في أروقة الحكومة الأميركية حيث تتشابك السياسات مع الإدارة الفيدرالية، ساد ترقب كبير بعدما تلقى موظفو عدة وكالات فيدرالية يوم 28 يناير رسالة إلكترونية من مكتب شؤون الموظفين (OPM)، تعرض عليهم فرصة الاستقالة مع الاحتفاظ بكامل الرواتب والمزايا حتى نهاية السنة المالية في 30 سبتمبر 2025 إذا قدموا استقالتهم قبل 6 فبراير.
لم يمضِ وقت طويل حتى جاء الدور على موظفي وكالة المخابرات المركزية (CIA)، تلك الوكالة التي تحمل في متحفها نقشًا على السقف يؤكد أهمية العنصر البشري في عمليات التجسس كجزء أساسي من مهمتها الاستخباراتية.
وعلى الرغم من التأكيد على أهمية الأفراد، أعلنت الوكالة يوم الثلاثاء 4 فبراير عرض تعويضات مالية لموظفيها كافة، في خطوة تهدف إلى تقليص عدد الموظفين من خلال إعادة هيكلة الجهاز بما يتماشى مع أولويات الرئيس دونالد ترامب.
وذكرت وول ستريت جورنال، نقلاً عن مساعد لمدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف، أن الوكالة الأميركية للتجسس تقوم أيضًا بتجميد توظيف المتقدمين الذين حصلوا على عروض عمل.
القرار الذي أثار جدلا واسعًا بين الموظفين الفيدراليين يأتي كجزء من "استراتيجية شاملة لضخ طاقة جديدة في الوكالة وضمان التزام العاملين بالأولويات القومية للإدارة"، وفقا للمتحدث باسم الوكالة.
فهل يقبل الموظفون بعرض ترامب؟ وما هي أهداف الجهاز الاستخباراتي الأميركي الجديدة؟
اعرف أكثر
تفيد تقارير، نقلا عن مدربين متخصصين في الموارد البشرية الفيدرالية تحدثوا مع أكثر من 100 موظف فيدرالي، بأنه رغم إغراءات العرض، يظل الإقبال عليه منخفضا لأن الموظفين يشعرون بالتردد بسبب عدم وضوح ما إذا كانوا سيتمكنون من العودة للعمل الحكومي في المستقبل أو الحصول على فرص توظيف أخرى خلال فترة التعويض.
بينما يرفض عدد من الموظفين قبول عرض إدارة ترامب، الذي أوصت به وزارة الكفاءة الحكومية بقيادة الملياردير إيلون ماسك، بادر موظف تواصلت معه شبكة إي بي سي نيوز بالرد على الرسالة الإلكترونية التي تلقاها من مكتب شؤون الموظفين، لكنه لم يتوصل بأي تعليمات أخرى.
وفي الوقت الذي يتوقع فيه الموظف ردا من مكتب شؤون الموظفين، الذي يتولى إدارة الموارد البشرية لموظفي الحكومة الفيدرالية، يشهد المكتب نفسه إعادة هيكلة يقودها فريق ماسك المكون من شباب لا يتجاوز سنهم 24 عاما، والذي قاموا بمنع العاملين في القطاع من الوصول إلى الأنظمة الحاسوبية التي تحتوي على البيانات الخاصة بالكوادر الفيدرالية.
يرى مسؤولون في إدارة ترامب أن الهدف من عرض التعويضات لا يقتصر فقط على تقليص حجم الجهاز الحكومي، بل يشمل أيضًا تشجيع الموظفين الذين يعارضون سياسات الرئيس على مغادرة مناصبهم.
في هذا الشأن، أوضح مدير الجهاز الاستخباراتي الأميركي، جون راتكليف، هذا النهج قائلاً: "إلى ضباط CIA الشجعان حول العالم، إذا كان هذا ما وقعتم عليه حين انضممتم إلى الوكالة، فاستعدوا لصنع الفرق. وإذا لم يكن كذلك، فقد حان الوقت للبحث عن عمل آخر".
تشير تقارير إلى أن الوكالة ستتبنى تحت قيادة راتكليف نهجًا أكثر تشددًا في عمليات التجسس والمهام السرية. ستُمنح الأولوية لمواجهة الكارتلات التي صنفها ترامب كمنظمات إرهابية في يومه الأول في المنصب، مع التركيز على جمع معلومات استخباراتية عن الحكومة المكسيكية بهدف منح ترامب أدوات تفاوض إضافية في النزاعات التجارية.
ومن المتوقع أن تعزز CIA الأنشطة الاستخباراتية ضد الصين التي تمثل أحد أكبر التحديات الأمنية للولايات المتحدة، كما تخطط لتمديد تجسسها إلى دول لا تعتبر عادة خصومًا للولايات المتحدة.
في جلسة استماع بمجلس الشيوخ، حذر راتكليف من أن الولايات المتحدة تواجه "أكثر بيئة أمن قومي تحديًا في تاريخها"، مشيرًا إلى تهديدات من دول مثل الصين، وإيران، وكوريا الشمالية، إلى جانب التنسيق المتزايد بين خصوم أميركا في النزاعات الجيوسياسية الحالية.