سياسة
محمد، طبيب سوري يبلغ من العمر 38 عاماً، هرب من الحرب في بلاده وأعاد بناء حياته في ألمانيا. بفضل إصراره ومهارته، تجاوز تحديات تعلم اللغة الألمانية والتأقلم مع نظام صحي جديد، ليصبح أحد الأعضاء الأساسيين في فريق المستشفى الذي يعمل به.
محمد هو واحد من بين 6120 طبيباً سورياً أسهموا بشكل كبير في سد النقص في الكوادر الطبية في ألمانيا، حيث أنقذوا العديد من الأرواح وساعدوا في تخفيف الضغط على النظام الصحي، خاصة في المناطق الريفية التي تعاني من نقص حاد في الأطباء.
لكن مستقبل القطاع الصحي الألماني أصبح مهددا لو قرر أشخاص مثل محمد المغادرة، والعودة لبلدهم. فبعد سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر، عقب الهجوم الذي قادته المعارضة المسلحة، علّقت ألمانيا وعدة دول أوروبية قرارات اللجوء الخاصة بالسوريين مؤقتاً.
هذا التعليق أثار جدلاً كبيراً في البرلمان الألماني، حيث طالبت بعض المجموعات البرلمانية بوضع خطة عاجلة لإعادة اللاجئين السوريين، مع إعطاء الأولوية لترحيل من ارتكبوا جرائم أو فشلوا في الاندماج أو ظلوا بدون عمل لسنوات، بل حتى اقتُرِح تأجير طائرات وتقديم حوافز مالية تصل إلى 1000 يورو لكل لاجئ سوري يوافق على العودة طوعاً.
في ظل هذه الظروف، أعرب الدكتور ماتياس فوث، مدير مستشفى "هارزكلينيكوم" في ساكسونيا-أنهالت، عن مخاوفه من تأثير عودة الأطباء السوريين إلى بلادهم على النظام الصحي الألماني، موضحا أن غياب الأطباء السوريين سيخلق فجوة كبيرة في تقديم الرعاية الصحية، خاصة في المناطق الريفية. وأكد: "بدون هؤلاء الأطباء، لن تكون هناك قدرة كافية لتقديم الرعاية المناسبة".
هذا الجدل بين المطالبين بإعادة اللاجئين السوريين والخشية من فقدان كوادر طبية حيوية يضع ألمانيا أمام معضلة معقدة، ويثير تساؤلات حول الإسهامات الكبيرة التي قدمها الأطباء السوريون للنظام الصحي الألماني، والتداعيات الخطيرة التي قد تترتب على رحيلهم، خاصة في ظل الأزمات التي تواجه قطاع الرعاية الصحية.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة