"شيطان" في تفاصيل اتفاق غزة.. هذه أكبر المخاطر التي تهدده
بالنسبة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، قد يكون اتفاق السلام، أو حتى وقف إطلاق نار دائم بين إسرائيل وحماس، أكبر إنجاز دبلوماسي في رئاسته.
لكن لا تزال تفاصيل وتسلسل اتفاق إنهاء حرب إسرائيل في غزة غامضة، رغم أن البيانات الصادرة من جانب كل من إسرائيل وحماس شرحت بعض التفاصيل.
وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنّ إسرائيل وحماس وافقتا خلال مفاوضات غير مباشرة جرت في مصر هذا الأسبوع على تنفيذ المرحلة الأولى من خطته للسلام في قطاع غزة.
وفي منشور على منصّته "تروث سوشال" للتواصل الاجتماعي كتب ترامب أنّ اتفاق إسرائيل وحماس "يعني أنّه سيتمّ إطلاق سراح جميع الرهائن قريبا جدا وستسحب إسرائيل قواتها إلى الخط المتّفق عليه، وهي الخطوات الأولى نحو سلام قوي ودائم وأبدي".
وقال ترامب لاحقا إنه يظن إن كل الرهائن بما يشمل الموتى "سيعودون الإثنين".
رغم الآمال المعقودة من أجل إنهاء الحرب، لا تزال هناك تفاصيل جوهرية لم تتضح بعد، بحسب رويترز.
ومن بين هذه التفاصيل التوقيت وإدارة قطاع غزة بعد الحرب ومصير حماس.
ولا يوجد مؤشر واضح حول من سيحكم غزة بعد انتهاء الحرب. وقد استبعد نتنياهو وترامب والدول الغربية والعربية أن يكون هناك دور لحماس، التي تدير غزة منذ طرد منافسيها الفلسطينيين في عام 2007.
وتلمح خطة ترامب المكونة من 20 نقطة لدور للسلطة الفلسطينية، ولكن فقط بعد أن تخضع لإصلاحات كبيرة.
ترفض حماس حتى الآن مناقشة مطلب إسرائيل بأن تتخلى الحركة عن أسلحتها. وأكد مصدر فلسطيني لرويترز أن حماس ستظل ترفض ذلك "ما دامت القوات الإسرائيلية تحتل الأراضي الفلسطينية".
وكشف مصدران مطلعان على المحادثات أن النقاط الخلافية تشمل آلية الانسحاب الإسرائيلي، إذ تسعى حماس لجدول زمني واضح مرتبط بالإفراج عن الرهائن وضمانات بانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية.
وفي داخل غزة، قلصت إسرائيل من عملياتها العسكرية بناء على طلب من ترامب لكنها لم توقف ضرباتها بالكامل.
وتقول حماس إنها لن تتخلى عن حكم غزة إلا لحكومة تكنوقراط فلسطينية تشرف عليها السلطة الفلسطينية وتدعمها الدول العربية والإسلامية.
وتشير توقعات إلى أن قائمة المعتقلين الفلسطينيين الذين تريد حماس الإفراج عنهم تتضمن عددا من أبرز السجناء في إسرائيل، وكانت مسألة الإفراج عنهم غير قابلة للتفاوض في محادثات وقف إطلاق النار السابقة.
وذكر مصدر فلسطيني مقرب من المحادثات أن القائمة تتضمن مروان البرغوثي القيادي في حركة فتح، وأحمد سعدات زعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
ويقضي كلاهما أحكاما متعددة بالسجن المؤبد في اتهامات بشن هجمات أسفرت عن مقتل إسرائيليين.
في مقال تحليلي لأندرو روث في "الغارديان" البريطانية، يرى المراسل أن الموافقة على اتفاق بدعم سياسي من الدول العربية والقوى الإقليمية الأخرى، تُعدّ هذه أفضل فرصة لإنهاء الحرب منذ انهيار وقف إطلاق النار في مارس.
المرحلة الأولى من خطة السلام، كما وصفها ترامب في منشور على موقع "تروث سوشيال" مساء الأربعاء، واضحة ومباشرة: إعادة الرهائن الذين تحتجزهم حماس مقابل انسحاب محدود للجيش الإسرائيلي. لكن العثور على جميع الرهائن، وإدارة الانسحاب الإسرائيلي، قد يكونان معقدين.
بحسب التحليل فلا يزال هناك الكثير مما يجب مناقشته في خطة السلام المكونة من 20 نقطة، والتي اقترحتها إدارة ترامب والتي تسعى للتالي:
- التوفيق بين تهيئة الظروف لوقف إطلاق النار والتفاوض على نهاية دائمة للحرب؛ ولا تزال الأسئلة الصعبة المتعلقة بمستقبل حماس وما إذا كانت الجماعة المسلحة ستنزع سلاحها، إلى جانب رؤية إسرائيل لمستقبل غزة، بحاجة إلى نقاش.
اللحظة الحاسمة لخبر التوصل لاتفاق جاءت خلال اجتماع للرئيس ترامب حول مائدة مستديرة لمناهضي "أنتيفا" عصر الأربعاء، حين همس وزير خارجيته ماركو روبيو في أذنه وسلمه مذكرة جاء فيها: "قريب جدًا. نحتاج إلى موافقتك على منشور على منصة "تروث سوشيال" قريبًا حتى تتمكن من الإعلان عن الاتفاق أولًا".
وتضمن الاتفاق بحسب قيادي في حماس:
- إفراج الحركة عن 20 رهينة على قيد الحياة دفعة واحدة في مقابل إطلاق إسرائيل سراح أكثر من ألفي معتقل فلسطيني، هم 250 يقضون أحكاما بالسجن مدى الحياة و1700 اعتُقلوا منذ بدء الحرب قبل عامين.
- عملية التبادل ستتمّ في غضون 72 ساعة من بدء تنفيذ الاتفاق، وفق مصدر فلسطيني مطلع.
- الاتفاق الذي سيتمّ التوقيع عليه رسميا في مصر ظهر الخميس (09.00 ت غ) يقضي أيضا بإدخال 400 شاحنة مساعدات كحدّ أدنى يوميا إلى قطاع غزة "خلال الأيام الخمسة الأولى بعد وقف إطلاق النار".
رغم التشاؤم.. "لحظة مختلفة في الصراع"
يقول روث "لقد شهدنا هذا من قبل: كانت إدارة ترامب في عجلة من أمرها للتفاوض على إنهاء حرب غزة حتى قبل تنصيبه، وانهار وقف إطلاق النار الذي تم تنظيمه على عجل في يناير بسبب تسلسل إطلاق سراح الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة".
ومع ذلك، يقر روث أن إعلان الأربعاء لحظة حاسمة.
وتابع: "لم يقل أحد إن حرب إسرائيل في غزة يجب أن تنتهي باتفاقيات سلام على غرار أوسلو أو مداولات سياسية".
وبرأيه هذه لحظة مختلفة، رئيس أميركي مُتحزب ومتقلب علنًا، ومع ذلك استغل تقلباته لإرباك حلفائه وأعدائه. ويُقال أيضًا إن ترامب مدفوع برغبةٍ في أن يكون أول رئيس أميركي يُمنح جائزة نوبل للسلام منذ باراك أوباما.
ومن المقرر تسليم هذه الجائزة يوم غد الجمعة، وقد حرّكت الرغبة في منح الرئيس الأميركي الفوز اعتباراتٍ سياسيةً في واشنطن وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط.
دعت حماس ترامب والأطراف الأخرى إلى "ضمان امتثال حكومة إسرائيل الكامل لبنود الاتفاقية". ويكمن الخوف في أن تستأنف إسرائيل هجومها بمجرد عودة الرهائن، وفق تحليل الغارديان.
وقالت الحركة: "لن نتخلى أبدًا عن حقوق شعبنا الوطنية حتى تحقيق الحرية والاستقلال وتقرير المصير"، في إشارةٍ غير مباشرة إلى الرغبة في إقامة دولة فلسطينية رفضها نتنياهو وتخلى عنها البيت الأبيض إلى حدٍ كبير.
أما نتنياهو فلديه أيضًا اعتبارات سياسية عليه التعامل معها. فقد صرّح يوم الخميس بأنه "سيدعو الحكومة للموافقة على الاتفاق وإعادة جميع أسرانا الأعزاء إلى ديارهم".
وعليه أن يتعامل مع رد فعل أعضاء حكومته اليمينيين، بمن فيهم وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي، إيتامار بن غفير، اللذين هددا بإسقاط الحكومة في حال وقف إطلاق النار.