طاولة حمراء وسط الركام.. هكذا أفطرت غزة بانتظار "هدنة هشة"
امتدّت طاولة مغطاة باللون الأحمر على طول مئات الأمتار وسط أكوام الركام في جنوب غزة، مساء السبت، حيث اجتمعت العائلات لتناول الإفطار في أول أيام شهر رمضان المبارك.
ومع غروب الشمس فوق أحد أحياء رفح، حيث لم يبقَ سوى عدد قليل من المباني قائمة بسبب الحرب المدمرة، جلس المئات من سكان غزة من مختلف الأعمار لتناول وجبة الإفطار التي أنهت يوم الصيام.
تقول ملك فدا، التي نظّمت الإفطار الجماعي: "الناس يشعرون بحزن عميق، وكل ما يحيط بنا يبعث على الألم"، مضيفة: "لذلك قررنا إعادة الفرح إلى هذا الشارع كما كان قبل الحرب".
لكن في الوقت الذي كان المشاركون يجلسون لتناول الطعام، كانت الشكوك تخيّم على مستقبل وقف إطلاق النار في غزة، حيث كانت المرحلة الأولى منه تقترب من نهايتها يوم السبت، بعدما أوقفت إلى حد كبير أكثر من 15 شهرًا من القتال.
ويُفترض أن تمهّد المرحلة الثانية من الهدنة الطريق لإنهاء الحرب بشكل دائم، لكن المفاوضات بشأنها لم تثمر حتى الآن عن نتائج واضحة، إذ طالبت حركة حماس، الأحد 2 مارس، بتطبيق المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار مع إسرائيل الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير الماضي، معتبرة أن مقترحا أميركيا حول هدنة حتى منتصف أبريل وافق عليه رئيس الوزراء الإسرائيلي هو تأكيد واضح على التنصل من الاتفاقات التي وقع عليها.
بالمقابل، قرر مجلس الوزراء الإسرائيلي، الأحد 2، إغلاق كافة المعابر، ومنع وصول البضائع والمساعدات إلى القطاع.
وأسفرت الحرب عن تدمير وتضرر أكثر من 69% من مباني غزة. ووفقًا للأمم المتحدة، فإن القصف الإسرائيلي والاشتباكات أدت إلى نزوح شبه كامل لسكان القطاع، ما تسبب في أزمة إنسانية حادة وانتشار واسع للجوع.
وعلى وقع الموسيقى المنبعثة من مكبرات الصوت، جلس الحضور على صف طويل من الكراسي البلاستيكية تحت زينة رمضان، والأعلام الفلسطينية، والأضواء المعلقة بين أنقاض المباني المدمرة.
تقول أم البراء حبيب، وهي من سكان رفح، لوكالة فرانس برس: "في أول يوم من رمضان، كنا نأمل أن نعود إلى بيوتنا ونفطر مع عائلاتنا كما اعتدنا"، مضيفة: "لكن هذه إرادة الله، وسنظل صامدين".
الإفطار وسط الأنقاض في بيت لاهيا
في مدينة بيت لاهيا شمال القطاع، اجتمع العشرات لتناول الإفطار وسط أنقاض المباني المدمرة، متحدّين مشاهد الخراب التي تحيط بهم. يقول محمد أبو الجديان: "نحن هنا بين الدمار والركام، ورغم الألم والجراح، فإننا صامدون". وأضاف: "نحن نتناول الإفطار على أرضنا ولن نغادر هذا المكان".
وفي الوقت نفسه، اقترح الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب خطة لوضع غزة تحت سيطرة الولايات المتحدة، تتضمن ترحيل سكانها الفلسطينيين، وهو اقتراح قوبل بإدانة دولية واسعة.
خان يونس.. تجمعات صغيرة لتناول السحور
وفي مدينة خان يونس جنوب غزة، وقبل بزوغ الفجر، أضاءت أنوار نيون وردية وصفراء وزرقاء حطام حيّ شبه مدمر، حيث تجمع عدد قليل من السكان لتناول وجبة السحور.
ورُسم على أحد الجدران التي لا تزال قائمة جدارية كُتب عليها "رمضان يجمعنا" مع صورة لهلال. وفي اليوم السابق، قام شبان بتعليق الفوانيس الرمضانية الملوّنة والزينة بين الأنقاض، بينما عرض الباعة البالونات والألعاب للأطفال.
لكن البهجة المعتادة التي ترافق رمضان لم تحمل الكثير من الأمل للنازحين من سكان غزة.
يقول عمر المدهون، وهو من سكان مخيم جباليا الذي تعرض لدمار شديد: "أطفالي يطلبون مني أحيانًا ملابس وطعامًا، لكنني لا أستطيع توفيرهما لأنني بلا عمل منذ عام ونصف".
يضيف المدهون: "نحن نجلس وسط الدمار، لا نعرف كيف ندير حياتنا، ونخشى أن تعود الحرب بجولة جديدة من الخراب".