"سنعود".. نازحو سوريا في لبنان يطوون الصفحة ويستعجلون العودة

لا يُخفي السوري محمد جاويش فرحته بعد إعلان وصول المعارضة المسلحة إلى قلب دمشق، مشيرا إلى أن المخاوف من نظام الحكم في سوريا قد انتهت مع انهياره، ويقول لبلينكس "لا نريد شيئا سوى العودة إلى بلدنا معززين مكرمين. صحيح أن الفوضى تعم سوريا لكننا سنعيد إعمارها مجددا وهي تنتظرنا".

يتحدث جاويش عن اشتياقه لمدينة حماة التي ينحدر منها، لكن مُنع من زيارتها منذ سنوات عديدة سكن خلالها في لبنان إبان اندلاع الحرب السورية عام 2011، يقول "حينما سمعت أن المعارضة استولت على حماة، سررت كثيرا وقلت إن المدينة ستعود إلى أهلها".

وتابع "كنت أتواصل مع أقربائي هناك بشكل مستمر ودائم. لمست لديهم مشاعر الفرح بعدما سمعوا بدخول دمشق، فالحرية التي حصلوا عليها لا تُقدر بثمن".

ما يقول جاويش يردده أيضا النازح السوري "أبو محمد" الذي يعيش في جبل لبنان منذ 10 سنوات تقريبا، قادما من درعا السورية، ويقول لبلينكس "الحياة خارج بلدك لا معنى لها. سنعود إلى بلادنا في أقرب وقت، وسنتحضّر لبداية حياة جديدة، فسوريا تنتظرنا".

مقابل النازحين الذين يرغبون بالعودة، هناك نازحون آخرون يسعون للبقاء في لبنان، فهؤلاء لا يستطيعون مغادرة البلاد لأن "حياتهم ترسخت هنا، ولديهم ارتباطات مهنية وعائلية مع لبنانيين".

تقول النازحة عدلة، التي فضلت عدم الكشف عن كامل هويتها، لبلينكس إنّ العودة إلى سوريا صعبة الآن، وتضيف "إن أردنا الرجوع، فماذا سنفعل هناك؟ مقومات الحياة غير متوافرة كما أن الاقتصاد متدهور. لذلك، فإننا نفضل البقاء في لبنان لأننا نتلقى المساعدات هنا".

من ناحيتها، تقول النازحة إيناس المحمد من حلب، إن عودتها الآن ستكون مؤجلة، مشيرة إلى أنّ كامل أفراد عائلتها يتواجدون في لبنان، ولا نية الآن للعودة طالما أن الأوضاع غير مستقرة، وتضيف "سيناريو العودة إلى سوريا مستبعد في الوقت الراهن، وأشعر أنه قد لا يحصل قريبا".

بدوره، يقول عُمر الهادي، 15 عاما، إنه لا يتذكر سوريا على الإطلاق، إذ جاء إلى لبنان عندما كان طفلا، ويضيف "لا أعتقد أنه بامكاني الرجوع إلى سوريا. فمع من أذهب؟ عائلتي هنا ولا تريد العودة، أعتقد أنه ينبغي عليّ الانتظار لسنوات عديدة قبل الرجوع إلى هناك".

يُعد لبنان من أبرز الدول العربية المُضيفة للنازحين السوريين، وتقدر السلطات فيه أن هناك أكثر من مليوني نازح سوري في البلاد.

وخلال حربه الأخيرة، عمد الطيران الإسرائيلي إلى قصف عدد من المعابر البرية مع سوريا وآخر ضربة طالت معبري جوسيه والعريضة كانت فجر الجمعة.

وحاليا، فإن المعبر الوحيد الذي يمكن العبور منه إلى سوريا هو معبر المصنع بشرق لبنان، علما أن إسرائيل قامت باستهدافه أيضا ثم أعيدَ تأهيله بعد إعلان وقف إطلاق النار مع إسرائيل يوم 27 نوفمبر الماضي.

ومن تاريخ 23 سبتمبر حينما وسعت إسرائيل هجماتها ضد لبنان ولغاية 26 نوفمبر 2024، وهو اليوم الذي سبق إعلان إتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، سجّل الأمن العام اللبناني عبور 396 ألفا و523 مواطناً سورياً و 244 ألفا و640 مواطناً لبنانياً إلى الأراضي السورية، وذلك وفق ما أعلنت لجنة الطوارئ الحكومية اللبنانية في بيان رسمي صادر يوم 29 نوفمبر.

وإبان الأحداث الأخيرة التي شهدتها سوريا وتحديدا بعد الاستيلاء على دمشق، يعتبر النائب في البرلمان اللبناني غسان عطالله أنَّ "حجة بقاء السوريين في لبنان، سقطت"، ويقول لبلينكس "في السابق، كانت الجهات الدولية تقول إن وجود النازحين في لبنان سببه مخاوف هؤلاء من نظام الأسد. أما الآن، فإن الأمور تبدلت وباتت هناك آفاق لحكم جديد. لهذا، فإن عودة النازحين يجب أن تكون قائمة".

عطالله المُنتمي إلى التيار الوطني الحر، المقرب من الحكومة السورية في مواقف عديدة، شدد على ضرورة اتخاذ الدولة اللبنانية إجراءات وتدابير لتنظيم عمليات دخول السوريين إلى لبنان، داعيا إلى إقفال الحدود والتعامل مع الوافدين السوريين ضمن القوانين اللبنانية المرعية الإجراء، ويتابع "يجب تنظيم عمليات الدخول، فالسوري العامل مرحب به ولا مشكلة معه، بينما يجب النظر في الفئات الأخرى من الوافدين السوريين لأن لبنان لم يعد يحتمل أزمة النزوح".

من ناحيته، يقول النائب في البرلمان اللبناني بلال عبدالله إن "الشعب السوري قال كلمته اليوم إذ كان يتوق للحرية وقد نالها".

وفي حديث مع بلينكس، ذكر عبد الله الذي ينتمي إلى الحزب التقدمي الإشتراكي، المناوئ للحكومة السورية، أن "عودة السوريين باتت متاحة لاسيما أن ما يظهر في سوريا هو عملية انتقال مسؤولة للسلطة، إذ لم تسقط الدماء بين السوريين، وتحديدا خلال الأحداث الأخيرة".