مجتمع
.
هشام، واحد من مليون و200 ألف يمني تقدموا لهجرة التنوع الأميركي المعروفة باسم Lottery، في محاولة للخروج من بلد أنهكته الحرب، التي تَطرق عامها التاسع ولم تضع أوزارها بعد.
يحشُد هشام مع كثير من الشباب اليمني أحلامهم إلى نافذة اللوتري أو التذكرة الذهبية التي تفتحها الولايات المتحدة الأميركية سنوياً لدعم التنوّع.
لكن كيف يتدبرون تفاصيل العبور إلى بلاد العم سام؟ وهل يستحق الأمر المعاناة التي يمرون بها؟
يطلق على الشاب هشام، القادم من قرية صغيرة مُثقلة بقضايا الثأر المنتشرة في محافظة البيضاء وسط اليمن، بـ"المحظوظ " الذي ابتسمت له القرعة واختارته ضمن قوائم المقبولين للهجرة العشوائية العام الماضي.
ويسرد الشاب العشريني لبلينكس أنه قرر التقديم لهجرة التنوّع بعد معركة كلامية مع والده الذي وصفه بالعاجز عن تأمين عمل يليق به، ويتناسب مع شهادة إدارة الأعمال باللغة الإنكليزية التي كلفت والده 12 ألف دولار، وظلت حبيسة الأدراج منذ تخرجه في صنعاء قبل 5 أعوام.
يقول هشام بحزن: "الشعور باليأس قاتل"، ويضيف "بعد مشاهدة إعلان في وسائل التواصل عن فتح باب التقديم لهجرة التنوّع في شهر أكتوبر قررت التجربة والتقديم للوتاري، وتوجهت إلى أحد مكاتب السفر واعتمدت على صديقي في المهمة.
عند إعلان النتائج، تفاجأ هشام باتصال صديقة له لتهنئته بأن اسمه ضمن المقبولين، لتتوالى التبريكات من أقاربه الذين لم يحالفهم الحظ وشاهدوا اسم الشاب المحظوظ، الراغب في الهجرة للحصول على فرصة عمل تؤمن له ولأسرته حياة كريمة، وتخلّصه من آثار الحرب.
غير أن شعوراً متناقضاً بين الفرح والقلق انتابه، لأن الترشح لقوائم المقبولين المبدئي تعني الحاجة إلى مبلغ مالي ضخم لتأمين تكاليف السفر إلى جيبوتي مقر السفارة الأميركية، التي غادرت صنعاء منذ 2014.
بدأ هشام، 28 عاماً، في إقناع أصدقائه الميسورين بإقراضه المبلغ المالي المتوقع، مقابل التزام ووعد بتكريس سنوات الهجرة لسداد ديون السفر التي تجاوزت 20 ألف دولار، أو ما يقارب 10 ملايين ريال.
في حين ينتظر هشام السفر، يحاول مهنّد التسجيل في برنامج الهجرة العام المقبل لتحقيق حلمه، وتحقيق الذات كما يصفها لبلينكس، عبر برنامج اليانصيب السنوي أو الهجرة العشوائية.
وتتزاحم الصعوبات أمام الشاب العشريني ابتداءً من تأمين تكاليف السفر في حال تم قبوله مروراً بدفع 100 دولار للتسجيل عبر مكاتب السفر ويتساءل كيف سيؤمن 15 ألف دولار في حال حصوله على التذكرة.
فيما تسعى طبيبة الأسنان الشابة مروى للتقديم للبرنامج بداية أكتوبر القادم، وتخوض رحلة إقناع أسرتها بأنها تريد الهجرة لتطوير مهاراتها العملية.
مروى توضح لبلينكس أن مهمة الإقناع معقّدة، لكنها ليست مستحيلة في ظل الظروف التي تعيشها في اليمن.
وفقاً للتقرير السنوي لوزارة الخارجية الأميركية 2021، بلغ عدد اليمنيين الذين حصلوا على تأشيرات هجرة إلى الولايات المتحدة الأميركية خلال نفس العام، أكثر من 4700 مهاجر، كأعلى دولة عربية.
فيما تضم الولايات المتحدة الأميركية، أكثر من ربع مليون يمني وفقاً لآخر إحصائيات السفارة الأميركية في اليمن 2013.
ومع غياب أي تحديث للإحصائيات، يبدو أن العدد تضاعف خلال السنوات العشر الماضية.
ويتركز اليمنيون والجاليات العربية في عدة ولايات أهمها ولاية ميشيغان، إضافة إلى شيكاغو وبروكلين ونيويورك وسان فرانسيسكو.
وتوفّر الهجرة العشوائية المعتمدة من وزارة الخارجية الأميركية للمشاركين، فرصة الحصول على "بطاقة خضراء"، أو ما يعرف بالـGreen Card، تمنحهم إقامة دائمة في الولايات المتحدة، وتسمح لهم بممارسة حياة طبيعية بالعمل أو الدراسة أو العيش والتنقل، ويشار عادة إلى "تأشيرة التنوّع" باسم "Diversity visa".
يُفنّد الدكتور كامل علي محمد الرشاحي، الأستاذ المشارك بقسم علم الاجتماع بجامعة صنعاء لبلينكس، أسباب هجرة الشباب اليمني وتهافتهم على التقديم لبرنامج اللوتري، إلى الحروب والنزاعات التي تعصف بأحلامهم وتجبرهم على الهجرة بحثاً عن الأمان والاستقرار في بلدان أخرى.
يضيف أن الشباب اليمني عانى على مدى سنوات من تدهور أمني واقتصادي واجتماعي وصحي وتعليمي، وهو ما دفعهم للبحث عن فرص للهجرة بحثاً عن وطن بديل، واستكشاف ثقافات جديدة، وتجارب حياة مختلفة في بلدان توّفر لهم فرصاً جديدة تتوافق مع تطلعاتهم.
في حين تُشير سهام المحنبي، منسقة التسجيل ببرنامج الهجرة العشوائية في أحد مكاتب الترجمة لبلينكس، إلى أن المكتب يستقبل سنوياً العديد من طلبات التسجيل وأغلبهم من الشباب وذوي الخبرات العلمية من الأطباء والمعلمين والمهندسين وغيرهم.
توضح المحنبي أن أعداد المتقدمين تتزايد عاماً بعد آخر، والبعض يسجّل كل عام أملاً في الهجرة إلى الولايات المتحدة.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة