بين الغضب والهواجس.. سقوط الأسد يُربك إيران داخليا

يواجه النظام الإيراني انتقادات حادة من الجناح المتشدد في البلاد، لا سيما مجموعة "أرزشي"، التي تعني "حراس قيم الجمهورية الإسلامية"، إذ وجهت انتقادات لاذعة لقائد الحرس الثوري إسماعيل قآني عبر تلغرام، بحسب موقع تلفزيون إيران إنترناشيونال المعارض في لندن.

الأهم أن الانتقادات جاءت من الجناح غير المتوقع، إضافة إلى التحدث العلني في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي عن الأمر، في الوقت الذي بدأ الحديث عن ما دفعته إيران من أموال في سبيل دعم الأسد.

وعلى عكس المتشددين الذين أعربوا عن غضبهم، قال البرلماني السابق حشمت الله فلاحت بيشه على وسائل التواصل الاجتماعي إن على الإيرانيين أن يفرحوا بسقوط حليف إيران القديم، الرئيس السوري بشار الأسد، لأنه لن يتمكن أحد من إهدار أموال إيران للحفاظ على شبكتها، بحسب ما نقلت نيويورك تايمز.

وفي جانب آخر، فإن إيران خسرت مكانتها الإقليمية، وفقا لما يقوله الخبراء الإيرانيون، فعلانية، خرج أستاذ العلاقات الدولية في جامعة طهران إبراهيم متقي خلال برنامج حواري ليقول إن بلاده تحولت من قوة إقليمية إلى مجرد دولة أخرى.

وفي الصحافة المكتوبة، كتب ممثل إيران السابق لدى منظمة التعاون الإسلامي محمد شريعتي دهقان في الصفحة الأولى في صحيفة هام ميهان أن "سقوط الأسد كشف عن استراتيجية إيران المضللة والمبنية على أسس ضعيفة"، مطالبا ببناء التحالفات مع الدول بدلاً من دعم الجماعات المسلحة، وإعادة توجيه الأموال والموارد إلى الشعب الإيراني.

يأتي ذلك في وقت خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقطع فيديو مترجم إلى الفارسية عبر حسابه على إكس يشير فيه إلى أن إيران دعمت الأسد بما يزيد على 30 مليار دولار قبل أن ينهار نظامه خلال 11 يوما فقط، وأضاف: "إيران دعّمت حزب الله بنحو 20 مليار دولار، وكل هذه الأموال ذهبت أدراج الرياح".

في أعقاب سقوط الأسد، كان على المرشد الإيراني علي خامنئي شرح موقف بلاده الذي لخصه بأنه "لن يضعف إيران"، مشيرا إلى أن ما حدث هو نتاج "مخطط أميركي إسرائيلي"، وهو الأمر الذي نفته إسرائيل.

خلال الفترة الماضية، كان النظام السوري بقيادة الأسد، حلقة أساسية فيما تقول عنه طهران إنه "محور المقاومة"، الذي يضم أيضا حزب الله والحوثيين وبعض المليشيات العراقية.

ورجّح دبلوماسي غربي، تحدثت إليه صحيفة واشنطن بوست دون الكشف عن اسمه، "انهيار مشروع المحور الإيراني بأكمله".

وبحسب خبراء نقلت عنهم الصحيفة الأميركية فإن سقوط الأسد "سيحدث تحولا يشبه الزلزال" في الشرق الأوسط، فيما يرى مهران كمرافا، الأستاذ في جامعة جورج تاون، أن أي نظام جديد في سوريا من غير المرجح أن يخدم مصالح إيران، مما يزيد من عزلتها الإقليمية.

وعددت الصحيفة ما تسميه أخطاء استراتيجية لطهران ارتكبتها خلال الأشهر الـ15 الماضية، تزامنا مع تكبد حماس وحزب الله خسائر كبيرة بسبب حروبهما مع إسرائيل، وهذا إضافة إلى ردود فعل إيران على ضربات إسرائيلية.

وفي هذا الصدد، تشير مديرة برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة تشاتام هاوس، نم وكيل، إلى أن ما حدث خلال الأشهر الأخيرة كشف عن "ضعف إيران وليس عن قوة ردعها".

سقوط الأسد، يتزامن مع اقتراب دخول دونالد ترامب البيت الأبيض في 20 يناير 2025، وهو الأمر الذي يثير مخاوف طهران، إذ كشفت صحيفة وول ستريت جورنال أن الرئيس الأميركي المنتخب وفريقه الانتقالي يدرسون خيارات جديدة لمنع إيران من تطوير سلاح نووي، بما في ذلك شن ضربات جوية استباقية على المنشآت النووية الإيرانية.

وأشارت الصحيفة نقلا عن مصادر مقربة من ترامب، الجمعة، إلى أن هذه الخطوة، إذا تمت، ستشكل تحولا كبيرا عن السياسة الأميركية التقليدية التي اعتمدت على العقوبات والدبلوماسية لاحتواء التهديد الإيراني.

أضافت الصحيفة أن فريق ترامب يعمل على تطوير استراتيجية جديدة تحت مسمى "الضغط الأقصى 2.0"، تتضمن:

• زيادة العقوبات الاقتصادية وتشديدها.
• خيارات عسكرية، مثل إرسال مزيد من القوات والسفن الحربية الأميركية إلى الشرق الأوسط.
• دعم إسرائيل بأسلحة متطورة، مثل القنابل الخارقة للتحصينات، لتمكينها من استهداف منشآت نووية إيرانية تقع تحت الأرض.

ويلخص مركز الإمارات للسياسات ما تراه الأوساط الرسمية الإيرانية بعد سقوط الأسد كالآتي:

• ترى الأوساط الرسمية في سقوط الأسد خطوة أولى من أجندة تهدف إلى مواجهة إيران.
• تعتقد في وجود مشروع أميركي إسرائيلي لمواجهة المحور قد يستهدف اليمن والعراق ثم إيران.
• تعزيز عدم الثقة في روسيا.
• هناك هاجس من الاختناق بين جانبين من الإسلام السياسي السُّني في أفغانستان وسوريا.