ملفات شائكة.. 3 "ألغام" تنتظر رئيس لبنان الجديد

في لبنان، انتخاب الرئيس يتم عبر مجلس النواب، أي البرلمان، وذلك بواسطة الاقتراع.

دستوريا، من أجل انتخاب رئيس، يجب أن ينال أحد المرشحين 86 صوتا من أصل 128 نائبا، وذلك خلال دورة انتخابية أولى، وفي حال لم يحصل هذا الأمر، يتم بدء دورة انتخابية ثانية وخلالها يجب أن ينال المرشح 65 صوتا ليكون رئيسا للبلاد.

حاليا، فإن الاسم الأكثر بروزا هو قائد الجيش العماد جوزيف عون، وتقول مصادر سياسية لبنانية لبلينكس إن هناك ضغطا "أميركيا-سعوديا" لاختياره رئيسا للبلاد، لكن هذا الأمر لم يؤت ثماره حتى الآن على صعيد الاتصالات السياسية، فالكتل النيابية في البرلمان منقسمة في ما بينها، وكل جهة تطرح اسما من ناحيتها.

"حزب الله" و"حركة أمل" التي يترأسها رئيس البرلمان نبيه بري، يطرحان اسم فرنجية، لكن الحزب قال إنه ليس لديه "فيتو" على قائد الجيش، في حين أن بري الذي يميل نوعا ما أيضا إلى ترشيح البيسري، يُعارض في المقابل انتخاب عون باعتبار أن الأمر يحتاج إلى تعديل للدستور اللبناني لأن الأخير موظف رسمي، ولا يمكن انتخابه عملا بالمادة 49 من الدستور اللبناني.

وللإشارة، فإن أي تعديل للدستور اللبناني يحتاج إلى 86 صوتا في مجلس النواب، وبالتالي إن لم يحصل هذا الأمر لا يمكن انتخاب عون رئيسا.

غير أن ثمة سابقة في العام 2008، حين انتخب مجلس النواب اللبناني قائد الجيش السابق، ميشال سليمان، رئيسا من دون تعديل الدستور، وذلك استنادا إلى دراسة قانونية قدمها الوزير السابق بهيج طبارة، تقول إنه في حال حصل المرشح على رصيد 86 صوتا من النواب، عندها يمكن انتخابه للرئاسة من دون إجراء تعديل دستوري، باعتبار أنه نفس العدد المطلوب لإجراء التعديل.

وقتها انتخب سليمان بـ118 صوتا من أعضاء مجلس النواب الـ128، أي أكثر من رصيد الـ86 صوتا المطلوب للتعديل الدستوري.

على صعيد آخر، فإن "التيار الوطني الحر"، يميل باتجاه طرح جهاد أزعور للرئاسة، بينما حزب "القوات اللبنانية" لم يحسم اسم مرشحه، فيما تقول مصادر بلينكس إنه تميل نوعا ما لقائد الجيش.

كتلة "اللقاء الديمقراطي" التي تمثل "الحزب التقدمي الاشتراكي" رشحت قائد الجيش، فيما لم تحسم أطراف المعارضة حتى الآن توجهات نوابها بشأن اسم محدد، علما بأن هناك انقسامات بين نوابها وكتلها العديدة حول تأييد قائد الجيش من عدمه.

أمام كل ذلك، فإنه ليس معلوما كم سيكون رصيد أي مرشح للرئاسة من الأصوات خلال الجلسة الانتخابية، ولهذا فإنّ الاتصالات السياسية بشأن جلسة الخميس لم تتوقف، وبالتالي فإن أجواءها غير معروفة.

النائب في البرلمان اللبناني بلال عبدالله قال لبلينكس إنّه ما من شيء واضح بشأن جلسة الخميس، مشيرا إلى أنّ الأمور ضبابية والمفاجآت مطروحة.

يوضح عبدالله أن هناك سيناريوهين متوقعين في حال لم يجر انتخاب رئيس من الدورتين الأولى والثانية، الأول يرتبط بإصرار رئيس مجلس النواب نبيه بري على إبقاء الجلسة مفتوحة، وبالتالي إقامة دورات انتخابية عديدة للوصول إلى رئيس، في حين أن السيناريو الآخر يرتبط بإمكانية إغلاق الجلسة ورفعها وبالتالي عدم حصول انتخاب.

بدوره، يتوقع المحلل السياسي سيمون أبوفاضل في حديثه مع بلينكس عدم انتخاب رئيس يوم الخميس، موضحا أنه في حال لم تُسفر الاتصالات عن تفاهمات واضحة فإنّ الجلسة الانتخابية لن تكون سهلة، بل ستشهد على "ألغام كثيرة" ومفاجآت قد تظهر على صعيد المرشحين.

بحسب محللين هناك 3 ملفات "أساسية ملغومة" تنتظر الرئيس المقبل وهي:

يقول الباحث والمحلل السياسي أمين قموية لبلينكس إن ملف اتفاق الهدنة بين لبنان وإسرائيل أساسي جدا خلال المرحلة المقبلة، موضحا أن الأساس يتمحور في كيفية استمرار تطبيقه وترسيخ القرار الدولي 1701 الذي يعتبر الأساس للهدنة وينص على حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، وتحديدا السلاح المرتبط بـ"حزب الله".

قمورية يؤكد أن المطلوب من رئيس الجمهورية المقبل هو تطبيق القرار 1701 الذي ينص على أن السلاح الوحيد المسموح به في لبنان هو سلاح السلطة الشرعية، معتبرا أن عدم تطبيق هذا القرار سيُقابل بضغط دولي كبير جدا لتطبيقه.

من ناحيته، يوضح المحلل السياسي سيمون أبوفاضل، أن معركة الرئيس المقبل تتصل بقدرته على تكريس القرار الدولي 1701 والحفاظ عليه، معتبرا أن "حزب الله" خسر ما يسمى بمفهوم "المقاومة"، لأنه لم يعد على تماس مع إسرائيل، عقب انسحابه إلى منطقة جنوب نهر الليطاني البعيدة عن الحدود بين لبنان وإسرائيل عملا باتفاقية الهدنة، وأضاف "المقاومة تتحقق حينما يكون الحزب على تماس مع إسرائيل وعند حدودها وداخل الأرض التي تحتلها، لكن هذا الأمر انتفى الآن بانسحاب حزب الله إلى جنوب الليطاني".

أبوفاضل قال إنّ البيان الوزاري للحكومة الجديدة بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لن يتضمن كلمة "مقاومة" التي طالب الحزب بتشريعها في الحكومات السابقة لضمان نفسه وتحركاته.

بالنسبة لقمورية، فإن الملف الثاني الأساسي يرتبط بعلاقة الرئيس المنتخب مع حزب الله. يقول إن الأخير يسعى للتعاطي بإيجابية مع المرحلة المقبلة بعد الانتكاسات التي أصيب بها، موضحا أن الحزب لا يقبل بـ"الاستفراد" به، وهذا الأمر يُترجم بخطاباته.

في المقابل، يلفت قمورية إلى أن رئيس الجمهورية لا يمكن أن يستسهل المواجهة مع "حزب الله"، معتبرا أن هذا الأمر قد يقود إلى نزاع كبير في لبنان ما يدخل البلاد في المجهول.

من ناحيته، يقول أبوفاضل إن موضوع سلاح حزب الله هو نقطة الخلاف الأساسية، مشيرا إلى أن التساؤلات ستدور لاحقا حول ما إذا كان حزب الله سيقبل بتسليم سلاحه إلى الجيش اللبناني بعد كل الخسائر التي مُني بها، وأضاف "الحزب خسر أوراقا كثيرة ووجود سلاحه في منطقة شمال نهر الليطاني يطرح تساؤلات عن مبررات الحاجة إليه بعدما بات بعيدا عن الحدود مع إسرائيل. عمليا، فإن الأمور هذه بحاجة إلى تفاهمات ومن المفترض الحديث عنها في العهد الجديد للرئيس المقبل خصوصا أن تطبيق القرار 1701 الذي يحصر شرعية السلاح بالدولة يشمل كل لبنان وليس فقط في جنوب نهر الليطاني كما يقول حزب الله".

وللإشارة، فإن نهر الليطاني يمثل الخط الفاصل بين ما يُعرف بمنطقة جنوب الليطاني التي تشمل بلدات وقرى لبنانية كثيرة محسوبة على "حزب الله" وتبعد مسافات متفاوتة عن الحدود بين لبنان وإسرائيل، وبين منطقة شمال الليطاني التي تضمّ بلدات لبنانية محسوبة أيضا على الحزب.

والقرار 1701 يشمل منطقة جنوب الليطاني ويدعو إلى أن تكون مجرّدة من السلاح غير الشرعي، وتحديدا سلاح "حزب الله".

فعليا، فإن العلاقة بين لبنان وسوريا دخلت مرحلة جديدة بعد سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد يوم 8 ديسمبر الماضي.

منذ سبعينيات القرن الماضي ولغاية العام 2005، كان لبنان محكوما بـ"وصاية" النظام السابق عليه، فالقوات السورية كانت موجودة في لبنان كما أن دمشق كانت لاعبا أساسيا في السياسة اللبنانية، في حين أنّ رئاسة الجمهورية كانت تمر من خلالها إلى حين خروجها من لبنان عام 2005 إثر اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري.

والآن، وبعد سيطرة الفصائل المسلحة على الحكم في دمشق، أصبح لبنان أمام نظام جديد يستوجب عليه التعامل معه. فكيف سيتعاطى الرئيس الجديد مع هذا الأمر؟

يعتقد قمورية أن الحديث عن علاقة لبنان بسوريا في الوقت الحاضر يحتاج إلى بعض التريث، لاسيما أنه ليس معروفا حتى الآن شكل الحكم الجديد في سوريا، وأضاف: "الموضوع بحاجة إلى مراقبة لمعرفة شكل سوريا الجديدة، فالحكومة هناك انتقالية في حين أن الإدارة الجديدة تتحدث عن أن تنظيم انتخابات جديدة في سوريا، يحتاج لـ4 سنوات".

ما قاله قمورية يؤيده أبوفاضل، مشيرا إلى أن الصورة في سوريا غير واضحة حتى الآن، ويضيف: "ما يجري حاليا هو أن لبنان يُطبع العلاقات مع سوريا التي قالت إنها تريد فتح صفحة جديدة من خلال عدم التدخل في شؤونه مثلما كان يفعل النظام السابق. وأكبر دليل على التطبيع هو الحديث الأخير عن نية رئيس الحكومة نجيب ميقاتي التوجه إلى سوريا لزيارتها".

أبوفاضل قال إن "مصلحة سوريا الآن هي في ترميم وضعها الداخلي"، مشيرا إلى أن لبنان سينتظر ويراقب هذا الأمر علما أن مصلحته تقتضي أن تكون هناك علاقات جيدة مع سوريا ومن مسؤولية رئيس الجمهورية التمهيد لهذه العلاقة التي يجب أن تكون قائمة على الود والاحترام المتبادل بعد تشكيل الدولة الجديدة هناك.