ينظر حذيفة حرارة إلى طفله الرضيع المبتسم في سلام بين أحضان أمه، بعد أن قررت الأسرة الصغيرة الجلوس على الأرض للحصول على قسط من الراحة قبل استئناف الطريق الشاق سيرا على الأقدام.
المهندس حذيفة كان يعيش حياة طبيعية قبل الحرب، يذهب كل صباح إلى جامعة غزة ليلقي محاضراته التعليمية للطلاب، لكن كل شيء تبدل على وقع القصف الإسرائيلي، فأخذ زوجته وفر إلى الجنوب، حيث أطلق طفلهما الوحيد صرخة الحياة وأبصر النور.
يقول حذيفة بهدوء بينما يفترش الأرض وسط طريق العودة تحت شمس دافئة تُقلل من برودة طقس يناير، في حديثه مع بلينكس: "الطريق شاق وطويل، لكن لا بد منه، هذا حال الجميع، لا يوجد بيت نعود إليه، لكننا نذهب لرؤية أهلنا الذين تركناهم منذ 14 شهرا، هذا السبب الوحيد الذي نعود لأجله".
يضيف: "كان من المفترض ألا نبدأ رحلة العودة في اليوم الأول لفتح الطريق، لكن مشهد الناس وهم يتحركون إلى الشمال جعلني لا أطيق الانتظار".
يتحدث المهندس الشاب بينما يلعب طفله إلى جواره غير آبه بما يحدث حوله، عن المعاناة في السفر سيرا على الأقدام، مضيفا: "لم أتخيل حجم المأساة والمعاناة التي نعانيها الآن، كنا نعتمد على عربة الأطفال هذه لنقل الأغراض لكنها كُسرت، فقررنا أن نجلس ونحصل على استراحة".
يستمد حذيفة الطمأنينة من طفله عبد الرحمن، حسب ما يقول، بينما لا تفارق الابتسامة وجهه، يشرح: "جاء طفلي في وقت الحرب أثناء وجودنا في رفح، والآن يعود معي وأمه إلى الشمال".
وأثناء الراحة القصيرة، لم تجد الأسرة الكثير لتقتات عليه حتى تجدد طاقتها في السير إلى شمال غزة، يلتقط الأب بعض المخبوزات بينما تهم الأم بالاعتناء بطفلها وتحضّره لاستئناف الرحلة.
وبالقرب من أسرة حذيفة حرارة، كان يجلس أحمد جرادة، الذي يشق طريق عودته إلى حي الرمال شمالي غزة، لكنه قرر الحصول على استراحة بافتراش الطريق وتناول بعض الخبز الذي حصل عليه.
يقول جرادة لبلينكس: "بعد سنة و5 أشهر تقريبا نعود إلى الشمال بعد أن نزحنا من مكان إلى آخر خلال الحرب وأثناء القصف".
جرادة الذي تبدو على ملامحه الإجهاد الشديد قال إن ما رآه خلال الحرب لن يُنسى أبدا، مضيفا: "كانت هذه الحرب أصعب ما مررنا به في حياتنا، فأنا لا أصدق أنني عائد الآن إلى الشمال، نعود بعد صبر وانتصار".
وأثناء تناوله قطعة من الخبز التي أخرجها من أكياس بلاستيكية رقيقة تحمل أغراضه، بدا يتحضر لاستكمال الطريق، ويعلق: "الطريق طويل، وليست لدينا سيارات، نعتمد على المشي من أجل الوصول إلى وجهتنا".