بين واشنطن وبكين.. حرب ظل وكثير من الجواسيس

ابتداء من العام ٢٠١٠، استطاعت الصين تفكيك العديد من شبكات التجسس التابعة للمخابرات المركزية الأميركية فيما وصف مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون عام ٢٠١٧ ما يحدث بأنه اختراق استخباراتي من بين الأسوأ منذ عقود.

وبحسب نيويورك تايمز، تواجه وكالة الاستخبارات تحديات لإعادة بناء شبكتها في الصين، وأصبح عليهم العمل لأيام للهروب من المراقبة الصينية قبل مقابلة المصادر أو تبادل الرسائل فبرامج الذكاء الصناعي تكشف وجوههم وتحركاتهم.

حتى أن الصين لديها برنامج ذكاء اصطناعي يمكنه التعرف على الوجوه والكشف عن مشية جاسوس أميركي، مما يعني أن التنكرات التقليدية ليست كافية لتجنب اكتشافها، وفقًا لمسؤول استخباراتي سابق. ويقول مسؤولون سابقون في المخابرات إن العملاء الأميركيين يجب عليهم الآن قضاء أيام بدلا من ساعات في السير على الطرق لرصد أي عملاء صينيين متخلفين قبل مقابلة مصدر أو تبادل الرسائل.

في الثالث من أغسطس الماضي اتهمت الولايات المتحدة شخصان من أصل صيني بنقل أسرار عسكرية من مواقع عملهما إلى بكين ليواجها محاكم في مدينة سان دييغو بولاية كاليفورنيا.

المعلومات التي قدمها كل من "جين تشاو وي" أو "باتريك" و "وين هينج شاو" أو "توماس" ارتبطت بالبحرية الأميركية حيث سعيا إلى الحصول على معلومات حول السفن الحربية الأميركية وأنظمتها الدفاعية وما تحمل من أسلحة فضلا عن نقاط ضعفها وأنماط استخدامها مقابل مبالغ مالية من آلاف الدولارات.

الشهر ذاته كانت وزارة الأمن الصينية تحقق مع مواطن متهم بالتجسس لصالح المخابرات الأميركية.

المواطن الذي أشير إليه باسم "هاو" ذهب إلى اليابان للدراسة وكان هناك عندما تم تجنيده على يد مسؤول في السفارة الأميركية يدعى تيد أثناء فحص طلب تأشيرة في طوكيو بحسب رويترز.

قبيل ذلك كانت الصين قد كشفت عن قضية تجنيد أخرى لمواطن يدعى تشينغ يعمل في مجموعة صناعية عسكرية صينية حيث جند من قبل شخص يدعى سيث يعمل في السفارة الأميركية بروما حيث التقى مع تشينغ الذي أرسلته بلاده للدراسة هناك.

سيث وتشينغ تعمقت علاقتهما عبر دعوات العشاء والتنزه حتى جاءت اللحظة التي كشف فيها الأميركي عن مهمته ليطلب من الصيني تقديم معلومات حساسة عن الجيش الصيني له، مقابل مبلغ ضخم ومساعدة عائلة تشينغ على الهجرة إلى الولايات المتحدة وفقا لغلوبال تايمز الصينية التابعة للحكومة.

في نوفمبر الماضي حكمت المحكمة الأميركية على "يانجون شو" بالسجن لمدة ٢٠ عاما ليصبح أول مسؤول تابع للاستخبارات الصينية يتم تسليمه لواشنطن ومحاكمته وفقا لموقع وزارة العدل الأميركية التي أشارت إلى محاولته سرقة تكنولوجيا ترتبط بالطيران لا سيما مروحة محرك الطائرات الحصرية التابعة لشركة GE Aviation والتي لم تتمكن أي شركة أخرى من تقليدها.

شو الذي يحمل منصب نائب مدير قسم في وزارة أمن الدولة الصينية ألقي القبض عليه في أبريل 2018 أثناء زيارة إلى بلجيكا للقاء موظف في شركة طيران أميركية كان يعمل مع مكتب التحقيقات الفيدرالي.

تبدأ القصة في عام ٢٠١٧ حينما طُلب من أحد موظفي شركة GE Aviation في سينسيناتي تقديم تقرير في إحدى الجامعات في الصين ليتم تقديم "شو" له والذي طلب معلومات "مواصفات النظام وعملية التصميم" من الموظف الذي تواصل مع السلطات الأميركية.

في فبراير 2018، بدأ شو يناقش مع الموظف إمكانية الاجتماع في أوروبا خلال إحدى رحلات عمله ليرسل نسخة من دليل الملفات لجهاز الكمبيوتر الصادر عن شركته وهو ما وافق عليه الأميركي.

سافر شو إلى بلجيكا ومعه نقود وصور الموظف بعد ذلك بشهرين لا ليجد الموظف لكن لتلقي السلطات البلجيكية القبض عليه.

في مايو الماضي حكمت المحكمة الصينية على جون شينغ وان ليونغ بالسجن مدى الحياة لإدانته بالتجسس لصالح إحدى وكالات التجسس الأميركية، لتنشر بكين لاحقا قصته التي قالت إنه من مواليد هونغ كونغ الذين هاجروا للولايات المتحدة في ثمانينيات القرن العشرين قبل تجنيده عام ١٩٨٩ حينما أصبح مواطنا أميركيا.

بحسب ما نقلته رويترز عن وزارة أمن الدولة الصينية فإن ليونغ وعد بألف دولار شهريا إضافة للحوافز لتبدأ قصة اختلاق شخصية وهمية تتضمن التحاقه بجامعة بريطانية ومشاركته في حرب فيتنام والعمل في الأمم المتحدة إضافة لتقديم تبرعات للجمعيات الخيرية والمشرعين في الولايات المتحدة "لرفع مكانته" ليجمع معلومات من المواطنين الصينيين المغتربين في أميركا قبل أن يطلب منه الذهاب للصين عام ٢٠٢٠ باستخدام هويات متعددة للعبور من هونغ كونغ إلى البر الرئيسي للصين قبل أن يلقى القبض عليه في العام التالي.

جون وي يو "ديكسون" طالب دكتوراه سنغافوري وجهت له الدعوة عام ٢٠١٥ لتقديم عرض أمام أكاديميين في بكين عام 2015 ما يخدم رسالته التي تدور حول السياسة الخارجية الصينية.

في بكين تواصل مجموعة من الأشخاص الذين قالوا إنهم يعملون في مؤسسات بحثية صينية ليدفعوا له مقابل تقديم "تقارير ومعلومات سياسية".

في البداية بحسب BBC كان الاهتمام بدول جنوب شرق آسيا قبل التحول للولايات المتحدة حيث استخدم موقع لينكد إن شركة استشارية مزيفة وتخفى كأكاديمي فضولي لجذب الأهداف الأميركية.

السلطات الأميركية ألقت القبض على ديكسون ليسجن مدة ١٤ شهرا قبل أن يعود لسنغافورة مرة أخرى ويعتقل مدة قبل "تحييد" تهديده كعميل لدولة أجنبية.

ديكسون كان مثالا واحدا لاستخدام لينكد إن لتجنيد العملاء من قبل الصين، فقد أشارت نيويورك تايمز في عام ٢٠١٩ إلى أن العديد من الموظفين الغربيين كانوا هدفا للرسائل القادمة من العملاء الصينيين.