"تعتقد أنها مسلية".. 3 أنواع من "فيديوهات السوشال" تجعلك تعيسا
في عصر تهيمن فيه السوشال ميديا على جوانب حياتنا اليومية، أصبح من الصعب تجاهل تأثيرها العميق على تصوراتنا للعالم وما نعتبره سلوكا طبيعيا أو مرغوبا. هذه المنصات لا تكتفي بعرض الحياة كما هي، بل تفرض نموذجا معينا لما يُفترض أن يكون "النجاح" أو "السعادة". سواء أدركنا ذلك أم لا، فهي تشكل معاييرنا لما هو مرغوب، سواء في العلاقات، العمل، أو حتى أسلوب قضاء وقت الفراغ، بحسب تقرير كتبه المحلل النفسي مارك ترافيرز لـ"
فوربس".
وسائل التواصل الاجتماعي تعمل كعدسة، لكنها غالبًا مشوهة، تعرض نسخة منقّحة ومنسقة من حياة الآخرين. هذه النسخ تجعل بعض السلوكيات وأنماط الحياة تبدو طبيعية ومرغوبة، بل وحتمية في بعض الأحيان.
على سبيل المثال، أثناء تصفحك لمنشورات صباحيات الساعة الخامسة أو السادسة أو أسلوب حياة "فتاة مثالية"، قد تشعر بأن النجاح يتطلب تقليد هذه الأنماط، وأن أي جدول آخر أو صباح أقل مثالية يعتبر فشلًا.
وتحدث التقرير عن أبرز ٣ أفكار مضللة تروج لها وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها طبيعية، مع تحليل علمي ونفسي لكل منها:
تحويل الهوايات إلى مصدر دخل
الهوايات بطبيعتها موجودة لغرض بسيط: الاستمتاع وإراحة النفس. تشير الدراسات إلى أن ممارسة الهوايات تقلل التوتر، وتخفف أعراض القلق والاكتئاب، وتزيد رضا الشخص عن حياته من خلال إعادة التواصل مع ذاته.
لكن وسائل التواصل الاجتماعي أعادت صياغة هذا المفهوم، إذ أصبح هناك تصور سائد بأن كل هواية يجب أن تتحول إلى مشروع مربح.
المؤثرون يعرضون قصص نجاح لمن حولهم حول تحويل الفن، الكتابة، أو الحرف اليدوية إلى مصدر دخل عبر منصات مثل Etsy أو من خلال حساباتهم الشخصية. النتيجة: شعور البعض بأنهم يضيعون فرصًا ذهبية إذا لم يحولوا هواياتهم إلى أرباح مالية.
دراسة نُشرت في 2021 في مجلة PLOS One أظهرت أن المجتمعات الأقل توجهًا للربح كانت أسعد مقارنة بالمجتمعات الأكثر مادية. مع زيادة التركيز على الربح، تحولت مصادر السعادة من متعة التجربة البسيطة كالاستمتاع بالطبيعة إلى عوامل اجتماعية واقتصادية.
لطالما كان السفر وسيلة لتجديد الطاقة، توسيع الأفق، تعزيز الإبداع والنمو الشخصي. التجربة الحقيقية للسفر تمنحك الفرصة للاسترخاء، إعادة شحن طاقتك النفسية، والعودة إلى حياتك اليومية بشعور متجدد.
لكن وسائل التواصل الاجتماعي حوّلت السفر من تجربة شخصية إلى عرض دائم. الصور المبهرة للرحلات تجعل الشعور بـ"السفر الكافي" نسبيًا، مما يولد ما يعرف بـ "اضطراب السفر": شعور بعدم السفر بما فيه الكفاية مقارنة بالآخرين.
استطلاع أجرته شركة Talker Research شمل 2000 أميركي أظهر أن حوالي 70% من المشاركين يشعرون بهذا الضغط، وخصوصًا جيل Z، حيث أكثر من نصفهم شعروا بأنهم "متأخرون" في حياتهم. 48% فقط كانوا راضين عن كمية السفر التي قاموا بها، والكثير أرجع ذلك لتأثير محتوى الأصدقاء والمؤثرين.
ترك الوظيفة لتحقيق الحرية
في عالم رقمي اليوم، يُصوَّر الحرية على أنها ترك الوظائف التقليدية والانغماس في ريادة الأعمال أو السفر أو ما يُعرف بـ "الحياة المريحة". يملأ السوشال ميديا محتوى يظهر المكاتب المنزلية المصممة بعناية والجداول المرنة، مع التأكيد على متعة كونك "رئيس نفسك".
هذا يخلق ضغطًا ضمنيًا على الأفراد، ويجعل الوظائف التقليدية تبدو مقيدة أو غير طموحة. قصص من تركوا وظائفهم لمتابعة شغفهم تُعرض كمعايير للنجاح، بينما يُصوَّر الاستقرار الوظيفي التقليدي وكأنه محدود أو غير مثير.
لكن الأبحاث تظهر أن العمل ذي المعنى لا يتطلب دائمًا ترك الوظيفة.
ومفهوم "إعادة تشكيل الوظيفة" يتيح للموظفين تعديل مهامهم ونظرتهم لعملهم لتلبية احتياجاتهم النفسية.
دراسة شملت 340 محترفًا برازيليًا أكدت أن إدراك الموظف للفرص المتاحة لإعادة تشكيل وظيفته كان أهم عامل لتحقيق الرضا، وأن تعديل التفكير بشأن العمل كان له التأثير الأكبر.