الحدائق المُسورة تلاحق غوغل وأبل.. عملاقان بوجه شبح التفكيك

نبدأ على الضفة الأخرى من الأطلسي، بالتحديد في الولايات المتحدة، حيث تواجه شركة أبل دعوى قضائية من وزارة العدل و ١٥ ولاية، متهمة فيها باحتكار أسواق الهواتف الذكية ورفع الأسعار والإضرار بالمنافسين الأصغر.

وفي سياق القضية، قال وزير العدل ميريك غارلاند، في بيان "ينبغي للمستهلكين ألا يدفعوا أثمانا أعلى بسبب انتهاك الشركات قوانين مكافحة الاحتكار.. إذا تُركت بلا حساب، فستواصل أبل تعزيز احتكارها للهواتف الذكية".

تبلغ قيمة أبل 2.7 تريليون دولار، وتُحصل أغلب إيراداتها البالغة ٤٠٠ مليار دولار سنويا من بيع أجهزتها، فيما يلي ذلك عائدات الخدمات.

وحذرت وزارة العدل الأميركية أبل، من أن أمر التفكيك ليس مستبعدا كعلاج لاستعادة المنافسة، إلا أن الشركة قالت إن الدعوى القضائية خاطئة من حيث القانون والحقائق في آن واحد.

أما على هذه الجهة الأخرى من الأطلسي، ينتظر شركات أبل وميتا وغوغل تحقيق متعلق بانتهاكات لقانون الأسواق الرقمية في الاتحاد الأوروبي، ومن المتوقع كما أفصحت مصادر لوكالة رويترز أن يُسفر الأمر عن تغريم الشركات مبالغ كبيرة بحلول نهاية العام الجاري.

وقد تُكلف انتهاكات قانون الأسواق الرقمية الشركات ما يصل إلى ١٠% من مبيعاتها السنوية العالمية.

ويطالب قانون الأسواق الرقمية الشركات الثلاث، بالإضافة إلى مايكروسوف وأمازون وبايت دانس المالكة لتطبيق تيك توك، بالسماح للمستخدمين بإزالة أي برنامج أو تطبيق مثبت مسبقا إذا أرادوا ذلك، إلى جانب الحصول على موافقة المستخدمين على استخدام بياناتهم عبر خدماتهم المتنوعة أو إظهار الإعلانات بناء على اهتماماتهم.

كما لا يُسمح للشركات بمحاباة خدماتها أو منتجاتها على حساب نظيرتها المنافسة عبر منصاتها.

قبل الحديث عن التفكيك، علينا النظر إلى المخاطر التي يراها المشرعون في سلوك تلك الشركات.

يرى مشرعون أن شركات التكنولوجيا الكبرى خلقت أنظمة بيئية حول منتجاتها عصية على الاختراق، ما يجعل من الصعب على المستهلك التحول للاستفادة من خدمات تقدمها شركات مُنافسة، تلك السياسة أصبحت تُعرف باسم "الحدائق المسورة" (walled gardens).

مفوضة مكافحة الاحتكار بالاتحاد الأوروبي مارجريت فيستاجر، من بين المسؤولين الذين ساعدوا في التمهيد للمشهد الحالي، الذي يضيق الخناق على شركات التكنولوجيا، ففي العام الماضي، اتهمت فيستاجر غوغل بممارسة أعمال مناهضة للمنافسة.

قالت المفوضة أيضا إن مطالبة غوغل ببيع بعض أصولها قد يكون السبيل الوحيد لتجنب حالة تضارب المصالح، لأن عملية البيع ستمنع غوغل من تفضيل استخدام خدمات تكنولوجيا الإعلان الرقمي الخاصة بها مقابل المعلنين والناشرين الآخرين.

وقال أندرياس شواب، مشرع البرلمان الأوروبي، الذي شارك بشكل كبير في صياغة قواعد قانون الأسواق الرقمية، إن المشرعين يريدون اتخاذ إجراءات جريئة ضد شركات التكنولوجيا الكبرى التي تنتهك القواعد.

وأضاف: "إذا لم يلتزموا بقانون الأسواق الرقمية، يمكنك أن تتخيل ما سيطلبه البرلمان. التفكيك. الهدف النهائي هو جعل الأسواق مفتوحة وعادلة وتسمح بمزيد من الابتكار".

يؤكد مسؤول أوروبي رفض نشر اسمه، أنه تقليديا في الاتحاد الأوروبي يُنظر لتقسيم الشركات كملاذ أخير، كما أنه لم يحدث من قبل.

بالنسبة لشركة أبل، سيكون الأمر كذلك أكثر صعوبة، إذ أن نظامها مدمج ومتكامل للغاية، خاصة ما إذا قورن بغوغل، وذلك وفقا للمحامي داميان جيرادين، الذي يعمل مع عدد من مطوري التطبيقات الآخرين المنخرطين في قضايا ضد أبل.

يقول جيرادين: "يبدو لي أن الأمر أكثر عقيدا، أنت تتحدث عن أمر مدمج؛ على سبيل المثال لا يمكنك إجبار أبل عى سحب متجر التطبيقات الخاص بها، هذا ليس منطقي".

ومن ثم من وجهة نظره، قد تكون الإجابة في إلزام أبل بإجراءات سلوكية بينما في حالة غوغل، قد يستهدف التقسيم الاستحواذات التي تقوم بها الشركة لتعزيز خدماتها الرئيسية.

أما مدير مجموعة Open Markets، ماكس فون ثون، فيعتقد أن وزارة العدل الأميركية بدورها، سوف تعمل على محاولة الدفع بإجراءات، كتلك التي تمنع التمييز ضد المطورين بخصوص السعر على سبيل المثال.

وشرح وجهة نظره قائلا: "أعتقد أنهم يريدون القول بأن كل الحلول على الطاولة ولكن ذلك لا يعني أنهم سوف يسلكون هذا الطريق حقا".

قبل ٤٠ عام كاملة حدثت عملية تفكيك بقيادة مشرعين في الولايات المتحدة.

كان ذلك في العام ١٩٨٤ حين تم تفكيك شركة AT&T T.N إلى سبع شركات مستقلة.

اليوم لم يبق من الشركات الـ٧ إلا ٣ كيانات فقط، حسب وكالة رويترز، وهي AT&T وVerizon وLumen.

ومنذ ذلك الحين لم تواجه أي شركة إمكانية حدوث تفكيك لها، مما يجعل قضية أبل سابقة خلال القرن الواحد والعشرين.