باول يهادن الأسواق.. وترامب يريد أكثر
بين تباطؤٍ آخذٍ بالظهور في سوق العمل وتهديدات تضخميّة مُتأتّية من الرسوم الجمركية الجديدة، ألمح رئيس الاحتياطي الفدرالي، جيروم باول، إلى خفضٍ محتمل للفائدة في اجتماع 16–17 سبتمبر، مع تأكيده أن القرار سيبقى "معتمدًا على البيانات" والتحرّك "بحذر".
وفي المقابل، تتصاعد الضغوط السياسية المباشرة من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بما في ذلك التلويح بإقالة عضو مجلس المحافظين، ليزا كوك، إذا لم تستقل، لتبقى مسألة استقلالية الفدرالي تحت المجهر.
انعكاس الأسواق كان فوريًا:
- أوروبا أغلقت عند ذروة خمسة أشهر،
- وتوقّعات خفضٍ بواقع 25 نقطة أساس قفزت نحو 90% بعد خطاب جاكسون هول
- لتتبعها وول ستريت بقفزة واسعة سجّل معها "داو جونز" مستوىً قياسيًا عند الإغلاق
فيما رأى محلّلون أن نبرة باول "المتساهلة" منحت المستثمرين ما كانوا ينتظرونه، وإن بقيت معادلة المخاطر "صعبة" بين تضخّمٍ يميل صعودًا ووظائف تميل هبوطًا، حسب تقرير لبيزنيس إنسايدر.
باول يفتح الباب.. خفضٌ مشروط بالبيانات
في كلمته بندوة جاكسون هول، فتح باول الباب أمام خفضٍ محتمل للفائدة في سبتمبر من دون التزام صريح بالموعد أو الوتيرة، مشيرًا إلى "تزايد المخاطر السلبية على التوظيف" بالتوازي مع بقاء أخطار ارتفاع التضخم قائمة، ولا سيما تلك المرتبطة بالرسوم الجمركية، وفق رويترز.
وحدّد الجدول البيانات الحاسمة قبل الاجتماع: تقرير الوظائف في 5 سبتمبر، وتضخّم الأسعار (المستهلكين والمنتجين) في الأسبوع التالي، حسب رويترز.
وفي السياق نفسه، قال باول إن آثار الرسوم بدأت تظهر على أسعار المستهلكين وقد تتزايد في الأشهر المقبلة، مع التأكيد على عدم السماح بتحوّل "زيادة لمرة واحدة" إلى تضخّم دائم، وفق فرانس برس.
إطارٌ مُحدَّث لسياسة الفدرالي
أعلن باول إطار عملٍ محدَّث يعكس تغيّرات الأعوام الخمسة الماضية، متخلّيًا عن عناصر من نهج 2020 (استراتيجية "التعويض") واللغة المرتبطة ببيئة الفائدة المنخفضة، والعودة إلى استهدافٍ مرن للتضخم مع موازنة التزامات التوظيف والسعر واستشراف فترات عودة كلّ منهما إلى المستويات المتوافقة مع المهمة المزدوجة، حسب رويترز.
وأُشير إلى أن النطاق الحالي لسعر الفائدة الأساسي هو 4.25%–4.5%، بعد دورة تشديد أعقبت موجة تضخّم 2021، مع بقاء التضخم فوق الهدف 2%.
ضغوط سياسية مباشرة على الفدرالي
صعّد ترامب ضغوطه قائلًا إنه سيقيل ليزا كوك إذا لم تستقل على خلفية اتهامات مرتبطة برهون عقارية، فيما أكدت كوك أنها "لن تُبتزّ" وأنّها تجمع المعلومات للردّ على أي أسئلة مشروعة حول سجلّها المالي.
وتأتي هذه الخطوة امتدادًا لانتقادات سابقة لباول بشأن عدم خفض الفائدة وكلفة تجديد مبنى الفدرالي، مع واقعٍ مؤسسيٍّ يتمثّل بأن ولايات بعض الأعضاء تمتدّ إلى ما بعد فترة رئاسة ترامب، وفق رويترز.
أوروبا تقفز وتُسعّر خفض سبتمبر
أغلق "ستوكس 600" الأوروبي مرتفعًا 0.4% عند أعلى مستوى في أكثر من ٥ أشهر، مع قفز احتمالات خفض الفائدة في سبتمبر إلى قرابة 90% بعد خطاب باول.
قادت المكاسبَ أسهمُ التعدين (+1.6%) تماهيًا مع صعود النحاس، ثم السيارات (+1.4%) والسفر والترفيه (+1.3%)، فيما تراجع التأمين (-0.6%)، وفق رويترز.
وول ستريت تُسجّل قمةً تاريخية عند الإغلاق
أنهت المؤشرات الأميركية جلسة، الجمعة، على ارتفاعات واسعة: ستاندرد أند بورز 500 إلى 6466.55 (+1.52%)، وناسداك إلى 21496.54 (+1.88%)، و"داو جونز" إلى 45626.64 (+1.88%) وهو أعلى إغلاق على الإطلاق، وفق رويترز.
وخلال الجلسة، قفز "داو" حتى 972 نقطة عند الذروة، مع هبوط عائد السندات الأميركية لأجل 10 سنوات بنحو 7 نقاط أساس إلى قرابة 4.26%، وارتفاع رهانات خفض 25 نقطة أساس من نحو 73.5% قبل الخطاب إلى أكثر من 87% بعده، وفق تقديرات السوق وتعليقات محللين، حسب بيزنيس إنسايدر.
"متأخر جدًا".. ترامب غير مُقتنع
رحّبت الأسواق بنبرة باول "المتساهلة"، لكن ترامب قال من البيت الأبيض: "كان عليه أن يخفضها منذ عام.. لقد تأخر كثيرًا".
وصرّح وزير الخزانة سكوت بيسنت مؤخرًا بوجود مجال لخفضٍ يصل إلى 150 نقطة أساس، بما يعني أن خفضًا بواقع 25 نقطة أساس، إذا حصل في سبتمبر، سيُنظر إليه كبداية فقط من جانب البيت الأبيض وفق بلومبرغ.