بينما لم يفز ترامب بنوبل.. المهاجرون يحصدونها في العلوم
خسر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، سباق جائزة نوبل للسلام بعد أن قررت اللجنة النرويجية منح الجائزة لزعيمة المعارضة الفنزويلية، ماريا كورينا ماتشادو. وكان ترامب يأمل أن يُكافأ على دوره في اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، وهو ما اعتبره أنصاره إنجازاً تاريخياً يستحق إعادة تسمية الجائزة باسمه.
لكن اللجنة أرسلت قبل الإعلان إشارات واضحة بأن حملته العلنية للضغط من أجل الفوز قد أثارت امتعاضها، إذ قال نائب رئيس اللجنة، أسلي تويه، إن "هذه الحملات غالباً ما يكون تأثيرها سلبياً أكثر من إيجابي". وهكذا انتهى رهان ترامب، الذي كان سيجعله خامس رئيس أميركي ينال الجائزة.
وفي وقت خسر الرئيس الأميركي معركته الرمزية على جائزة السلام، كان مهاجرون من قارات مختلفة يصعدون منصة نوبل في ستوكهولم، ليس في السياسة بل في العلوم. فقد شكّل العلماء المهاجرون هذا العام نحو نصف الفائزين الأميركيين بجوائز نوبل العلمية، في مشهد يكرّس حقيقة أنّ من بين من يقود التفوق الأميركي في المختبرات ليس الخطاب السياسي بل حركة العقول المهاجرة التي باتت جزءاً محورياً من القوة العلمية للولايات المتحدة.
هجرة العقول.. 30٪ من الفائزين منذ عام 2000 مهاجرون
وفقاً لتقرير نشرته مجلة
نيتشر، فإن أكثر من 30٪ من العلماء الذين فازوا بجوائز نوبل في الفيزياء والكيمياء والطب منذ عام 2000 هم مهاجرون تركوا بلدانهم الأصلية قبل تحقيق إنجازهم العلمي الحاسم. وغالباً ما تكون الولايات المتحدة الوجهة المفضلة لهؤلاء الباحثين، إذ استقر 41 من أصل 63 فائزاً مهاجراً هناك وقت الإعلان عن الجائزة.
ويشير الخبير الاقتصادي إينا غانغولي إلى أنّ "الموهبة يمكن أن تولد في أي مكان، لكن الفرص ليست موزعة بالتساوي"، موضحاً أنّ المراكز البحثية الكبرى هي التي تملك القدرة على جذب العقول الاستثنائية.
وتشير البيانات إلى أن الفيزياء تسجل النسبة الأعلى من المهاجرين بين الفائزين (37٪)، تليها الكيمياء (33٪) ثم الطب (23٪).
الولايات المتحدة.. المستفيد الأكبر من تدفّق العلماء المهاجرين
بحسب تقرير نشرته صحيفة
وول ستريت جورنال، شكّل المهاجرون نصف الفائزين الأميركيين بجوائز نوبل في مجالات العلوم لعام 2025، من بينهم ميشيل ديفوريت القادم من فرنسا، وجون كلارك من المملكة المتحدة، وعمر ياغي من الأردن.
كما أوضح تقرير لمجلة
فوربس أن المهاجرين حصلوا على 40٪ من جوائز نوبل التي فاز بها علماء أميركيون منذ عام 2000، وهي نسبة تعكس الدور المركزي للهجرة في ترسيخ التفوق العلمي للولايات المتحدة على مدى عقود.
بين "الاستيراد" و"التصدير".. خريطة عالمية جديدة للابتكار
ووفقاً لتحليل نشرته مجلة
ذي إيكونوميست، تُعد الولايات المتحدة أكبر مستفيد من ظاهرة "استيراد العقول" العلمية، إذ حصدت 304 جوائز نوبل علمية لأبحاث أُنجزت على أراضيها، بينما 30٪ فقط من هذه الجوائز ذهبت إلى باحثين وُلدوا داخل الولايات المتحدة. في المقابل، سجّلت دول مثل بولندا وألمانيا وفرنسا واليابان هجرة أعداد كبيرة من علمائها إلى الخارج، فيما باتت أوروبا مزيجاً بين كونها منتجاً للعقول ومصدّراً لها.
وتحذر تقارير علمية من أنّ القيود الجديدة على الهجرة في الولايات المتحدة قد تُضعف تدفق الباحثين الدوليين وتحدّ من قدرتها على الحفاظ على مكانتها العلمية مستقبلاً.
ومن بين أبرز القصص اللافتة، قصة العالم عمر ياغي الذي وصل إلى الولايات المتحدة من الأردن في سن الـ١٥ كلاجئ، ونجح في اقتناص جائزة نوبل للكيمياء لعام 2025 عن تطوير هياكل جزيئية يمكن استخدامها في التقاط الغازات وتوظيفها في تطبيقات بيئية متقدمة.