مراد كوروم.. ورقة أردوغان الرابحة لرئاسة إسطنبول؟

من المقرر أن يتنافس مراد كوروم مع مرشح "حزب الشعب الجمهوري" المعارض أكرم إمام أوغلو على كرسي رئاسة البلدية في 31 من شهر مارس المقبل، حسبما حددت "الهيئة العليا للانتخابات".

وقبل الموعد المنتظر سيطلق كلا المتنافسين حملات تستهدف كسب الشعبية والرأي العام في إسطنبول، وهي العاصمة الاقتصادية لتركيا، التي تتسلط عليها دائماً أضواء الخدمات والسياسة.

يعتبر كوروم شخصية تكنوقراطية وغير مثيرة للجدل نسبياً كما هو الحال بالنسبة لمنافسه إمام أوغلو أو حتى باقي السياسيين في تركيا، ونادراً ما يدخل بجدالات سياسية أو يخوض مسارات الأخذ والرد عبر الإعلام ووسائل التواصل.

ولد في أنقرة عام 1976، وأكمل تعليمه الابتدائي والثانوي في العاصمة، وتخرج في جامعة قونية سلجوق كلية الهندسة والعمارة قسم الهندسة المدنية عام 1999.

أكمل درجة الماجستير في التحول الحضري في معهد العلوم والتكنولوجيا بجامعة أوكان في عام 2017.

وعمل في العديد من المؤسسات الخاصة بين عامي 1999 و2005، وكان قد شغل منصب المدير العام وعضو مجلس الإدارة لـ"توكي"، وهي واحدة من أهم شركات الإنشاء العقارية في تركيا، وتتبع للحكومة.

وبعد أن شغل منصب وزير البيئة والتحضر والتغير المناخي بين عامي 2018 و2023، تم انتخابه نائباً لحزب "العدالة والتنمية" في إسطنبول للمرة الثامنة والعشرين، وما يزال في هذا المنصب حتى الآن.

تشكلت الحياة السياسية لمراد كوروم تحت مظلة حزب "العدالة والتنمية".

وكان شغل مناصب أخرى غير المذكورة سابقاً، مثل رئيس بلدية إسنلار في إسطنبول ونائب رئيس كتلة "العدالة والتنمية" في مجلس بلدية إسطنبول محمد توفيق غوكصو.

خلال فترة الوزارة التي قادها اتخذ كوروم خطوات "مهمة"، في قضايا مثل التحول الحضري المستدام وحماية البيئة وتخطيط المدن.

ويعتبر الخبير في الاتصال السياسي، إبراهيم أوسلو في تصريحات له لمنصة "ميديا سكوب" أن كوروم "هو الشخص الذي يمكنه إدارة المشاريع التي يريد أردوغان تنفيذها في إسطنبول".

وبحسب أوسلو، وعلى الرغم من أن المرشح لرئاسة البلدية غير معروف جيداً لدى الجمهور إلا أنه يكتسب "اسما تكنوقراطيا".

"هو سياسي من أنقرة وجذبه أردوغان إلى إسطنبول"، كما يتابع أوسلو مشيراً إلى أن مهمة المرشح في حال فوزه ستكون مركزة على مشروعين مهمين، الأول هو قناة إسطنبول، والثاني مشروع التحول الزلزالي للمدينة.

ويضيف: "كوروم هو الشخص الوحيد الذي يمكنه إدارة هذه المشاريع بسبب مهنته وخبرته".

يربط كثير من المراقبين احتدام المنافسة وبشكل متكرر على إسطنبول، كون منصب العمدة فيها شكّل بداية حياة أردوغان السياسية.

كما كانت إسطنبول المحطة التي صعد من خلالها بالتدريج حتى وصل إلى كرسي الرئاسة.

ويشير الكاتب مليح ألتينوك في مقال له على صحيفة "صباح" إلى أن "كوروم مرشح يطمح إلى حكم إسطنبول فقط وليس تركيا، وهو ما يزيد فرصه بالفوز".

ويضيف في المقابل أن "رئاسة بلدية إسطنبول هي خطوة لا غنى عنها لإمام أوغلو في مسيرته المهنية النهائية التي يهدف إلى تحقيقها".

و"إذا لم يتم انتخابه مرة أخرى، فإن حلمه (إمام أوغلو) في رئاسة حزب الشعب الجمهوري والترشح للرئاسة كزعيم المعارضة الرئيسي في عام 2028 سوف يتبدد"، وفق ألتينوك.

ويوضح الصحافي إرسين تشيليك عبر "إكس": "الجميع يعلم أن إسطنبول بحاجة إلى إعادة البناء، وليس التجديد والإصلاح".

ولهذا يقول "إن رئيس البلدية الذي ينصب حلمه واهتمامه وتصميمه وتركيزه الكامل على إسطنبول يجب أن يكون في منصبه"، معتبراً أن "كوروم يتمتع بهذا التفاني بكثرة ومكتسباته واضحة".

لا يُعد كوروم من الشخصيات التي يطغى عليها الطابع السياسي بقدر أكبر من الطابع الخدماتي، وفق الباحث المختص بالشأن التركي، محمود علوش.

وكانت أبرز أسباب خسارة بن علي يلدريم أمام أكرم إمام أوغلو في الانتخابات السابقة أن الأول طغى عليه الطابع السياسي بقدر أكبر، كونه تصدر المشهد السياسي لفترة في منصب رئيس الوزراء.

يُضاف إلى ذلك، كما يقول علوش لبلينكس إن "كوروم وبالنظر إلى أنه شغل سابقاً منصب وزير البيئة والتطوير العمراني، فقد يُساعد اختياره كمرشح لرئاسة بلدية إسطنبول في تقديم نفسه كمرشح قادر على التعامل مع التحدي الأكبر الذي يواجه إسطنبول في الوقت الراهن".

وهذا التحدي هو مشروع التحول العمراني للتعامل، مع مخاطر أي زلزال يُمكن أن يضرب المدينة ويتوقعه الخبراء.

علاوة على ذلك، يشير علوش إلى أن كوروم حصل على الأرجح على الفرص الأكبر للفوز في استطلاعات الرأي داخل التحالف الحاكم، في الأيام الماضية.

ويوضح من جانب آخر أنه "قادر على مخاطبة شرائح الناخبين المتعددة بالنظر إلى أنه من الجيل السياسي الشاب ويصغر أكرم إمام أوغلو بخمس سنوات".

وقد يساعده ما سبق "في استقطاب الناخبين الشباب الذين صوت غالبيتهم في الانتخابات المحلية السابقة لأكرم إمام أوغلو على حساب مرشح الحزب الحاكم حينها بن علي يلدريم"، حسب علوش.