقيق أهدافه في القضاء على من اعتبرتهم "شرف المخيم" وتقصد المقاتلين في كتيبة جنين. ولأنها تعتبره فشل في العملية العسكرية، لجأ بكل قوته وعتاده لتدمير البنية التحتية "ظناً منه أن يكسر شوكة الأهالي بذلك" حسبما قالت أم بكر.
يتكون بيت أم بكر من ٦ غرف، جميعها أحرقت وتدمرت في قصف صاروخي واحد، مع ثلاثة بيوت أخرى، وأبلغ الهلال أحمر الفلسطيني ووكالة الغوث لتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا عائلة اللحلوح بأن بيوتهم الأربعة غير صالحة للترميم وأن الخطو القادمة هي هدمها وإعادة بنائها.
قدمت أم بكر إلى المخيم صبيةً صغيرة من قرية عرابة جنوب جنين، وتزوجت فيه من محمد لحلوح (أبو بكر). كان ذلك قبل ٣٣ عام، ظلت فيها أم بكر مع زوجها تنام في غرفة نوم اشترتها عام ١٩٩٠ أثناء تحضيرها لعرسها. واليوم تقول أم بكر: "هاي غرفة نومي انحرقت مع كل ذكرياتها، إلى فيها ٣٣ سنة". خلال تجول أم بكرلفتت إلى أنهم متخوفون جداً من التجول في بيتهم المقصوف، لأن الجيش الإسرائيلي حسبما تقول عادة ما يترك خلفه عبوات ناسفة وقنابل متفجرة.
وشارك في العملية التي أطلقت عليها إسرائيل اسم "البيت والحديقة" ١٥٠٠ جندي من وحدات النخبة أبرزها وحدة الدفدافون واليمام واليسام والمظلية. وكذلك شاركت أكثر من ١٥ طائرة حربية نفّذن أكثر من ٥٠ غارة جوية في المخيم ومحيطه.
على الجهة المقابلة قادت كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس الجناح العسكري للجهاد الإسلامي المعركة التي أطلقت عليها اسم "بأس جنين" وكان برفقة الكتيبة، مقاتلي كتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة فتح، ومقاتلي كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، ومقاتلين من كتائب أبو علي مصطفى الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
خرج آلاف من الفلسطينيين لتشييع جثامين الشهداء
الجيش الإسرائيلي أعلن الأربعاء إنهاء عملية واسعة استمرت يومين في جنين، بعد غارات شنها فجرًا على غزة ردًا على إطلاق صواريخ من القطاع.
وباشرت القوات الإسرائيلية انسحابها من منطقة جنين مساء الثلاثاء. وأفادت ناطقة باسم الجيش الأربعاء وكالة فرانس برس "العملية انتهت رسميا وغادر الجنود منطقة جنين".
بعد ظهر الأربعاء، خرج آلاف من الفلسطينيين لتشييع جثامين تسعة قتلوا خلال العملية في مقبرة الشهداء في المخيم. بينما نقلت ثلاثة جثامين لدفنها في قرى في ريف جنين.
وهتف المشاركون "بالروح بالدم نفديك يا شهيد" ولفت جثامين بأعلام فلسطينية واعلام حركتي حماس والجهاد الإسلامي.
خبيرتان أمميّتان مستقلّتان قالتا إنّ "الضربات الجوية والعمليات البرية" التي نفّذتها القوات الإسرائيلية في مخيّم جنين هذا الأسبوع "يمكن للوهلة الأولى أن ترقى إلى جرائم حرب".
وأشارت المقرّرتان الأمميّتان إلى أنّ هذه "الهجمات هي الأعنف في الضفة الغربية منذ تدمير مخيّم جنين في 2002".
والخبيرتان هما المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 فرانشيسكا ألبانيز، والمقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان للمشردين داخليا باولا غافيريا بيتانكور.
ولا تعبّر هاتان الخبيرتان عن موقف الأمم المتّحدة.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة