سياسة

مروان البرغوثي… الاسم الذي قد ينسف الصفقة

نشر
blinx
في أعقاب الإعلان عن التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وصفقة شاملة لتبادل الأسرى والرهائن، برز اسم مروان البرغوثي كأكبر عقدة سياسية قد تهدد استقرار الاتفاق وتفتح الباب أمام أزمة تفاوضية جديدة.
فبينما اعتبرت حماس إدراج اسمه في الصفقة انتصاراً سياسياً وتاريخياً يعزز موقعها بعد الحرب، ترى إسرائيل في هذه الخطوة تهديداً استراتيجياً يطال توازنات المشهد الفلسطيني برمّته.
إذ تعتبر تل أبيب أن الإفراج عن البرغوثي يعني إطلاق شخصية قادرة على توحيد الصف الفلسطيني وبناء قيادة بديلة أكثر شعبية، في وقت تسعى حكومة بنيامين نتنياهو إلى منع أي مسار سياسي يمكن أن يعزز فكرة الدولة الفلسطينية.
وقالت متحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية، الخميس، إن مروان البرغوثي لن يكون ضمن المفرج عنهم.
ومع تصاعد الجدل الداخلي في إسرائيل والاحتفاء في الأوساط الفلسطينية، بات واضحاً أن صفقة التبادل التي وُصفت بالتاريخية لم تضع نهاية لكل العقد، بل فجّرت واحدة من أكثر القضايا حساسية: هل يمكن أن يصمد الاتفاق في ظل هذا الخلاف على اسم واحد؟

قوائم الأسرى.. من القيادات التاريخية إلى الأسماء شديدة الحساسية

كشف مسؤولون في حماس أن المفاوضين من الجانبين تبادلوا قوائم بأسماء السجناء والرهائن، في إطار محادثات وقف إطلاق النار الجارية في مصر.
وترتكز المطالب الفلسطينية على إطلاق سراح نحو 250 مسجونا من المحكومين بالسجن المؤبد، إلى جانب 1700 معتقل من سكان غزة أُوقفوا منذ هجمات 7 أكتوبر 2023، بمن فيهم النساء والأطفال، إضافة إلى تسليم جثامين 15 فلسطينياً مقابل كل رهينة إسرائيلية متوفاة.
لكن ما يجعل هذه القائمة حساسة إلى هذا الحد، حسب شبكة سي إن إن، هو إدراج أسماء شخصيات سياسية وأمنية بارزة، ظلت إسرائيل ترفض الإفراج عنها منذ سنوات طويلة. ومن بين هذه الأسماء:
  • عبدالله البرغوثي: محكوم بـ67 مؤبداً لدوره في إعداد الأحزمة الناسفة لهجمات انتحارية في 2001 و2002.
  • إبراهيم حامد: القائد الأعلى السابق لكتائب القسام في الضفة، محكوم بـ54 مؤبداً لتدبير هجمات أودت بعشرات الإسرائيليين.
  • حسن سلامة: محكوم بـ48 مؤبداً، اتُّهم بتدبير موجة تفجيرات انتحارية عام 1996.
  • مروان البرغوثي: القيادي البارز في حركة فتح، المحكوم بـ٥ مؤبدات، ويُعد أبرز رمز سياسي فلسطيني قابع في السجون الإسرائيلية.
  • أحمد سعدات: زعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، محكوم بالسجن 30 عاماً بتهم تتعلق بالعمل المسلح.
وإلى جانب هؤلاء، تطالب حماس أيضاً بإعادة جثامين بعض قادتها الذين قتلوا في الحرب، وعلى رأسهم يحيى ومحمد السنوار، اللذان قادا الحركة ميدانياً في غزة قبل مقتلهما، وهما رمزان يمثلان ثقلاً معنوياً كبيراً داخل الحركة.

لماذا تصر حماس على إدراج البرغوثي في الصفقة؟

تشير التقارير إلى أن مروان البرغوثي ليس معتقلا عادياً حيث وُصف منذ سنوات بـ"نيلسون مانديلا الفلسطيني"، باعتباره الزعيم القادر على توحيد الصف الفلسطيني وإعادة صياغة العلاقة بين الفصائل، وعلى رأسها فتح وحماس.
سُجن منذ أكثر من عقدين، لكنه ما زال يحظى بشعبية واسعة، إذ تشير استطلاعات الرأي التي أجراها مركز الدراسات الفلسطيني برئاسة خليل الشقاقي إلى أنّه الشخصية الأكثر شعبية بين الفلسطينيين، وأنّه قادر على الفوز بنسبة لا تقلّ عن 60% من أصوات الناخبين في أي انتخابات رئاسية محتملة.
يرى كثيرون أنّ البرغوثي هو الزعيم الوحيد القادر على إنهاء الانقسام، وأنّه يمثّل نموذجاً نادراً لزعيم وطني.
وبحسب الشقاقي، فإنّ البرغوثي يُنظر إليه بوصفه "رجل دولة واقعي، لكنّه مفاوض صلب يمكنه التوصل إلى تسوية حقيقية مع إسرائيل على أساس حل الدولتين"، حسب ما نقلته صحيفة تايمز أوف إسرائيل.
ولذلك، فإن الإفراج عنه لن يكون مجرد بند إنساني في صفقة تبادل أسرى، بل حدثاً سياسياً من شأنه إعادة تشكيل الخريطة الفلسطينية بالكامل، وخلق قيادة بديلة قد تهز موقع الرئيس محمود عباس الذي يعاني من أزمة شرعية متصاعدة.

العقدة الإسرائيلية.. خوف من تكرار سيناريو السنوار

في المقابل، ترى إسرائيل أن الإفراج عن البرغوثي سيعني إطلاق الزعيم الفلسطيني الأقدر على توحيد الفصائل وفرض مسار سياسي جديد لا تريده حكومة بنيامين نتنياهو. فقد عبّر رئيس الوزراء الإسرائيلي مراراً عن رفضه لفكرة قيام دولة فلسطينية مستقلة، وعمل على إضعاف السلطة الفلسطينية طوال سنوات حكمه.
كما أن تجربة يحيى السنوار، الذي أُفرج عنه في صفقة شاليط عام 2011، لا تزال حاضرة بقوة في الوعي الإسرائيلي. فبعد الإفراج عنه، أصبح السنوار أحد أبرز قادة حماس ومهندس هجوم 7 أكتوبر 2023، وهو ما جعل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تعتبر الإفراج عن رموز سياسية من هذا الوزن مغامرة خطيرة.
ويزيد من تعقيد المشهد أن وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير حصل على تطمينات من نتنياهو بأنه لن يتم إطلاق أي من "الرموز" في أي صفقة، في إشارة ضمنية إلى البرغوثي. وهو ما أكده أيضاً نجل الأسير، عرب البرغوثي، في مقابلة مع سي إن إن، قائلاً إن "نتنياهو لا يريد شريكاً للسلام".

بين رمزية الأسرى وهشاشة التفاهمات

تدرك الأطراف كافة أن إدراج البرغوثي في أي صفقة سيغيّر قواعد اللعبة، إذ قد يفتح الإفراج عنه الباب لمرحلة سياسية فلسطينية جديدة، لكنه في الوقت نفسه قد يدفع إسرائيل إلى تعطيل الاتفاق أو فرض شروط معقدة تعرقل تنفيذه. وفي المقابل، فإنّ استبعاده من الصفقة قد يدفع حماس إلى التشدد أو حتى تعطيل المفاوضات.
كما أنّ إعادة جثامين قادة حماس إلى غزة، إلى جانب الإفراج عن أسرى ذوي رمزية كبيرة، قد يُنظر إليها في إسرائيل على أنها تنازل استراتيجي كبير، وهو ما يجعل الحكومة تحت ضغط سياسي داخلي من المعارضة ومن عائلات الرهائن الإسرائيليين.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة