متى يتعافى العالم من آثار "الشاشة الزرقاء"؟

عند الساعة 05:30 بتوقيت غرينتش، كانت شركة CrowdStrike قد أرسلت تنبيها لمستخدميها، تعلن فيه تسبب تحديث في برنامجها Falcon Sensor المستخدم على نطاق واسع، في تعطيل نظام تشغيل ويندوز، ومن ثم ظهور شاشة العطل الزرقاء الشهيرة.

الرئيس التنفيذي للشركة جورج كورتز، خرج سريعا بمنشور على منصة إكس، قال فيه إن الشركة بدأت بالفعل تطبيق حل للأزمة، مؤكدا أن ماحدث ليس حادث أمني أو هجوم سيبراني.

الذي حدث بالضبط، هو أن شيئا ما في كود CrowdStrike تعارض مع الأكواد التي تسهم في عمل أنظمة ويندوز، ما تسبب في تعطل النظام، حتى بعد إعادة التشغيل.

ما تسبب بتفاقم الأزمة بحسب دانييل كارد، من شركة PwnDefend لاستشارات الأمن السيبراني، هو أن برامج CrowdStrike تعمل على ملايين الأجهزة حول العالم، وذلك مع امتلاك الشركة لحصص سوقية ضخمة.

الرئيس السابق للمركز الوطني للأمن السيبراني، وهو جزء من وكالة المخابرات البريطانية GCHQ، سياران مارتن، قال أن حجم المشكلة كان ضخم بالفعل إلا أنه ليس بالأمر غير المسبوق.

يشرح مارتن أن "هذا ليس بالأمر غير المسبوق، ولكني أجد صعوبة في التفكير في عطل بهذا الحجم، لقد حدث هذا على مدار السنوات، ولكن هذا العطل هو الأكبر، رغم أن طبيعة المشكلة في الأصل بسيطة".

ما تنشده شبكات الكمبيوتر في الأساس، هو حماية مستخدميها من عمليات اختراق ينفذها متسللين، وفي هذا السبيل تستخدم العديد من الشركات منتجات طريقة أمن سيبراني تُعرف اختصارا بالاسم EDR أو بالعربية "كشف نقطة النهاية والاستجابة لها"، وتعمل تلك المنتجات، عادة، في خلفية أجهزة الشركات.

وتستخدم شركات CrowdStrike منتجاتها من تلك الطائفة كرادارات، تقدم إنذارا مبكرا للهجمات الرقمية المحتملة، وتقوم بإجراء المسوح بحثا عن الفيروسات، ومحاولة منع المتسللين من الوصول غير المصرح به لشبكات الشركات.

لكن العطل الأخير أظهر، بحسب صحيفة نيويورك تايمز، مدى هشاشة الأنظمة التكنولوجية عندما تكون مترابطة إلى هذا الحد، حتى أن عطلا واحدا، تسبب في تعطيل شركات الطيران والمستشفيات وخدمات الاستجابة للطوارئ في مناطق متعددة حول العالم.

تبلغ القيمة السوقية للشركة الأميركية CrowdStrike نحو 83 مليار دولار، وهي من بين الشركات الأكثر شعبية، وتضم حوالي 20 ألف مشترك حول العالم.

وهي في الأصل شركة حلول أمنية سحابية، تعمل أدواتها على رصد أي سلوك غير معتاد أو نقاط ضعف، ومن ثم تحمي أنظمة الكمبيوتر من خطر المخترقين.

تأسست الشركة في أوستن بولاية تكساس الأميركية، وتعمل في نحو 170 دولة حول العالم، ولديها نحو 7900 موظف.

قائمة عملائها ليست بالبسيطة، فمن بين الأسماء التي تتعامل معها شركات ألفابيت المالكة لغوغل، وآمازون، وإنتل، كما أنها تتعامل مع مصنعين وسلاسل تجارية كسلسلة تارجت.

وتقول الشركة على موقعها الإلكتروني، إنها أعادت تعريف مصطلح "الأمن" مع النظام السحابي "الأكثر تطورا"، الذي يحمي ويمكن الأفراد والعمليات والتكنولوجيا التي تقود المؤسسات الحديثة.

يقول الباحث والمستشار المستقل المتخصص في الأمن السيبراني، لوكاش أولينيك، لصحيفة نيويورك تايمز، إنه يعتقد أن انقطاعات الخدمة من شأنها أن تستمر، لأنه ليس من الواضح حتى الآن، كيفية إصلاح أجهزة الكمبيوتر التي تأثرت بالفعل من العطل.

هناك حل بديل للتحايل على العطل، بحسب أولينيك، لكنه يتطلب التلاعب يدويا بملفات أنظمة الويندوز. ويشرح أولينيك: "لا يُنصح في الأحوال العادية بالقيام بهذه الممارسة، لأن أي أخطاء فيها قد يتسبب في مشكلات أخرى".

ويعتقد الباحث في مجال الأمن السيبراني، أن الشركات الكبرى ستتمكن من إجراء الإصلاحات المطلوبة بسرعة أكبر من نظيرتها الأقل حجما.

• القطاعات البنكية والتجارية وقطاعات النقل والمواصلات تأثرت بسبب العطل التقني. فعلى سبيل المثال، قالت المتحدثة باسم شركة فيزا العالمية، في بيان، إن هناك أنباء عن عجز أشخاص عن سداد مدفوعاتهم، فيما تعمل الشركة على فهم تأثيرات ما حدث على كلا من حاملي البطاقات والتجار، بحسب صحيفة واشنطن بوست.

• وفي بريطانيا، توقف البث المباشر لقنوات سكاي نيوز في الفترة الصباحية، إلا أن الشبكة تمكنت من إرسال التحديثات الإخبارية من خلال تطبيقاتها الإلكترونية.

• وفي استراليا لم تقدم شبكة إيه بي سي نيوز نشرة أخبارها المسائية.

• وفي قطاع النقل تأثرت مطارات برلين، وبراندنبورغ في ألمانيا، وسيخبول في أمستردام، بالإضافة إلى عدد من كبرى شركات الطيران الأميركية، كشركة دلتا ويونايتد وأميركان.
• كما تأثرت مقرات رئيسية لتداول النفط والغاز في لندن وسنغافورة.

• وفي قطاع البورصة، قالت بورصة لندن إن خدمتها الإخبارية تواجه "مشكلة فنية" من طرف ثالث، ما أدى إلى توقف نشر الأخبار على موقعها الإلكتروني.
• وفي الولايات المتحدة، واجه الأفراد صعوبة في الوصول لخدمة الطوارئ 911 وذلك في عدد من الولايات، قبل أن تبدأ الخدمة في التحسن، بينما تأثرت الخدمات الصحية، مما أدى إلى تأجيل عدد من الإجراءات الطبية.