تكنولوجيا

توفيق عيران.. "هاكر" مغربي يحمي شركات فرنسا

نشر
blinx
في عالم يزداد تهديدًا بالهجمات السيبرانية، حيث تتعرض الشركات والمؤسسات لاختراقات تهدد بياناتها وسمعتها، يبرز إسم توفيق عيران كأحد أبرز الهاكرز الأخلاقيين (Ethical Hacker) في فرنسا، وهو مهندس فرنسي-مغربي قرر استخدام مهاراته في الاختراق لصالح الأمن السيبراني، بدلًا من استغلالها في القرصنة غير المشروعة.
توفيق، الذي سلطت صحيفة لوفيغارو الفرنسية الضوء على مسيرته، يمثل نموذجًا فريدًا في عالم الأمن السيبراني، حيث انتقل من العمل بوظيفة ثابتة إلى العمل الحر، ما ضاعف دخله 3 مرات، في ظل الطلب المتزايد على خبراء الأمن السيبراني بسبب تصاعد التهديدات الإلكترونية.

البداية.. شغف الإنترنت يتحول إلى مهنة

وُلد توفيق عيران عام 1992، وهو يؤمن بأن "القوة العظمى تأتي مع مسؤولية عظيمة"، مقتبسًا المبدأ الشهير من عالم الأبطال الخارقين.
عندما كان مراهقًا، انتقل مع عائلته إلى المغرب حيث عاش لـ3 سنوات، وهناك بدأ شغفه بالتكنولوجيا يتطور. في عزلة غرفته، ودون أي تدريب أكاديمي رسمي، تعلّم كل ما يتعلق بالقرصنة والأمن السيبراني من خلال الإنترنت.
يقول توفيق: "في 3 سنوات فقط، تعلمت ما يعادل درجة الماجستير، كنت أتعلم كل يوم بشغف لا حدود له".
لم يكن هناك وقتها مسارات دراسية واضحة للهاكرز الأخلاقيين، لكن توفيق لم يكن بحاجة إلى ذلك، فقد علّم نفسه بنفسه. ومن خلال مجتمعات المتحمسين للأمن السيبراني، بدأ في اختبار مهاراته، مكتشفًا نقاط الضعف في الأنظمة المختلفة، لكنه كان يفعل ذلك بدافع الحماية وليس التخريب.

من وظيفة مستقرة إلى مغامرة في العمل الحر

بعد عودته لفرنسا، بدأ توفيق حياته المهنية كخبير في الأمن السيبراني وعمل في شركات كبرى مثل Deloitte وDoctolib وLa Poste. كانت وظيفته الأساسية اختبار الأنظمة الإلكترونية ومحاولة اختراقها من أجل العثور على الثغرات وإصلاحها قبل أن يستغلها القراصنة الخبثاء (Malicious Hackers).
في إحدى وظائفه، كان راتبه السنوي 90 ألف يورو، وهو مبلغ ممتاز بالنسبة لشاب في هذا المجال. ومع ذلك، لم يكن الراتب وحده ما يهمه، بل كان يبحث عن الحرية والتحدي. في يونيو 2023، قرر المغامرة وترك الوظيفة التقليدية، ليبدأ رحلته في العمل الحر كمستشار أمني مستقل.
بهذه الخطوة الجريئة، تضاعف دخله مرتين إلى 3 مرات مقارنة بما كان يتقاضاه في وظيفته الثابتة، حيث باتت الشركات الناشئة وشركات التكنولوجيا تعتمد عليه لحماية بياناتها. يقول توفيق: "كنت أجني أموالًا جيدة في وظيفتي، لكن كـ "فريلانسر"، أصبحت أرباحي تصل إلى 3 أضعاف."

الهاكر الأخلاقي.. حارس العصر الرقمي

يشبّه توفيق عمله كهاكر أخلاقي بعملية سطو مدبرة على متجر مجوهرات، لكن الفارق أن المتجر نفسه هو من يطلب تنفيذ السرقة، حتى يتمكن من كشف ثغراته الأمنية وإصلاحها. هذا المفهوم أصبح مطلوبًا بشدة في عصر تزايدت فيه الهجمات السيبرانية بشكل مرعب.
في عام 2023 وحده، سجلت وزارة الداخلية الفرنسية أكثر من 278 ألف هجوم إلكتروني، بزيادة 40% خلال 5 سنوات فقط، وهو ما يعكس الحاجة الملحّة لأشخاص مثل توفيق لحماية البيانات والشبكات من الاختراقات.

الطلب المتزايد على خبراء الأمن السيبراني

بفضل مهاراته الفريدة، أصبح توفيق شخصية مرغوبة في عالم الأمن السيبراني، حيث يساعد الشركات الناشئة في بناء أنظمة آمنة منذ المراحل الأولى، بدلًا من الانتظار حتى وقوع الهجوم.
يقول: "الشركات تعتبرني المنقذ، لأنني أستطيع فعل ما يتطلبه 4 موظفين، وبسعر واحد".
اليوم، يعمل توفيق فقط مع عميلين في نفس الوقت حتى يتمكن من التوازن بين العمل والحياة الشخصية، حيث كان في الماضي يدير 5 عملاء في وقت واحد عبر عدة قارات، مما أدى إلى احتراقه المهني (burnout) عدة مرات.
يضيف: "أردت اختبار حدودي، لكن الأمر كان مرهقًا. الآن أركز على الجودة وليس الكمية."

(Getty Images)

المستقبل.. بناء جيل جديد من الهاكرز الأخلاقيين

إلى جانب عمله في حماية الشركات، يدرّس توفيق الأمن السيبراني في مدرسة Oteria Cyber School، حيث يسعى إلى نقل معرفته إلى الجيل القادم من المتخصصين.
ويرى أن الطريق إلى النجاح في هذا المجال ليس عبر الدراسة الأكاديمية فقط، بل بالممارسة المستمرة والتجربة العملية.
يقول توفيق: "الهجمات الإلكترونية لا يمكن تعلمها نظريًا فقط، يجب أن تكون لديك خبرة عملية، الأمر أشبه بحرفة يدوية".

البطل الذي لا يرى نفسه بطلاً

رغم كونه أحد أكثر الهاكرز الأخلاقيين شهرة في فرنسا، يظل توفيق متواضعًا، ويتمنى أن يرى المزيد من الشباب يدخلون هذا المجال.
يختم حديثه قائلًا: "أنا مستغرب من عدم وجود عدد أكبر من الأشخاص الذين يفعلون ما أفعله. هذا المجال ليس معقدًا كما يظن البعض، وسأكون سعيدًا يوم يصبح لدينا المزيد من المنافسة، لأن ذلك يعني أن الشركات ستجد خبراء بسهولة، وسيتطور مجال الأمن السيبراني بشكل أفضل".

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة