حذرت الاستخبارات الدنماركية في تقييم نشرته في 9 فبراير من أن روسيا قد تكون مستعدة لشن حرب واسعة النطاق في أوروبا خلال 5 سنوات إذا رأت الناتو ضعيفا، مشيرةً إلى أن موسكو ستكون أكثر ميلاً لاستخدام القوة العسكرية ضد دولة أو أكثر من دول الحلف الأوروبية في حال ضعف التحالف عسكريًا أو انقسامه سياسيًا.
في ذات السياق، خرج وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، الأربعاء 12 فبراير، بتصريح تبنى فيه وجهة النظر الروسية بشأن أوكرانيا قائلا إن "العودة إلى حدود أوكرانيا ما قبل العام 2014 وعضوية كييف في الناتو، أمر غير واقعي".
مؤكدا خلال اجتماع لداعمي كييف في بروكسل "لكي نكون واضحين، كجزء من أي ضمان أمني، لن يتمّ نشر قوات أميركية في أوكرانيا".
تتوافق هذه التصريحات مع تأكيدات الوكالة بأن روسيا تعمل على تعزيز قدراتها العسكرية استعدادًا لاحتمال نشوب حرب ضد الناتو، خاصة إذا اعتقدت أن الولايات المتحدة غير راغبة في دعم الحلفاء الأوروبيين في مواجهة موسكو.
في هذا السياق، تكتسب القرارات التي قد يتخذها الرئيس الأميركي دونالد ترامب أهمية حاسمة، حيث صرّح خلال مقابلة مع فوكس نيوز بأن إدارته حققت "تقدما هائلا" في تمهيد الطريق لمحادثات سلام محتملة بين روسيا وأوكرانيا.
ومساء الأربعاء، قال ترامب إنه بحث خلال اتصاله مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، بدء مفاوضات إنهاء الحرب في أوكرانيا على الفور، وبدء الفرق المعنية المفاوضات. وأشار ترامب إلى أنه سيبلغ نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي "فورا" بالمكالمة الهاتفية مع بوتين.
من جهته أبلغ بوتين ترامب بأنه منفتح على "حل بعيد المدى" عبر "مفاوضات سلام".
وبالتزامن مع ذلك، كشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن شخصيات بارزة من إدارة ترامب ستزور أوكرانيا هذا الأسبوع قبل مؤتمر ميونيخ للأمن في ألمانيا، حيث من المقرر أن يلتقي زيلينسكي مع نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس.
في ظل هذه المعطيات، تزداد تساؤلات ومخاوف القادة الأوروبيين حول المسار الذي سيتبناه ترامب في التعامل مع هذا الصراع.. فما هي السيناريوهات المحتملة التي كشف عنها التقييم الدنماركي؟ وما هي مواقف القادة الأوروبيين بشأن قرارات الولايات المتحدة في حل الأزمة الروسية-الأوكرانية؟
اعرف أكثر
طرحت الاستخبارات الدنماركية في تقييمها للتهديد الروسي 3 سيناريوهات محتملة في حال توقف الصراع في أوكرانيا أو تجميده.
ووفقًا للتقييم، الذي أنجز انطلاقًا من فرضية أن روسيا لا تمتلك القدرة على خوض حرب مع عدة دول في الوقت نفسه و باعتبار أن حلف الناتو لم يرفع من قدراته الدفاعية، فإن روسيا ستكون قادرة على شن حرب محلية مع دولة مجاورة خلال 6 أشهر، بينما قد تتمكن خلال عامين من شن حرب إقليمية في منطقة بحر البلطيق. أما في غضون 5 سنوات، فقد تتمكن من شن هجوم واسع النطاق على أوروبا، شريطة عدم تدخل الولايات المتحدة.
توقعات الاستخبارات الدنماركية يؤكدها تقرير نشره المجلس الأطلسي والذي يفيد بأنه إذا خرجت روسيا منتصرة من الحرب، فإن ذلك سيرفع من احتمال نشوب حروب أخرى في أوروبا وسيشجع دول مثل الصين وإيران وكوريا الشمالية على الدخول في صراعات مع دول معادية لها. إضافة إلى أن الانتصار الروسي سيضعف بشكل كبير مصداقية الناتو ويقوض وحدة المجتمع عبر الأطلسي.
يتوجس القادة الأوروبيون من احتمال سحب الولايات المتحدة دعمها لكييف، ما قد يضعها أمام خيار قسري لقبول تسوية سلام مع روسيا، وذلك في ظل افتقارها للأسلحة اللازمة للدفاع عن نفسها، حسب موقع يوراكتيف.
ويفيد خبراء في المجلس الأطلسي أن القادة يتخوفون كذلك من سيناريو فرض سلام غير عادل وغير مستقر على أوكرانيا، حيث قد يدفع كييف إلى تقديم تنازلات لموسكو مقابل إنهاء القتال، وهو ما قد يهدد سيادة أوكرانيا على المدى الطويل.
كما يضاعف من حدة قلق القادة تصريح دونالد ترامب عام 2024، حيث أعلن أنه سيشجع روسيا على مهاجمة أي دولة عضو في الناتو لا تفي بالتزاماتها المالية.
وفي هذا السياق، عبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في يناير 2025 أمام مجموعة من السفراء تخوفه من الظهور في موضع "ضعف"، مؤكدا: " إذا قررنا أن نكون ضعفاء ومستسلمين، فهناك احتمال ضئيل بأن نحظى بالاحترام من قبل الولايات المتحدة في عهد الرئيس ترامب".
أثار الرئيس الأميركي دونالد ترامب جدلًا واسعًا بعدما صرّح بأن "أوكرانيا قد تصبح روسية يوما ما"، مما يطرح تساؤلات حول مستقبل دولة لطالما دافعت عن نفسها بدعم غربي على مدار ما يقرب 3 سنوات.
وقال ترامب "قد يبرمون صفقة، وقد لا يبرمونها. قد تصبح أوكرانيا روسية يوما ما، أو قد لا تصبح كذلك"، مشيرا في الوقت ذاته إلى رغبته في رؤية عائد استثماري من المساعدات الأميركية لكييف، حيث أعاد طرح فكرة المقايضة على المعادن الأرضية النادرة التي تمتلكها أوكرانيا.
من شأن هذه التصريحات أن تثير ارتياح الكرملين، الذي ضمّ 4 مناطق أوكرانية منذ بدء الحرب، ويسعى إلى فرض سيطرته الكاملة على البلاد.
في هذا الشأن، علق المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف على تصريحات ترامب قائلًا: "جزء كبير من أوكرانيا يريد أن يصبح جزءا من روسيا، والحقيقة أن ذلك قد تحقق بالفعل".
وكانت موسكو قد أجرت في عام 2023 استفتاءً في 4 مناطق، دونيتسك ولوهانسك وزابوريجيا وخيرسون، في محاولة لإضفاء الشرعية على ضمها، وهو ما وصفه المراقبون الدوليون آنذاك بأنه مجرد دعاية سياسية. وأكد بيسكوف أن سكان هذه المناطق "وقفوا في طوابير رغم المخاطر للتصويت لصالح الانضمام إلى روسيا"، معتبرًا أن ذلك يتماشى مع ما قاله ترامب بشأن مستقبل أوكرانيا.