صراعات‎

"سلام على خيط مشدود".. ٩ تحدّيات أمام هدنة غزة

نشر
Reuters
 & 
مع دخول حرب غزة عامها الثالث، تمكّن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من إجبار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على اتخاذ الخطوة الأولى من اتفاق سلام أوسع نطاقا مع إقناع دول أخرى في الشرق الأوسط بالضغط على حركة حماس.
ويقول محللون إنّ اتفاق ترامب الذي أُبرم على عجل ووُقع في مصر الخميس، يترك مجموعة من القضايا من دون حل، وهو ما يمكن أن يعوق تنفيذ المرحلة الأولى ويعرقل التقدم نحو المرحلة التالية رغم طبيعته التاريخية المحتملة.

الميدان غير ما اتفق عليه على الورق

ورغم إشادتهم بترامب لدوره في ما اعتبروه أكثر انفراجة واعدة حتى الآن لإنهاء الحرب، يقول خبراء إن التحدي الفوري يتمثل في تسوية التفاصيل العملية لما تم الاتفاق عليه على الورق، وهي وقف إطلاق النار ومبادلة الرهائن الإسرائيليين بسجناء فلسطينيين والانسحاب الإسرائيلي الجزئي من داخل القطاع المدمر.
وبعد ذلك، يجب على المفاوضين تناول الأجزاء الأخرى من خطة ترامب المكونة من 20 نقطة والتي لا يزال الطرفان على خلاف شديد بشأنها، بما في ذلك نزع سلاح حماس، وهو ما ترفضه الحركة، وإنهاء الصراع رسميا وحكم غزة بعد الحرب.
ولم يجر التعامل مع أي من هذه الأمور خلال المفاوضات غير المباشرة التي عقدت على مدى ٣ أيام في مدينة شرم الشيخ المصرية، حيث أرسل ترامب صهره جاريد كوشنر ومبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف للمساعدة في الوساطة. ولكن من غير المرجح فيما يبدو التوصل إلى حلّ سريع.

"نقاط شائكة"

وقال جوناثان بانيكوف، نائب مسؤول المخابرات الوطنية الأميركية السابق لشؤون الشرق الأوسط "هناك عدد هائل من النقاط الشائكة المحتملة التي ستحدد حقا ما إذا كان وقف إطلاق النار هذا سيصبح بداية السلام أم مجرد منعطف آخر في دورة العنف".
وأضاف بانيكوف، الذي يعمل الآن في مركز المجلس الأطلسي للأبحاث في واشنطن، أنّ منع اتفاق وقف إطلاق النار من الانهيار، كما حدث في عهد ترامب وسلفه الديمقراطي، جو بايدن، سيتطلب جهدا مستمرا ومفصلا من الرئيس وفريقه للأمن القومي.
لكن ذلك لن يكون سهلا مع تجريد فريق السياسة الخارجية لترامب من بعض أعضائه المحنكين بسبب خفض عدد الوظائف وإغلاق الحكومة الاتحادية الآن.

ترامب فاجأ الجميع؟

ولكن في الوقت الراهن يبدو أن ترامب، الذي يروّج للاتفاق باعتباره سببا آخر للفوز بجائزة نوبل للسلام، اكتسب من خلال قوة الإرادة زخما لإحلال السلام في غزة يتجاوز ما كان يعتقده خبراء كثيرون.
ومن شأن إتمام هذا الاتفاق بنجاح أن يمثل أكبر إنجاز حتى الآن في السياسة الخارجية لترامب الذي ركز في حملته الانتخابية على إحلال السلام في مناطق النزاع الكبرى حول العالم، لكنه واجه صعوبات في تحقيق ذلك بسرعة، سواء في غزة أو في ما يتعلق بالحرب الروسية- الأوكرانية.

استراتيجية ترامب

قبل أسابيع قليلة، بدا السلام في غزة بعيد المنال أكثر من أي وقت مضى بعد شنّ إسرائيل غارة على قادة حماس في قطر، حليفة الولايات المتحدة.
لكن مصادر مطلعة قالت إن مساعدي ترامب قرروا تحويل غضبه على نتنياهو إلى ضغط لقبول إطار عمل لإنهاء الحرب، وعرضوا هذا الإطار على قادة دول إسلامية على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي.
ورغم أن نتنياهو تحدى الرئيس الأميركي السابق جو بايدن بسهولة بشأن الحملة العسكرية على غزة، فقد وجد صعوبة أكبر في تحدي ترامب، رغم المخاوف الإسرائيلية حيال خطة غزة، ومن بينها إفساح المجال أمام قيام دولة فلسطينية في نهاية المطاف.
وانضمّ ترامب إلى إسرائيل في ضرب مواقع نووية إيرانية في يونيو، وساند نتنياهو في ظلّ ما يتعرض له من عزلة دولية آخذة في الاتساع. وأظهرت استطلاعات الرأي في إسرائيل مرارا أنّ ترامب يحظى بشعبية أكبر من نتنياهو.
وقال دينيس روس، وهو مستشار سابق لشؤون الشرق الأوسط في إدارات جمهورية وديمقراطية "من دون النفوذ، لما كان هناك اتفاق. نتنياهو لا يمكنه أن يقول لا لترامب".
لكن الزعيم الإسرائيلي لا يزال يواجه مخاطر كبيرة في الداخل، بما في ذلك احتمال أن ينسحب بعض أعضاء أقصى اليمين في ائتلافه الحاكم من الحكومة بسبب التنازلات التي وافق عليها.

حشد عربي ودولي للضغط على حماس

وبالإضافة إلى ذلك، تمكن ترامب من حشد دعم دول كبرى في الشرق الأوسط، ولا سيما قطر وتركيا، للضغط على حماس للتخلي عن معارضتها لبعض القضايا، مثل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين ورفاتهم، في مستهل العملية بدلا من استخدامهم كأوراق مساومة في وقت لاحق.
وأشادت قطر، التي تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط، بترامب بعد تعزيز العلاقات الأمنية والتجارية منذ توليه منصبه في يناير. وخلال زيارة للبيت الأبيض في أواخر سبتمبر، طلب ترامب من نتنياهو إجراء اتصال هاتفي برئيس الوزراء القطري للاعتذار عن الهجوم في الدوحة.
وعزز ترامب أيضا العلاقات مع نظيره التركي، رجب طيب أردوغان، الذي يسعى لاقتناء أسلحة أميركية متطورة، وطلب منه تقديم المساعدة في دفع حماس لقبول الاتفاق.
وبدا ترامب مستعدا للتوجه إلى إسرائيل مطلع هذا الأسبوع، بالتزامن مع عودة الرهائن الإسرائيليين إلى ديارهم. ودعا نتنياهو الرئيس الأميركي لإلقاء كلمة أمام الكنيست.

عقد حول المرحلة الأولى من الاتفاق

ومع ذلك، لا تزال هناك بعض التفاصيل في المرحلة الأولى من خطة ترامب تحوم حولها تساؤلات مثل:
  • القوائم النهائية للسجناء الفلسطينيين ممن ستفرج عنهم إسرائيل مقابل إطلاق سراح 20 رهينة على قيد الحياة و28 يُعتقد أنهم قُتلوا.
  • هناك أسئلة مطولة حول مستقبل غزة لم يجر الإجابة عليها بعد. ومن بين هذه الأسئلة:
  • هل سيُسمح لحماس بالمشاركة في إدارة غزة، وهو أمر يرفضه ترامب ونتنياهو رفضا قاطعا.
  • كيفية إعادة إعمار القطاع والجهة الممولة؟
وسعى الرؤساء الأميركيون لتحقيق السلام في الشرق الأوسط بداية من جيمي كارتر ووصولا إلى بايدن. إلا أن بعض المحللين يرون أن هناك بارقة أمل في وقف أحدث موجة من الدمار على الأقل.
وقال جوناثان ألترمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن "يبدو أن هناك زخما وراء ذلك".
وأضاف "من الخطأ الاعتقاد بأن الأمر قد حسم. سنشهد بعض اللحظات العصيبة خلال الأسابيع المقبلة".

تاليا، ما هي خلاصة التحديات الـ٩؟

  • مراقبة وفرض وقف النار: آلية التحقق وفعالية مركز التنسيق المدني-العسكري الأميركي (من دون دخول غزة).
  • تبادل الأسرى والرهائن والرفات: القوائم النهائية والحساسية العالية للتسلسل (مقابل 20 رهينة أحياء و28 رفات).
  • الانسحاب الإسرائيلي الجزئي: نطاق الانسحاب، توقيته، وفراغات الأمن على الأرض.
  • نزع سلاح حماس: بند خلافي أساسي ترفضه الحركة.
  • إنهاء الصراع رسميًا: صياغة "نهاية الحرب" القانونية والسياسية.
  • حكم غزة بعد الحرب: من يدير القطاع؟ وهل يُستبعد دور حماس بالكامل؟
  • إعادة الإعمار والتمويل: بأي آلية تُنفَّذ المشاريع؟
  • الضغط على حماس: استدامة الضغط وترجمته إلى تنازلات عمليّة.
  • السياسة الداخلية والضمانات الدولية: هشاشة ائتلاف نتنياهو واحتمال تفككه، مقابل حاجة واشنطن إلى متابعة دقيقة رغم تقليص فريق السياسة الخارجية وإغلاق الحكومة.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة