بعد تونس.. هل يقر المغرب مساواة الإرث في "مدونة الأسرة"؟

لضمان إجماع وطني على أي تعديلات على قانون الأسرة، دعا الملك محمد السادس رئيس الحكومة إلى إشراك وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة في عملية المراجعة ودراسة "الأبعاد القانونية والقضائية لهذا الموضوع.

كما دعا الملك هذه المؤسسات إلى التشاور مع "الهيئات الأخرى المعنية بهذا الموضوع بصفة مباشرة، وفي مقدمتها المجلس العلمي الأعلى، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والسلطة الحكومية المكلفة بالتضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، مع الانفتاح أيضا على هيئات وفعاليات المجتمع المدني والباحثين والمختصين".

ويرتقب أن تُرفع مقترحات الإصلاح إلى الملك "في أجل أقصاه ستة أشهر، وذلك قبل إعداد الحكومة لمشروع قانون في هذا الشأن، وعرضه على مصادقة البرلمان".

مسؤول بوزارة العدل المغربية، فضّل عدم الكشف عن اسمه، صرّح لموقع بلينكس أن التعديلات القانونية قد تطال قضايا النفقة، وتعدد الزوجات، وزواج القاصرات، والإرث.

وفي مسألة الإرث، أشار المسؤول، إلى أنها تبقى قضية حساسة بالنظر إلى بعدها الديني، وأنّ الاستقطاب السياسي حولها سيكون شديداً وأنه "في هذه الحالة، تظل كلمة الفصل للملك باعتباره رمز السلطة الدينية في البلاد".

في العام 2012 أصدرت الهيئة العلمية المكلفة بالإفتاء التابعة للمجلس العلمي الأعلى بيانا نصّت فيه على أنّ "لا مجال للرأي في طلب التسوية بين الرجل والمرأة في الإرث، إذ لا اجتهاد مع وجود النص كما هو مقرر في القاعدة الأصولية الفقهية عند علماء الشريعة".

مع ذلك، تصر بعض القوى الليبرالية واليسارية على ضرورة تكييف قانون الأسرة مع الفصل 19 من الدستور الذي ينص على أنّ الرجل والمرأة يتمتعان بنفس الحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية".

وتعتبر هذه القوى أنه يمكن التعامل مع النص القرآني "للذكر مثل حظ الأنثيين" مثلما تعامل الفقهاء مع مسائل الحدود، وعدم قطع يد السارق إذا سرق.

في العام 2022، أعلنت زعيمة الحزب الاشتراكي الموحد نبيلة منيب أن "طرح مسألة الإرث هو مدخل لإحقاق العدالة والمساواة والمناصفة والتوزيع العادل للثروة، وهذا مدخل إيجابي يجب أن يأخذه الفاعلون بجدية لإحقاق حقوق النساء"، وفقا لما نقله عنها موقع هسبريس المغربي.

ومن جهتها، ذكرت فاطمة التامني، نائبة برلمانية مغربية عن فيدرالية اليسار، أن "العقل الإنساني الذي اجتهد وابتكر وفتح المجالات من خلال قوانين وضعية، وقوانين بديلة، ولا يُقيم الحدود ولا يقطع يد السارق ولا يقطع الرقاب، هو نفس العقل الذي يجب أن يجتهد من أجل الإنصاف والمساواة"، في إشارة إلى ضرورة تعديل نظام الإرث.

وفي حال أقر المغرب المساواة في الإرث، فإنه سيكون الدولة العربية الثانية بعد تونس التي صادق مجلس وزرائها في العام 2018 على مشروع قانون الأحوال الشخصية، الذي يتضمن أحكاما بالمساواة في الإرث بين الرجل والمرأة.

يفيد موقع المفكرة القانونية للأبحاث أن الإصلاح الحالي لقانون الأسرة بالمغرب سيستبعد آراء رجال الدين، الذين شاركوا في "إعداد مدونة الأحوال الشخصية في صيغتها الأولى لسنة 1957، ومدونة الأسرة لسنة 2004 والتي عرفت هيمنة واضحة للعلماء.

وبحسب الموقع، سيتم الاستعانة في المراجعة الحالية بـ"لجنة إشراف مشتركة تجمع وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، وهو ما يعني أن الأمر يتعلق بلجنة قانونية تخصّ المجال القانوني، لا لجنة من الفقهاء".