من قاعدة الـT4 في سوريا.. هل تهدد تركيا أمن إسرائيل؟

"إسرائيل تعتبر المسيرات التركية من بين أكبر التهديدات الأمنية عليها في السنوات القادمة"، بحسب ما يشرح الباحث في مركز الدراسات العربية الأوراسية، ديميتري بريجع، لبلينكس.. ولهذا السبب تقصف الطائرات الإسرائيلية مطار الـT4 العسكري في سوريا، الذي تعتزم تركيا تحويله إلى منشأة لطائراتها المسيّرة، وفق صحيفة جيروزاليم بوست.

لا تخفي إسرائيل استيائها من النفوذ التركي في سوريا، إذ كشفت هيئة البث الإسرائيلية، مساء الأربعاء، أن إسرائيل تشعر بالقلق من التمركز التركي في الأراضي السورية.

القصف الإسرائيلي على T4 يرتبط مباشرة بالنوايا الإسرائيلية وفق موقع The War Zone، إذ كشف مسؤول رفيع في الجيش الإسرائيلي له أن القادة العسكريين الإسرائيليين قلقون من احتمال تعزيز تركيا وجودها في القواعد الجوية داخل سوريا. ويشير الموقع إلى أن تركيا وإسرائيل تسعيان لتعزيز نفوذهما في سوريا في ظل الفوضى التي نتجت بعد سقوط نظام الأسد.

فبالتزامن مع التوغلات الإسرائيلية في جنوب سوريا، بدأت جرافات تركية في شق الطرقات شمال سوريا، تمهيدا لإقامة 5 قواعد عسكرية، 2 منها قيد الإنشاء، بينما يجري التخطيط لـ3 قواعد أخرى تمتد من حلب إلى دمشق، وفقا للقناة 12 الإسرائيلية.

أعلن الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، أن طائراته الحربية قصفت "قدرات عسكرية" في قاعدتي حماة و T4 الجويتين قرب مدينة حماة في سوريا.

وفي الـ25 من مارس، أعلن الجيش الإسرائيلي أنّه قصف قاعدتين عسكريتين في وسط سوريا، إحداهما قرب تدمر، وذلك بعيد أيام من شنّه غارات جوية مماثلة استهدفت الموقعين نفسيهما.

وقال الجيش في بيان على تطبيق تلغرام إنه قصف "قدرات عسكرية متبقية في قاعدتي تدمر والتيفور العسكريّتين السوريتين"، علما بأن قاعدة "التيفور" المشتقّ اسمها من T4 بالإنكليزية وتدعى أيضا "قاعدة التياس الجوية العسكرية" هي مطار عسكري يبعد 50 كيلومترا غرب تدمر.

موقع تايمز أوف إسرائيل نقل أيضا أن الغارات الجوية التي شنها سلاح الجو الإسرائيلي على قاعدة T-4 الجوية قرب تدمر كانت تهدف إلى تحذير "قوى أجنبية" من تعزيز وجودها العسكري في القواعد الجوية السورية.

يقول الباحث بريجع لبلينكس إن إسرائيل تعتبر المسيرات التركية من بين أكبر التهديدات الأمنية عليها في السنوات القادمة، مشيرا إلى فعالية سلاح المسيرات في الحروب الأخيرة كحربي غزة ولبنان في تغيير معادلات الردع.

يرى بريجع أن "الدور التركي سيزداد في سوريا في السنوات القادمة"، ويشرح لبلينكس أن "توسيع تركيا لقدراتها العسكرية الجوية في مناطق استراتيجية من سوريا قد يمنحها قدرة أكبر على مراقبة التحركات الإسرائيلية أو حتى التأثير في المجال الجوي السوري الذي تستخدمه إسرائيل".

ويعتقد أن "دخول تركيا إلى المعسكر السوري، وإن لم يكن بالضرورة دعما للإدارة السورية الجديدة، يضع إسرائيل أمام معضلة جيوسياسية جديدة وهي أن تقبل بوجود قوى منافسة لها في سوريا". ويضيف أن ذلك "قد يفرض واقعا جديدا"، مما يفسر سبب الضربات الإسرائيلية على القاعدة الجوية، بحسب تعبيره.

كشف مصدر استخباراتي غربي لصحيفة جيروزاليم بوست أن تركيا تسعى إلى أن تصبح المزود الرئيسي للدفاع الجوي في سوريا، من خلال إنشاء وجود لها في قاعدة T4.

وأفاد المصدر، بأن تركيا تعتزم تحويل قاعدة T4 إلى منشأة للطائرات المسيّرة.

وخلال إحاطة صحفية، الإثنين، أعرب مسؤول أمني إسرائيلي عن قلقه إزاء احتمال سماح الحكومة السورية لتركيا بإنشاء قواعد عسكرية داخل أراضيها، وفق جيروزاليم بوست.

وقال المسؤول: "إذا تم إنشاء قاعدة جوية تركية، فسيؤثر ذلك على حرية إسرائيل في التحرك داخل سوريا". وأضاف: "هذا تهديد محتمل نعارضه".

كما نشر موقع جويش نيوز سينديكات أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يعتزم تعزيز وجود بلاده العسكري في سوريا بنشر 50 مقاتلة من طراز F-16 في قواعد هناك.

قال مصدر في الجيش الإسرائيلي لموقع ذا وار زون "إن إنشاء قاعدة جوية تركية في تدمر، قد يزيد من التوترات الإقليمية ويزيد من خطر الصراع مع إسرائيل. بالنظر إلى جهود إسرائيل المستمرة لمنع التمركز العسكري المعادي في سوريا، فإن أي وجود عسكري تركي كبير، خاصة في مواقع استراتيجية مثل تدمر، قد يُعتبر تهديدا للمصالح الأمنية الإسرائيلية".

أوضح المصدر أنه رغم أن فرص حدوث مواجهة مباشرة بين إسرائيل وتركيا لا تزال منخفضة في الوقت الراهن، إلا أن ذلك قد يتغير في المنطقة التي تشهد تقلبات شديدة بالفعل.

بحسب تقرير نشرته في أواخر مارس القناة 12 الإسرائيلية، فإن الضربات الجوية المكثفة ضد عدد من القواعد والأهداف الاستراتيجية في سوريا، بما في ذلك تلك التي لم يتم قصفها بعد منذ سقوط الأسد، تهدف في المقام الأول إلى نسف قدرة تركيا على ترسيخ نفسها في سوريا وإنشاء مراكز قوة جديدة تخدم مصالح الرئيس رجب طيب أردوغان.

ويقول الخبير آسا أوفير للقناة "إنها مسألة وقت فقط قبل أن يحدث صدام".

لا يقتصر الأمر على قواعد جوية فحسب، فتركيا لا تخفي عزمها تعزيز التعاون العسكري مع القيادة السورية الجديدة، إذ ذكرت مصادر في وزارة الدفاع التركية، الخميس، أن أنقرة تواصل دراسة إنشاء قاعدة في سوريا، بغرض تدريب الجيش السوري الجديد بما يتماشى مع متطلبات الحكومة الجديدة هناك، بحسب ما نقلت وكالة الأناضول.

نقلت وسائل إعلام أن القوات التركية، بدأت أيضا في مارس عمليات لإنشاء قاعدة عسكرية للدفاع الجوي داخل مطار منغ العسكري، جنوب مدينة أعزاز بريف حلب الشمالي.

ووفق وسائل الإعلام، تنقل تركيا قطع إسمنتية ضخمة ومواد لوجستية عبر آليات نقل كبيرة، إلى داخل مطار منغ العسكري بهدف إنشاء مركز للدفاع الجوي.

وتسعى تركيا بحسب تقارير إعلامية لتأهيل مهابط المروحيات بالقريب العاجل في إطار تعزيز وجودها العسكري شمال سوريا".

ومطار منغ العسكري هو أحد المطارات العسكرية المخصصة للمروحيات.