سياسة

صراع تحت الطاولة.. كيف تخوض روسيا حرباً هجينة ضد لندن؟

نشر
blinx
أثار تصريح البارونة إليزا مانينغهام–بولر، المديرة السابقة لجهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني MI5، جدلاً واسعاً بعدما قالت إنه "قد يكون من الصواب القول إن بريطانيا في حالة حرب مع روسيا"، مشيرة إلى الهجمات الإلكترونية وأعمال التخريب والعمليات السرية على الأراضي البريطانية.
وأضافت أن ما حذّرت منه الخبيرة في الشأن الروسي فيونا هيل، حول خوض موسكو شكلاً جديداً من الصراع ضد الغرب، يعبّر بدقة عن واقع المواجهة القائمة. ترى هيل أن روسيا لم تعد تتعامل مع أوروبا باعتبارها منافساً، بل خصماً تخوض ضده حرباً هجينة، تشمل أدوات سيبرانية ودعائية واستخباراتية، ما يجعل التمييز بين السلم والحرب أكثر ضبابية.

ما الذي قالته فيونا هيل؟

وفقاً للغارديان، أكدت فيونا هيل، التي عملت مستشارة للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، أن روسيا تعتبر نفسها في حالة حرب فعلية مع الغرب منذ سنوات طويلة. وأوضحت أن الغزو الروسي لأوكرانيا لم يكن البداية، بل حلقة ضمن مسار متواصل من المواجهات غير المباشرة.
وتعتير هيل أن الهجمات الإلكترونية وعمليات التجسس والتخريب وحتى استهداف أشخاص على الأراضي البريطانية، كلها مؤشرات على أن موسكو تتبنى استراتيجية تستنزف خصومها من الداخل. وحذّرت هيل من أن تجاهل هذه الإشارات قد يعني أن بريطانيا وحلفاءها يعيشون بالفعل حالة حرب غير معلنة، تُدار بوسائل أقل تقليدية لكنها لا تقل خطورة عن النزاعات المسلحة.

الهجمات الروسية الأخيرة في أوروبا

بحسب تقرير التليغراف، فإن سلسلة من الحوادث المريبة في أنحاء القارة الأوروبية تشير إلى استراتيجية روسية منظمة لاختبار ردود أفعال الناتو وكشف نقط ضعفه من دون إشعال حرب تقليدية.
سجّلت الدنمارك والنرويج وإستونيا وبولندا وبلغاريا ورومانيا اعتداءات اعتُبرت تهديدات هجينة.
وأعلنت بولندا إسقاط نحو 20 طائرة مسيّرة روسية عبرت حدودها في 10 سبتمبر، بينما تعرضت الدنمارك لاختراقات متكررة لطائرات مسيرة فوق مطاراتها وقواعدها العسكرية ومنصات الغاز والنفط.
وفي إستونيا، انتهكت طائرات روسية مجالها الجوي، ما اضطر طائرات الناتو إلى ملاحقتها.
كما زادت الهجمات السيبرانية الوضع تعقيداً، إذ تعرضت مطارات لندن وبرلين وبروكسل لأعطال في أنظمة تسجيل الدخول أُرجعت إلى عمليات اختراق خارجية.
وعلى صعيد الفضاء، اتهمت ألمانيا أقماراً صناعية روسية بملاحقة أنظمة اتصالاتها العسكرية. حتى الانتخابات لم تسلم، فمولدوفا اتهمت موسكو بضخ مئات الملايين في حملات تضليل ومؤامرات سرية قبل استحقاقها البرلماني، وفقا لصحيفة ليزيكو الفرنسية.

لماذا اختار بوتين الحرب الهجينة؟

وفق ما نقلته التليغراف عن ياروسلافا بربيري من معهد تشاتهام هاوس، فإن روسيا تتحرك في "المنطقة الرمادية" التي تخلط عمداً بين السلم والحرب، ما يضع الناتو أمام معضلة في كيفية الرد الموحد على تهديدات لا ترقى إلى مستوى الحرب التقليدية.
في حين أن أي هجوم عسكري مباشر يستدعي بوضوح تفعيل المادة الخامسة، فإن هجوماً سيبرانياً على شبكة كهرباء أو حادثة تعطيل لملاحة الطائرات بنظام GPS يظل موضع جدل.
وبحسب موقع Just Security، تختبر موسكو من خلال هجماتها الأخيرة جاهزية الناتو، بما يشمل منظومات القيادة والسيطرة، والبروتوكولات الدفاعية، وأزمنة الاستجابة، وانتشار القوات، والفجوات أو الثغرات الدفاعية.

كيف يمكن أن تندلع الحرب المفتوحة؟

يتفق الخبراء على أن اندلاع مواجهة شاملة قد يبدأ بتصعيد في هذه "الحوادث الرمادية". يمكن، مثلا لهجوم سيبراني كبير يشل شبكة كهرباء دولة ما، أو ضربة بطائرة مسيرة توقع ضحايا مدنيين، أن تشكل نقطة تحول. بربيري أوضحت أن التحدي الأكبر سيكون إثبات مسؤولية روسيا بشكل قاطع، ثم اتخاذ قرار جماعي بالإجماع بين أعضاء الناتو للرد عسكرياً. وفي حال تفاقم الوضع، يتوقع خبراء مثل هاميش دي بريتون-غوردون أن تشهد بريطانيا شللاً تاماً، يتجلى في توقف الرحلات الجوية وتعطيل البنية التحتية ونقص الغذاء، حسب ما نقلته دايلي إكسبريس.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة