رياضة
.
منذ انطلاقة بطولة العالم للجوجيتسو في منغوليا منتصف هذا الشهر، لم تتوقف وسائل الإعلام الإماراتية عن الاحتفال بتتويج أبطالها بميدالية ذهبية تلو الأخرى، في عدة فئات وأوزان، متفوقين على منافسين من 40 دولة حول العالم. ونقلت وكالة الإمارات للأنباء (وام)،الأربعاء، ارتفاع غلة الإمارات من الميداليات الملونة إلى 8 ميداليات، 4 منها ذهبية، وفضيتان وبرونزيتان، لتتصدر الترتيب العام في البطولة.
وتواصل المد على ذات المنوال، الخميس، إذ حصدت الإمارات أكثر من ميدالية ذهبية، أبرزها ذهبية حمدة الشكيلي عن فئة السيدات وزن 48 كيلوغرام.
من المتوقع أن تواصل الإمارات في حصد الميداليات، والاحتفاظ بلقب البطولة للمرة الرابعة على التوالي، باسطة هيمنتها على الجوجيتسو الحديث.
كانت النسخة الماضية من بطولة العالم للجوجيتسو أقيمت في أبوظبي برعاية سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، أكتوبر الماضي، وحطم فيها منتخب الإمارات جميع أرقامه السابق، بعدما خرج بـ63 ميدالية ملونة، 26 منها ذهبية، و17 فضية و20 برونزية.
ولا تعد هذه النجاحات هي الوحيدة للإمارات في الجوجيتسو، إذ ينظم الاتحاد الإماراتي بطولة ضخمة أخرى، وهي بطولة أبوظبي غراند سلام للجوجيتسو وتهيمن عليها الإمارات أيضا، فما سبب هذه الهيمنة والاهتمام بهذه الرياضة.
الجوجيتسو أو (ياورا) هو فن قتالي قديم، يعود تاريخه إلى القرن السادس عشر، ووفقا للأساطير القديمة، نبعت فكرته عندما كان الأسطورة الياباني شيروبي أكياما منزويا في مكان بعيد، قبل أن تضرب المنطقة التي يتواجد بها عاصفة ثلجية قاسية، ليبدأ في تأمل الأشجار من حوله.
وبحسب الموقع الرسمي للاتحاد الدولي للجوجيتسو، فإن أكياما شاهد كيف حطمت العاصفة، وبسهولة، الأغصان (اليابسة) في تلك الأشجار، في وقت كانت الأغصان اللينة تتمايل مع العاصفة الثلجية، قبل أن تتخلص من ركام الثلج وتقاوم الانكسار، ومن هنا فكر في الرياضة، التي سميت لاحقا بـ(فن الليونة)، ولا تزال، على أن يكون منطق الجوجيتسو هو تحييد قوة الخصم بالتماهي معها، قبل هزمه والانتصار عليها.
وجهة نظر أخرى، بحسب موقع اتحاد الإمارات للجوجيتسو، والذي يذهب مع القول في تاريخ اللعبة، إلى أن الهند هي أول من شهدت ولادة رياضة الجوجيتسو، حيث يعود الفضل في ابتكارها لرهبان بوذيين طوروا حركات تركز على التوازن والقوة، والابتعاد عن استخدام الأسلحة التي كان من السائد استخدامها في الألعاب القتالية.
وبعد الهند، وجدت الجوجيتسو تربة خصبة في الصين واليابان، حيث حظيت باهتمام متزايد ضمن مختلف الفئات الشعبية.
أما كلمة الجوجيتسو فتعنى في اللغة اليابانية "الفن اللطيف"، إذ تناسقت الكلمة مع مكنون اللعبة، التي شهدت ازدهارا كبيرا في اليابان واحتفاء خاصا من قبل محاربي السامواري.
وفي عام 1915 انتقل الجوجيتسو إلى القارة الأمريكية، حيث هاجر الياباني إساي مايدا كوما، إلى البرازيل، وبدأ بتدريب الجوجيتسو في المجتمع المحلي.
وفي عام 1925، افتتح جرايسي أكاديميته الخاصة في ريو دي جانيرو، والتي مثّلت منصة انطلاق الرياضة وثقافتها على أوسع نطاق.
بحسب موقع اتحاد الإمارات للجوجيتسو، يرجع الفضل في انتشار رياضة الجوجيتسو وتطورها وإعطائها حيزاً كبيراً على الساحة الرياضية في دولة الإمارات لسمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائب حاكم إمارة أبوظبي، مستشار الأمن الوطني الإماراتي، حيث بدأت قصة شغف سموه واهتمامه بهذه الرياضة، أثناء دراسته في سان دييغو في عام 1995، ليصبح بعدها من أشد المعجبين في هذه الرياضة.
والتحق الشيخ طحنون بمدرسة جريسي بارا في الولايات المتّحدة ليتعلم أسس رياضة الجوجيتسو، حيث طور مهاراته ليكون أول إماراتي وعربي يحصل على الحزام الأسود، وبعد العودة إلى الوطن في عام 1997، حرص على نشر تلك الرياضة في دولة الإمارات، لما لها من دورٍ إيجابي كبير على الجانبين العقلي والبدني.
وفي 2012، رأى اتحاد الإمارات للجوجيتسو النور، بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، ليبدأ الاتحاد في ترسيخ اللعبة في الإمارات.
وحقق الاتحاد عدة إنجازات في هذا الشأن، إذ ارتفع عدد الممارسين للجوجيتسو في الإمارات إلى 150 ألف ممارس، في حين وصل عدد المسجلين في رياضة الجوجيتسو 9284 لاعباً، مقابل 7547 لاعباً، لكرة القدم، وذلك بحسب إحصائية رسمية صادرة عن الهيئة العامة للرياضة في 2019، لتصبح بذلك الجوجيتسو الرياضة الشعبية الأولى في الإمارات.
وتحتضن أبوظبي حاليا مقر الاتحاد الدولي للجوجيتسو، كما يتولى رئيس الاتحاد الإماراتي عبدالمنعم الهاشمي أيضا رئاسة الاتحاد الآسيوي.
عبدالمنعم الهامشي رئيس الاتحاد الإماراتي والآسيوي للجوجيتسو مترأسا اجتماعا في أبوظبي أخيرا. (من حساب مجلس أبوظبي الرياضة على تويتر)
وحققت الإمارات نجاحات كبيرة أيضا عبر بطولتها الرائدة (أبوظبي غراند سلام للجوجيتسو)، والتي انطلقت للمرة الأولى في 2015، وتجوب سنويا عدة مدن عالمية، أبرزها طوكيو ولندن وريو دي جانيرو.
الآن، بعد هذه الأرقام والنجاحات في رياضة الجوجيتسو، التي باتت ذات شعبية كبيرة في البلاد، يتخطى ممارسوها ممارسي لعبة كرة القدم، يمكن تخيل حجم الفوائد التي تجنيها الإمارات بحال اكتملت الجهود الحالية لاعتماد الجوجيتسو في الأولمبياد الصيفي.
ومنذ مدة هنالك مطالبات بإدراج اللعبة ضمن الألعاب الأولمبية، لكن ذلك ظل دون استجابة من اللجنة الدولية، فهل يكون للإمارات الدور الأكبر في ذلك؟
رياضة الجوجيتسو حقق قفزات شعبية كبيرة في الإمارات. (UAEJJF)
بحسب موقع (bjjdivision) فإن أبرز حجج اللجنة الأولمبية الدولية في عدم إدراج الجوجيتسو هو عدم ارتفاع شعبيتها كرياضة عالميا، مقارنة مع الملاكمة مثلا، وهذا الأمر تخشى اللجنة الأولمبية أن يضاعف تكاليفها، وهي التي تعتبر نفسها ذات مداخيل محدودة.
بحسب الموقع، تحاول اللجنة الأولمبية نفسها سحب اعتماد الجودو كرياضة أولمبية منذ مدة، لكن بحال قدم الجوجيتسو نفسه كبديل قوي، وزاد انتشاره، فيمكن أن ينضم مستقبلا للألعاب الأولمبية.
بحال كثفت الإمارات جهودها، يمكنها أن تمنح الرياضة دفعات نحو الحلم الأولمبي، على أن تجني جهود ذلك ميداليات متنوعة في الأولمبياد.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة