عزلة دولية.. كيف تدفع واشنطن فاتورة دعم إسرائيل؟

لمعرفة وضع الولايات المتحدة دبلوماسيا، يمكن النظر إلى وضعها في مجلس الأمن الدولي.

هناك على سبيل المثال استخدمت الولايات المتحدة مرتين متتاليتين حق النقض لمنع صدور قرارين يدعوان إلى "وقف إطلاق نار إنساني" في قطاع غزة.

وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة، لم تجد الولايات المتحدة بين سائر شركائها الأوروبيين إلى جوارها سوى النمسا وجمهورية التشيك في التصويت ضد قرار يدعو إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة.

لكن الولايات المتحدة حاولت، الجمعة الماضي، أن تخرج على استحياء، من عزلتها في مجلس الأمن الدولي. لم تؤيد قرارا متعلقا بقطاع غزة بالطبع، لكنها اكتفت بالامتناع عن التصويت بغية تمريره، ودعا القرار إلى إدخال مساعدات إنسانية "على نطاق واسع" إلى القطاع.

على الطاولة ذاتها صوّت أقرب حلفاء واشنطن لصالح القرار بما فيها بريطانيا وفرنسا واليابان.

لا يحظى موقف الولايات المتحدة بشعبية كبيرة، إذ ينعكس سلبا على صورتها حول العالم.

تقول الخبيرة في مركز تشاتام هاوس للأبحاث في لندن، ليزلي فينجاموري، إن "الطريقة التي يُنظر بها إلى كل هذا في بقية العالم هي أن الولايات المتحدة تهتم بالإسرائيليين والأوكرانيين"، في الوقت ذاته تعير اهتماما أقل للشعوب غير الغربية.

في معرض دفاعه عن الحرب التي تخوضها إسرائيل ضد حماس، حض وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، العالم على ممارسة ضغوط على حماس وليس على إسرائيل فحسب، مذكرا بأن فتيل هذه الحرب أشعلته الحركة.

ويكرر مسؤولو الإدارة الأميركية القول، إن الضغط الذي يمارسونه على الحكومة الإسرائيلية من وراء الكواليس يُؤتي ثماره، إذ وافقت إسرائيل على السماح بدخول صهاريج وقود إلى غزة وإعادة خدمة الإنترنت إلى القطاع وفتح المعابر.

لكن فينجاموري تقول إن هذه الرواية القائلة بأن بايدن "يعانق نتنياهو، في حين يضغط في السر" على إسرائيل، لا تستقيم لوقت طويل.

أظهر استطلاع للرأي أجرته منظمة "المستقلة" على عينة من الشعوب العربية، ونشرت نتائجه في نهاية نوفمبر أن 7% فقط من المستطلعة آراؤهم يعتقدون أن دور الولايات المتحدة كان إيجابيا في الحرب بين إسرائيل وحماس.

ويقول المسؤول في منظمة "المستقلة"، منقذ داغر، إن أميركا حتى وقت قريب كانت "لا تزال تمثّل هذه الصورة لبلد يجسد الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير".

لكن سيل المشاهد المروعة من غزة، التي يتم تداولها بصورة جماعية على شبكات التواصل الاجتماعي "قلب الوضع رأسا على عقب"، على حد تعبيره.

ويعتبر داغر أن هذا الأمر أظهر للعرب انحياز الولايات المتحدة التام للإسرائيليين وعدم احترامهم لحقوق الإنسان عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين.

أول من استفاد من هذا التحول في الرأي العام هو الصين وروسيا وإيران.

وكثّفت الصين جهودها الدبلوماسية بصورة كبيرة في المنطقة، لكن إدارة بايدن حاصرتها، من خلال حضها على استخدام نفوذها لدى طهران لوقف الهجمات التي يشنها المتمردون الحوثيون، انطلاقا من المناطق الخاضعة لسيطرتهم في اليمن على سفن تجارية في البحر الأحمر.

وبينما الصين لديها وجود عسكري محدود في الشرق الأوسط، فقد أنشأت الولايات المتحدة أخيرا تحالفا عسكريا انضمت إليه أكثر من 20 دولة لحماية حركة السفن في المنطقة.