الاعتراف بإسرائيل مقابل الجنسية.. كيف يعيش إبراهيم في ألمانيا الآن؟

عمر المرسوم المثير للجدل قصير نسبيا، ففي أوائل ديسمبر الجاري، أعلنته وزيرة الداخلية الإقليمية تمارا زيشانغ.

ويتضمن المرسوم وجوب توقيع المتقدمين بطلب الحصول على الجنسية الألمانية في الولاية على وثيقة تؤكد "حق إسرائيل في الوجود"، وفي حال عدم توقيع المتقدم على الوثيقة المطلوبة يُحرم من الجنسية الألمانية.

يأخذ القانون الجديد في الاعتبار عدة عوامل أخرى، من بينها من إذا كان المتقدم للحصول على الجنسية يُظهر مؤشرات على مواقف معادية للسامية.

ويُحرم المتقدم من الحصول على الجنسية أيضا إذا كان منخرطا في أنشطة "تتعارض مع النظام الأساسي الديمقراطي الليبرالي"، بما يشمل جرائم معاداة السامية، وإنكار حق إسرائيل في الوجود.

يأتي المرسوم الجديد بعد قرابة شهرين فقط من اندلاع الحرب في قطاع غزة، وما تبعها من ارتفاع في معدلات حوادث معاداة السامية والإسلاموفوبيا في عواصم عالمية وأوروبية بالتحديد.

في ألمانيا على سبيل المثال، أبلغت إحدى المنظمات المعنية بمراقبة معاداة السامية أن هناك زيادة في الحوادث المرتبطة بمعاداة السامية بنسبة 240% خلال شهر أكتوبر الماضي، وفقا لصحيفة الغارديان البريطانية.

تدور نقاشات في ألمانيا كذلك عن "المواقف المعادية للسامية" بين المهاجرين المدفوعين بالاستياء من إسرائيل.

لكن سر ارتفاع هذه النسبة يعود لتنصيف ألمانيا أية مظاهرة مؤيدة لفلسطين باعتبارها سلوكا معاديا للسامية.

لا يمكننا القول إن ساكسونيا أنهالت خالية من حوادث معاداة السامية، فقبل بضعة أعوام فقط حاول رجل اقتحام كنيس يهودي خلال احتفالات يوم الغفران، بحسب صحيفة تايمز أوف إسرائيل، وكان داخل المبنى حينها نحو ٥٢ شخصا.

على الرغم من عجزه عن تنفيذ الهجوم داخل الكنيس، أطلق الرجل النار على شخصين آخرين، امرأة من المارة، ورجل في متجر أغذية. وتلقى المهاجم حكما بالسجن مدى الحياة، ولكن المهاجم ستيفان باليت لم يكن مهاجرا، بل ألماني ينتمي لليمين المتطرف.

ولاية ساكسونيا-أنهالت تشهد ارتفاعا في أسهم اليمين المتطرف، وفي نوفمبر الماضي صنّفت السلطات الرسمية فرع حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني كجماعة يمينية متطرفة، بعد أن تورط مسؤولون منتخبون في الحزب في تصريحات عنصرية ومعادية للإسلام والسامية، وفقا لصحيفة بوليتيكو.

يقطن إبراهيم في مدينة دريسدن عاصمة ولاية ساكسونيا-أنهالت منذ نحو عام ونصف العام، كسائر سكان المدينة أصابته الدهشة جراء المرسوم المتعلق بإقرار الاعتراف بـ"حق إسرائيل في الوجود"، إلا أنه يأمل أن يُصبح المرسوم محض ظاهرة يتحدث عنها الساسة إبان الحرب وتؤول لاختفاء سريع.

يقول إبراهيم في تصريحات لبلينكس: "دي محاولة لتخويف الناس، ألمانيا حاسة إن في عرب محتاجين يتحجموا، ودي نقاط الضعف بتاعتهم فهي بتضغط عليها".

وفقا للشاب المصري، فإن مظاهرات العرب المناصرة للقضية الفلسطينية منذ بداية الحرب أثارت مخاوف مجتمع ساكسونيا المحافظ وشديد اليمينية، خاصة أن مظهر تلك المظاهرات اختلف تماما عن نظيرتها في برلين، إذ تظاهر من أجل وقف إطلاق النار في العاصمة العرب والألمان والعديد من الجنسيات الأخرى، في حين في درسدن اقتصرت المظاهرات على العرب فقط.

يشرح الشاب أن المجتمع في ساكسونيا شديد الانغلاق، إذ لا مساحة للاندماج بين الأقليات وأهالي المدينة من الألمان، خاصة الأقليات العربية.

خلال إقامته في المدينة تعرض إبراهيم أكثر من مرة للتمييز، أبرزها محاولة منعه من دخول بعض الأماكن العامة كالملاهي الليلية، في تلك المواقف تنقذه صديقته الألمانية.

لكن التمييز لا يقتصر على العرب فقط، ففي مكان العمل يستمع إبراهيم أيضا لشكاوى التمييز الذي يتعرض له زملاؤه من اليهود أيضا فيقول: "محدش هناك بيتعامل كويس، مهما كان جاي منين".

يضيف: "ساكسونيا فيها أسبوعيا مظاهرات ضد المهاجرين، ينظمها اليمين المتطرف، إزاي يكون شعوري لما أسبوعيا يكون في مظاهرات ضدي؟".

وفقا للشاب المصري، تتمثل الإجابة عن ذلك السؤال أحيانا في العنف، إذ يلجأ الشبان العرب لردود فعل عنيفة وغاضبة ضد التمييز، ما يؤدي إلى تضييق الخناق عليهم أكثر ومن ثم المزيد من العزلة والانفصال بين المجتمعين.

يقول إبراهيم: "شفت نماذج عرب بترد بشكل عنيف، لكن المشكلة في النظام، لازم الدولة تديهم فرصة حقيقية للاندماج وبعدين تحاسبهم".

بالنسبة لإبراهيم الذي لم يحصل بعد على الجنسية الألمانية يبدو المرسوم الجديد بمثابة "عنصرية تجاه العرب"، ومحاولة من قبل الحكومة لمساعدة إسرائيل بأية طريقة.

إلا أنه لم يحسم موقفه، وما الذي يجب أن يفعله خاصة ما إذا رغب في الحصول على الجنسية فيقول: "مش عارف هيبقى إحساسي إيه، غالبا هسأل إذا دا كان قانوني ولا لأ".

وما إذا ظل المرسوم صامدا ما بعد الحرب، يعتقد إبراهيم أنه قد يضطر للانتقال من ساكسونيا-أنهالت بصورة نهائية، على الأرجح سوف يعود لبرلين التي قضى فيها بالفعل ثلاثة أعوام سابقة أو ربما دولة أوروبية أخرى.

يقول: "هروح مكان مايكونش بيحاول يخوّف الناس كدا، دا لوي دراع، ودا يبيّن أنه مش مكان صحي للمهاجرين".