الفصائل بحمص من الشمال والشرق.. ما أهميتها في الصراع؟

تُعد حمص ثالث أكبر مدينة في سوريا، وتقع في وسط البلاد على طريق يؤدي إلى العاصمة دمشق، التي تبعد بنحو ١٥٠ كيلومترا فقط.

كما تحتفظ حمص بموقع استراتيجي بسبب وقوعها بين دمشق والساحل السوري الذي يضم قاعدة بحرية روسية وأخرى جوية، إذ تشارك القوات الروسية مع الجيش السوري في حربه ضد الفصائل المسلحة.

وتعتبر حمص مركزا محوريا يقع بين المناطق التي سيطرت عليها الفصائل المسلحة، وتلك التي تتبع الجيش السوري، ما يمنح السيطرة عليها أفضلية لأي طرف على الآخر.

ومن المرجح أن تتمكن الفصائل المسلحة بعد السيطرة على حمص، على عزل العاصمة وإدارة الرئيس السوري عن الساحل، ما يؤدي إلى فصل المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة إلى نصفين.

وتبعد حمص نحو ٤٠ كيلومترا جنوبي حماة التي سيطرت عليها هيئة تحرير الشام والفصائل المسلحة، ويبلغ عدد سكانها أكثر من ١.٤ مليون نسمة.

وقال جوناثان لانديس المتخصص في الشأن السوري بجامعة أوكلاهوما: "حمص هي المفتاح، وسيكون من الصعب للغاية على الأسد الصمود، ولكن إذا سقطت حمص فسوف يتم إغلاق الطريق السريع الرئيسي من دمشق إلى طرطوس والساحل".

وتعزز سيطرة الفصائل على حمص من المواقع القوية الخاضعة لهم، من حلب على الحدود التركية في الشمال إلى درعا على الحدود الأردنية في الجنوب.

ومن شأن السيطرة على حمص كذلك أن تزيد من فرص الفصائل المسلحة في عزل معقل حكومة الأسد في دمشق، مع القدرة على قطع الطريق شمال غرب العاصمة إلى البحر.

كانت مدينة حمص الساحة الأولى للحرب الداخلية.

وسُميت حمص في عام ٢٠١١، "عاصمة الثورة" وسيطرت عليها الفصائل المسلحة، قبل أن ينجح الجيش السوري في استعادتها والسيطرة عليها عام ٢٠١٧.

المسلحون حولوا حي "بابا عمرو" في حمص إلى معقل لهم، إذ بات الحي معسكرا ومركزا للعسكريين المنشقين، والمدنيين المسلحين الذين اختاروا الحرب ضد الحكومة السورية.

وبداية من يونيو ٢٠١٢، نجحت قوات الجيش السوري في حصار حمص بالكامل.

وعاشت حمص في الظلام تحت الحصار بلا كهرباء أو ماء أو شبكات اتصالات بالطبع، لتجبر معظم عناصر الفصائل المسلحة عام ٢٠١٤ إلى الرحيل، وخرجوا بأول اتفاق بين الحكومة والفصائل منذ بداية الحرب.

قالت الفصائل المسلحة في سوريا، السبت ٧ ديسمبر، إنها على مشارف مدينة حمص.

ونجحت الفصائل المسلحة مع هيئة تحرير الشام في السيطرة على حلب وحماة في طريقهم إلى حمص.

وكانت هيئة تحرير الشام قد أعلنت السيطرة على آخر قرية متاخمة لمدينة حمص، تمهيدا لدخول ثالث أكبر مدن سوريا، مشيرة إلى أنها باتت على أسوارها بالفعل.

وذكرت وسائل إعلام رسمية سورية أن الجيش السوري ينفذ عمليات عسكرية وغارات على الفصائل المسلحة في ريف حمص بدعم من القوات الجوية السورية والروسية.

فر الآلاف من حمص بعد تقدم الفصائل المسلحة، واقترابها تدريجيا من المدينة السورية المكتظة بالسكان، خوفا من تعرض حياتهم للخطر إثر المعارك، أو استهدافهم من الفصائل ذاتها.

وتضم مدينة حمص أحياء عدة ذات غالبية علوية، ووفقا للمرصد السوري، فقد نزح عشرات الآلاف من الأقليات الدينية في هذه المناطق.

ولمنع النزوح والفرار قبل وصولها، وجهت الفصائل المسلحة إشارات طمأنة إلى الأقليات الدينية في حمص، وكذلك المدن السورية الأخرى التي دخلتها أو التي تخطط لدخولها.

وقال القيادي العسكري في الفصائل، حسن عبد الغني، في منشور له عبر تطبيق تلغرام، السبت ٧ ديسمبر: "قواتنا أثبتت للجميع مدى انضباطها، وتأمين القرى والبلدات المختلفة بما في ذلك أهلها من الطوائف المختلفة بات حقيقة وواقع".

وتحدث عبد الغني بشكل مباشر إلى الأقليات الدينية، قائلا: "نوصي جميع الطوائف والأقليات بالاطمئنان، فإن عهد الطائفية قد ولى إلى الأبد".

وبخلاف الأقليات العلوية في حمص، شهدت المدن التي دخلتها الفصائل مخاوف من أقليات أخرى من طواف مسيحية في حلب، وإسماعيلية في بلدات ريف حماة الشرقي.