أمن
.
تشهد جماعة حزب الله حالة من الارتياب الداخلي، إثر حادثة اغتيال القيادي العسكري ضمن الجماعة، فؤاد شكر، الثلاثاء الماضي، بغارة إسرائيلية استهدفت مبنى في الضاحية الجنوبية لبيروت.
أدت العملية إلى ترتيبات جديدة داخل حزب الله، خاصة أنها كشفت عن ثغرة كبيرة داخل الجهاز الأمني الخاص بالجماعة على اعتبار أن شكر هو ثاني شخصية ضمن حزب الله، ومن المفترض أن يحظى بإحاطة أمنية دقيقة أكثر من غيره.
إثر الاستهداف الكبير الذي حصل، ثمة خطوات عدة اتخذها حزب الله في صفوف قيادييه وعناصره.
فما هي هذه الخطوات؟ وماذا يقال عن الثغرات المرتبطة باغتيال شكر؟
منذ 7 أشهر وحتى الآن، تمكنت إسرائيل من قتل 19 قياديا من حزب الله وقد كان شكر آخرهم. وبسبب ما حصل، كثف الحزب إجراءاته الداخلية وتحقيقاته لكشف مكامن الخلل، خاصة أن من تمت تصفيتهم يعتبرون قادة ميدانيين أساسيين ولديهم مسؤوليات عسكرية عند جبهة جنوب لبنان مع إسرائيل.
قالت 3 مصادر مقربة من حزب الله لبلينكس إنه بعد حادثة اغتيال شكر، غيّر الحزب من أنماط تحقيقاته التي باتت مكثّفة، وذلك بهدف رصد أي خرق بشري يساهم بتسريب المعلومات عن القادة العسكريين.
ووفقا للمعلومات، فإن زعيم حزب الله، حسن نصرالله، طلب من أبرز قادة الأمن في حزب الله تكثيّف التحقيقات بمسألة اغتيال شكر، وعدم التهاون أو التساهل بها إطلاقا.
تضيف المصادر أن نصرالله يشرف شخصيا على التحقيقات كافة، في حين أن التقارير التي تردُ إليه بشأن التحقيقات المختلفة، تصله عبر جهاز أمني خاص منفصل تماما عن الأجهزة الأمنية الأخرى داخل الحزب.
ما حصل مع شكر ونظرا لحساسيته، استدعى اتخاذ إجراءات جديدة ضمن الحزب وهي عدم مشاركة أي قادة أساسيين في مناسبات عامة، وتاليا التواري عن الأنظار تماما.
كذلك، كشفت مصادر بلينكس أن جهات من الحزب سربت معلومات قبل حادثة اغتيال شكر بساعات، تفيدُ بوجود مخاوف جدية لدى القيادة العليا للتنظيم من إمكانية حدوث استهداف في أي لحظة، من دون تحديد ماهية الأمر.
وبحسب المصادر، فإن المعلومات الاستخباراتية التي تلقاها الحزب استدعت إجراءات استثنائية على صعيد بعض القادة المحتمل استهدافهم، لا سيما في جنوب لبنان، وتضيف "إزاء ذلك، وخلال الأيام التي سبقت الاغتيال، تم تجميد حركة القادة كما جرى الطلب منهم عدم التحرك نهائيا بانتظار صدور إشارات أمنية تسمح لهم بذلك".
معلومات بلينكس قالت أيضا إن الوحدة الأمنية التابعة للحزب قررت تغيير كافة خطط تمركز القادة ضمن الضاحية الجنوبية لبيروت، فيما اتخذت إجراءات أكثر دقة تتعلق بمسألة تنقلاتهم وحصرها خلال الوقت الحالي.
وطلب حزب الله إجراء فحوصات تقنية على أجهزة تشويش موجودة بحوزة القادة، وذلك بإشراف مباشر من "الوحدة الإلكترونية" المتخصصة باكتشاف وجود أي خرق سيبراني على أجهزة الحزب.
الأمر الذي كان لافتا هو أنه بعد حادثة اغتيال شكر، تم التداول بصورة لقيادي في حزب الله قيل إنه الشخص المستهدف، لكن ما تبين لاحقا هو أنها غير صحيحة، وما أكد ذلك هو رفع الحزب النقاب عن الشكل الحقيقي لشكر عبر نشره صورة مع بيان نعيه.
وفقا للمصادر، فإنه لم تكن لدى شكر أي صور خاصة، حتى بحوزة ناشطي حزب الله، وذلك بعكس ما جرى خلال استهدافات سابقة إذ يجري فورا نشر صورة القيادي الذي يجري اغتياله حتى قبل إعلان الحزب عن هويته.
اللافت أيضا هو أن وسائل إعلام إسرائيلية تبنت أيضا الصورة المتداولة "الخاطئة" لشكر، ما طرح تساؤلات حول ما إذا كانت تل أبيب تمتلك صورة حقيقية للشخص المذكور أم لا.
خبير لبناني متخصص في تكنولوجيا المعلومات صرّح لبلينكس طالبا عدم كشف هويته أن "حاليا، هناك إمكانية كبيرة لرسم ملامح صورة أي شخص عبر الذكاء الاصطناعي والأمر هذا قد يكون حصل مع شكر، فلدى إسرائيل تقنيات متقدمة في هذا الإطار ويمكن استغلالها بغرض تحديد الهدف وصورته وبالتالي نشرها على الجواسيس ضمن حزب الله بهدف متابعته ومراقبته".
ولكن، إن كانت تحركات شكر مضبوطة، فكيف سيتم اكتشافه أو تحديده بسهولة؟ جزء من الإجابة على هذا السؤال جاء خلال خطاب نصرالله الذي قال الخميس، إن شكر كان يتواجد بين جموع الناس في الضاحية الجنوبية خلال مجالس عاشوراء.
ويقول الخبير إن "عملية رصد شكر خلال هذه الاحتفاليات يمكن أن تكون ساهمت باكتشاف الأخير"، مشيرا إلى أنه من الوارد تماما أن يتم رصد شكر عبر البصمة الصوتية التي يمكن التقاطها من أي هاتف خليوي في محيطه.
كذلك، من الممكن أيضا أن تكون ملاحقة شكر قد تمت فعلا عبر جواسيس من ضمن حزب الله، سعوا لمتابعته ورصد تحركاته خلال أي ظهور علني له، علما أن هذا الأمر يحتاج لفترات عدة ليتحقق".
يقول خبير مطلع على ملفات حزب الله تحدث عبر بلينكس وطلب عدم الكشف عن هويته، إنّ حزب الله بات الآن يحتاج لفرض رقابة فوق الرقابة ضمن صفوف عناصره الأمنيين وتحديدا أولئك المسؤولين عن تحركات القادة، وعددهم قليل جدا.
وأوضح المصدر أن الشبكة الأمنية في الحزب معقدة تماما ولهذا السبب فإن عملية الرقابة ستكون متشعّبة، فيما الهدف منها هو اكتشاف أي خلل، ويضيف "إجراء تحقيقات مكثفة وفرض رقابة هي من العوامل التي تؤدي إلى شعور الجواسيس ضمن الحزب بأنهم في دائرة الخطر، وتاليا إرباك عملهم ريثما يتم اكتشافهم".
المعلومات التي تتكشف عن قضية اغتيال شكر تتحدث عن بروز كلام جدي داخل حزب الله عن إمكانية أن يكون جزء أساسي من الخرق الإسرائيلي الذي يطال التنظيم، قد جاء من إيران.
بحسب الخبير الذي تحدث لبلينكس، فإن هناك قادة ضمن حزب الله تحدثوا حقا عن فرضية إمكانية حصول خرق من إيران لمعلومات المسؤولين العسكريين في التنظيم، كونهم جميعا ينسقون مع ضباط في الحرس الثوري الإيراني.
يقول المصدر إن "مسألة اغتيال القيادي في حركة حماس إسماعيل هنية في إيران قبل أيام، ساهمت في تعزيز فرضية أن يكون طرف أساسي من الخروقات التي يعاني منها حزب الله، مصدرها إيران"، وأضاف "ما الذي يمنع ذلك؟ نشاط قادة حزب الله مع الإيرانيين لم يكن محصورا فقط في لبنان، بل أيضا كان في سوريا، كما أن هناك شواهد كثيرة عن اكتشاف جواسيس إيرانيين كانوا على علاقة بأجهزة استخبارات غربية وإسرائيلية".
وللإشارة، فإن الاغتيال الذي أطاح بشكر أسفر أيضا عن مقتل مستشار إيراني يدعى ميلاد بيدي، وتقول معلومات بلينكس إنه كان يشرف على خطط عسكرية بالتنسيق مع شكر، كما أنه كان من الذين لديهم ارتباط بغرفة العمليات المركزية التابعة لحزب الله.
ما تكشفه مصادر بلينكس أيضا هو أن هناك حوادث استهداف حصلت سابقا تبين لاحقا أن إيرانيين كانوا ضمنها. فعلى سبيل المثال، تقول المعلومات إن عملية استهداف سيارة في منطقة النبطية خلال شهر فبراير الماضي، كانت تستهدف قائدا إيرانيا في الحرس الثوري الإيراني برفقة قيادي ميداني في حزب الله، لكنهما نجيا من القصف وتم تهريبهما إلى جهة مجهولة فورا.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة