رياضة
.
"لن أعود إلى برشلونة، أنا ذاهب إلى إنتر ميامي"، بهذه الكلمات المختصرة لصحيفتي موندو ديبورتيفو وسبورت الكاتالونيتين، كتب النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي، الحلقة الأخيرة في مسلسل مستقبله الكروي الخاص، الذي شغل العالم لمدة تقترب من نصف عام، وتحديدا منذ فوزه بلقب مونديال 2022 في قطر مع منتخب التانغو.
ربما يكون البعض محقا في اعتبار قرار ميسي مفاجئا، إذ كانت جميع المعطيات في الساعات الأخيرة قبل إعلان مستقبله، تشير إلى أن سيكون في الغالب بين وجهتين.
الأولى والأكثر ترجيحا، كانت هي العودة إلى برشلونة لختام مسيرته الكروية في النادي الذي لعب له نحو 17 عاما، وتوج معه 21 مرة، وذلك من أجل أن يحظى بوداع يليق به.
ومن جهته، سابق برشلونة الزمن من أجل ترتيب أوضاعه المالية، فتقدم لرابطة الليغا بخطة إسعافية اقتصادية من أجل عيون ميسي.
لم يأت اختيار ميسي لميامي اعتباطا
وعلى الجهة المقابلة، كان الدوري السعودي على الخط مع ميسي، وذلك بمنحه عرضا لا يرفض يبلغ ٤٠٠ مليون دولار في السنة من أجل اللعب لـ3 مواسم مع الهلال السعودي، فيما أكدت تقارير بأن العرض تم رفعه إلى 535 مليون دولار سنويا ولمدة 3 مواسم.
وبدوره، كان الدوري الأميركي، وخصوصا النجم الإنكليزي ديفيد بيكهام مالك نادي إنتر ميامي، يطبخ صفقة انتقال ميسي على نار هادئة، وبعيدا عن الأضواء، ليختار ميسي الذي سيدخل عامه الـ 36 قريبا، الانتقال إلى بلاد اليانكي.
"لن أعود إلى برشلونة، أنا ذاهب إلى إنتر ميامي"
لم يعلن الدوري الأميركي ولا إنتر ميامي ضم ميسي رسميا حتى الآن
تتحدث التقارير عن أن ميسي سيحصل على نسبة من أرباح "آبل"
للوهلة الأولى، وأيضا عطفا على حديث ميسي نفسه في الحوار الصحافي الشهير عن عدم اهتمامه بالأموال، يظهر الأرجنتيني بكونه صاحب مشروع احترافي مختلف في كل شيء، يلاحق اللحظة الكروية لا المغريات المادية، لكن هل الأمر فعلا كذلك؟
لم يعلن الدوري الأميركي ولا إنتر ميامي ضم ميسي رسميا حتى الآن، لذا تبدو جميع التفاصيل المتعلقة بالصفقة غير واضحة حتى الآن، لكن رغم ذلك، لا يبدو أن بعض الأشياء ستتغير كثيرا مثل مدة عقده، وراتبه السنوي.
وهنالك نظام خاص في الدوري الأميركي لكرة القدم (السوكر)، إذ يقوم الدوري بمفاوضة وتسجيل اللاعبين بدلا عن الأندية وإداراتها.
وسيكون عقد ميسي لمدة 4 أعوام بحسب سبورت الكاتالونية، وعامين بحسب موقع ريليفو الإسباني.
أما الراتب السنوي من إنتر ميامي، فيتوقع أن يبلغ 57 مليون دولار سنويا، وهذا الامر يثبت حتى الآن فرضية عدم اهتمام ميسي بالأموال، لكن هنالك 3 أمور أخرى، يمكن أن تنسف هذا الأمر.
لن يكون انتقال ميسي عاديا، مثل أي لاعب يضمه إنتر ميامي، إذ سيدخل إلى النادي عبر قاعدة "اللاعب المميز" والتي تعرف أيضا بـ"قاعدة بيكهام".
وتتيح هذه القاعدة لكل فريق في دوري السوكر الأميركي بتسجيل 3 لاعبين مميزين، يسمح معهم للنادي بتجاوز سقف الرواتب.
وتضع رابطة الدوري سقف راتب ثابت لكل نادي لا يتجاوز معه راتب أي لاعب 5 ملايين دولار.
وهنالك الآن عدة لاعبين ضمهم الدوري عبر هذه قاعدة اللاعب المميز، أبرزهم السويسري شيردان شاكيري، الذي يتقاضى مع لوس أنجلوس جالاكسي راتبا سنويا قدره 8.5 مليون دولار، هو الأكبر حاليا في الدوري، بحسب موقع بوردروم الأميركي.
وبحسب ريليفو فإن ميسي، سيفرض على إنتر ميامي بأن يخصص المقعدين الآخرين في قاعدة اللاعب المميز إلى أصدقائه سيرجيو بوسكيتس ولويس سواريز، كما ضمن بالفعل تعيين مواطنه ومدربه السابق في برشلونة تاتا مارتينو لتدريب إنتر ميامي، الذي يحتل المركز الأخير حاليا في دوري المنطقة الشرقية للسوكر.
في أكتوبر 2022، نشرت صحيفة آس الإسبانية تقريرا مطولا، قدمت خلاله قراءة جيدة لمستقبل البطولة الأميركية لكرة القدم (السوكر)، وانطلق من توقيع البطولة عقدا لبثها مع شركة "آبل" بداية من الموسم الجاري.
ورأت الصحيفة أن هذا العقد السبب الأساسي منه هو استخدامه في إغراء اللاعبين الكبار للقدوم إلى الدوري.
وبالفعل، الآن تتحدث التقارير عن أن ميسي سيحصل على نسبة من أرباح "آبل" من بث البطولة بشكل عام، وأيضا جزاء من نصيب نادي إنتر ميامي الذي وقع عقدا خاصا مع "آبل" لبث مبارياته مقابل 2.5 مليون دولار في السنوات الـ 10 المقبلة.
هناك بند آخر يمكن أن يدر الملايين على ميسي من شركة أديداس
ويمكن تخيل ما ستجنيه "آبل" من أرباح نظير شهرة ميسي الواسعة، والتي ستزيد جماهير البطولة خارج أميركا، كما ستضاعف عدد الجماهير اللاتينية الضخمة في أميركا.
هناك بند آخر يمكن أن يدر الملايين على ميسي من شركة أديداس.
وبحسب موقع إسينشيلي سبورت فإن عقد ميسي وأديداس سيكون مشابها لعقد شركة نايكي مع أسطورة السلة مايكل جوردان، الذي وقع عقد رعاية بـ 32 مليون دولار، لكنه لم يستلم هذا المبلغ، إذ بات يحصل على 5% من أرباح الشركة نظير تسويقها منتجا باسمه، وهو الأمر الذي جعله يتحول فيما بعد إلى مليونير بثروة قدرها 2 مليار دولار.
أما الأمر الأكثر إثارة للاهتمام، فسيكون منح ميسي أحقية شراء غالبية أسهم نادي أميركي بـ25 مليون دولار فقط.
وهذا الأمر حدث مع ديفيد بيكهام عندما وقع في 2007، مع لوس أنجلوس غالاكسي براتب سنوي قدره ٣٢ مليون دولار، إذ مُنح حق اختيار الدخول كشريك في ملكية نادي مقابل 25 مليون دولار، واختار إنتر ميامي.
ويملك بيكهام اليوم النادي بالتساوي مع "الإخوان ماس" بعد أن ضخوا أموالا في النادي عام 2021، واشتروا نصيب المساهمين الآخرين.
وتبلغ القيمة السوقية للنادي الآن 600 مليون دولار، بفضل نجاحاته مع بيكهام، كما بات يمتلك ملعبا خاصا به افتتح في 2020، وستزيد القيمة إلى نحو مليار دولار بعد وصول ميسي.
ويمكن لميسي الدخول مباشرة في شراء أسهم في نادي إنتر ميامي نفسه، فيما تفضل الرابطة أن يختار ناديا مغمورا آخر.
ربما لم يأت اختيار ميسي لميامي اعتباطا، إذ تعد ولاية فلوريدا إحدى أقل الولايات الأميركية ضرائبا على الأعمال والأفراد.
وسيكون الدخل الأكبر لميسي، إلى جانب جميع هذه البنود، هو ما سيجنيه من بيع حقوق صورته في أميركا التي لديها أكبر اقتصاد في العالم بنحو 25 ترليون دولار، لتشكل ميامي ملاذا آمنا له.
وعلى سبيل المثال يمكن تخيل أرباح ميسي فقط من المنشورات الممولة على صفحته على انستغرام، التي يتابعها 469 مليون حسابا، إذ وصل معدل أرباحه من المنشور الممول الواحد في 2022 أكثر من مليون دولار، ومقارنة ذلك مع حجم الشركات الأميركية والسوق نفسه هناك.
ونظرا لهذه المعطيات، يمكن القول إن ميسي اختار أميركا من أجل الثراء الممرحل، وليس الراتب الضخم، فيما يكشف شرائه منزلا في ميامي نفسها في فبراير 2021، مقابل 7 ملايين دولار، وهي الفترة التي بدأت فيها أخبار رحيله عن برشلونة، عن أن كل هذا مخطط له منذ ذلك الوقت من قبل البرغوث.
لتبدو بالمقابل، قصة ولائه لبرشلونة ورفضه الأموال السعودية، والحديث عن أن إنتر ميامي وجهة عائلة لا شخصية للاعب مجرد حديث، على الأرجح.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة