سياسة
في إحدى النقاط العسكرية النائية قرب إدلب، كان الجندي السوري، فرحان الخولي، البالغ من العمر 23 عاما، يعاني من روح معنوية منخفضة وراتب زهيد لا يتجاوز 40 دولارا شهريا. الموقع الذي خدم فيه كان من المفترض أن يضم 9 جنود، لكنه بالكاد احتوى على 3 فقط، بعد أن تمكن البعض من دفع رشى لضباط للتهرب من الخدمة والمعروفة باسم "التفييش"، حتى من بين زملائه القليلين، كان أحدهم يُعتبر غير لائق نفسيا وغير موثوق به لحمل السلاح.
مع دخول الحرب الأهلية السورية في حالة من الجمود، وصلت أوامر إلى الخولي يوم 27 نوفمبر من ضابطه المسؤول بضرورة القتال والحفاظ على الموقع بأي ثمن، حيث كانت قوات المعارضة في طريقها للهجوم. ولكن بدلا من تنفيذ الأمر، قرر الخولي الهروب. وضع هاتفه على وضع الطيران، ارتدى ملابس مدنية، ألقى سلاحه وغادر الموقع. وفي طريقه جنوبا، رأى مجموعات من الجنود يفرون من مواقعهم، مما عكس حالة الانهيار داخل الجيش.
تجربة الخولي ليست سوى جزء من صورة أكبر تعكس تفكك الجيش السوري. معاناة الجنود كانت نتيجة سنوات من الفساد، عندما كان الضباط يستغلون مناصبهم لجمع المال، في حين تُنهب مخصصات الجيش قبل وصولها. وصف جنود وضباط سابقون بيئة قمعية يخشى فيها الجنود التحدث عن الفساد، فيما كانت الرواتب المتدنية لا تكفي لتلبية أبسط الاحتياجات، مما زاد من شعور الجنود بالتهميش.
التفكك لم يقتصر على الفساد الداخلي، بل تفاقم مع انسحاب الحلفاء. بعد الهجوم الإسرائيلي على مواقع مرتبطة بإيران في سوريا في 2023، غادر العديد من المستشارين العسكريين الإيرانيين وقادة حزب الله، تاركين الجيش السوري بلا دعم استراتيجي أو عملياتي. غياب هذا الدعم أدى إلى انهيار خطوط القيادة والعمليات، مما مهد الطريق لتقدم المعارضة والسيطرة على مواقع استراتيجية مثل حماة وحمص. وبحلول ديسمبر، كانت المعارضة قد وصلت إلى دمشق، مسجلة نهاية درامية لنظام الأسد بعد 13 عاما من الصراع. فما الذي دفع بالجيش السوري إلى التقاعس عن حماية الأسد؟
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة